بعد توزيع القوات الروسية مساعدات غذائية، صُدم بعض سكان بلدة عرى، عندما علموا أن المساعدات الغذائية قد انتهت صلاحيتها بعد تسليمها للمجتمعات المحلية في منطقة السويداء، جنوب سوريا، قبل يومين.

بين حين وأخر، توزع القوات الروسيّة مساعدات غذائية، في عموم المحافظات السوريّة الخاضعة لسيطرة الحكومة، وغالبا ما يكون مصدر تلك المساعدات، جمعيات خيرية روسية وسورية، ويشرف الجيش الروسي على توزيعها، ضمن سياسة تهدف إلى كسب تعاطف السوريين.

ما القصة؟

في هذا السياق، ذكر موقع “السويداء 24” المحلي، اليوم الأحد، أن الجنود الروس قدموا أكثر من ألف سلة غذائية للسكان المحليين يوم الخميس الماضي، في كنيسة، بلدة عرى، الواقعة في ريف السويداء الغربي، وتضمنت السّلل موادا غذائية منتهية الصلاحية، وتحديدا عبوات الحليب المكثف.

وبحسب إحدى العائلات التي حصلت على سلة غذائية، شملت أيضا الحليب المكثف وكميات صغيرة من الأرز، والطحين، والأطعمة المعلبة، تم اكتشاف تاريخ انتهاء صلاحية الحليب المكثف منذ حوالي شهر، من خلال ترجمة الكلمات المكتوبة على العبوة باللغة الروسية.

وعلى مجموعات فيسبوك، في بلدة عرى، تم تبادل صور عبوات الحليب المكثف التي قدمها الجنود الروس. ويبدو أن تاريخ الإنتاج هو شهر آب/أغسطس 2020، وانتهاء صلاحيته يقع بعد 24 شهرا، أي قبل أكثر من شهر بقليل، وكان المدوّنون من المجتمع المحلي، قد أصدروا تحذيرا للأسر التي حصلت على السلع، ونصحوهم بعدم إعطائها لأبنائهم.

“لستم حلفاء”

دائما ما تحاول روسيا، الترويج على أنها جاءت من أجل إعادة “السلام” إلى البلاد ومساعدة الشعب السوري، ولكن ما يحدث على أرض الواقع غير ذلك، إذ أنها دخلت من أجل الاستحواذ على الموانئ السوريّة، والكثير من منابع الثروات، كالفوسفات والغاز والنفط، وفقا لحديث الصحفي، رامي سلوم، لـ”الحل نت”.

وبحسب ما رصده “الحل نت”، على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن غضبا واسعا أثارته القوات الروسية، بعد توزيعها لمواد غذائية منتهية الصلاحية، حيث كتبت نسرين الأحمد، “الله لا يكثر خيرهن، السوريين مش بحاجة معوناتهن الفاسدة، السوريين بحاجتهن يبعثولنا ناقلات الغاز وينقلونا من العتمة إلى النور ساعتها بصيرو حلفاء عن جد”.

من جهته، قال شاهين المنحدر من مدينة السويداء، “إذا كان الشعب الروسي نفسو شحاد وعايش على المساعدات الأوروبية والأمريكية شو ناطرين من محتل للبلد يجبلكون لبن العصفور يعني، أهم شي القيادة بخير”.

أما فادي التقي، فيرى أنه “عندما يتلقي شعب مساعدات من دولة كروسيا فاعلم بأننا دولة منهارة اقتصاديا وعزتنا مشكوك فيها”.

قوى روسيا الناعمة في سوريا

لطالما نظرت روسيا إلى تقديم المساعدة، كأداة للسياسة الخارجية لإصلاح صورتها كقوة مهيمنة وذات مصداقية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. منذ عام 2007، نصت السياسة الرسمية على أن المساعدة كانت تستخدم “لتقوية مصداقية روسيا، وتعزيز موقف غير متحيز للاتحاد الروسي في المجتمع الدولي”. قام خبراء السياسة الروس بتحديث هذا الموقف فيما يتعلق بسوريا، وسلطوا الضوء على أن النشاط الإنساني الروسي في سوريا، يهدف إلى تحسين صورة روسيا في الشرق الأوسط.

من خلال نظامها الإيكولوجي للمساعدات، أنشأت روسيا أداة رئيسية للقوة الناعمة في سوريا، أداة مغلقة وخالية من التأثير الخارجي. على سبيل المثال، الكيانات المساعدة الروسية ليست جزءا من إطار تنسيق الشؤون الإنسانية الذي تقوده الأمم المتحدة في سوريا.

كما أنهم لا يخضعون لنفس القواعد الصارمة المطبقة على نظرائهم الإنسانيين الغربيين، مثل الحاجة إلى التسجيل رسميا لدى النظام، أو الشراكة مع المنظمات غير الحكومية السورية المحلية لتوزيع المساعدات. كما أن روسيا لا تشارك عادةً مع الأمم المتحدة أو الصليب الأحمر الدولي، أو المانحين الدوليين.

وبدلا من ذلك، خلقت تصرفات روسيا تصورا خاطئا خطيرا حول انتشار المساعدات في سوريا أكثر مما هي عليه في الواقع، وكما أنها تستخدم المساعدات الإنسانية للترويج لوجهة نظر إيجابية عن تدخلها في سوريا، وإلى صرف الحقائق عن قوتها العسكرية الصارمة والمدمرة، وأيضا لتعزيز نفوذها لدى الحكومة السورية.

الجدير ذكره، أن روسيا من خلال شبكة مكونة من ثلاث عشرة منظمة على الأقل، تطور نفوذها في القطاع الإنساني في سوريا بشكل مطّرد منذ عام 2016. بعض هذه المنظمات، مثل “البعثة الإنسانية الروسية” و”الكنسية الأرثوذكسية”، لها علاقات وثيقة مع الدولة الروسية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.