وجود الفساد في سوريا، بات من المسلمات البديهية المعروفة، ومادة تستهلكها الدراما السورية بشكل دوري، ولكن عند مناقشة الناس له، لا يستطيعون فهم فداحة المشكلة وحجم الأموال المهدورة بسبب عدم وجود إحصائيات دقيقة، وربما الحديث عن مليار ليرة سورية كضحية للفساد في الإحصاءات الرسمية مستتر وراءها 10 مليارات لم يتم اكتشافها، أو تم التكتم عنها.

مبدأيا.. 64 مليار ليرة

في هذا الإطار، قال الصحافي السوري المتخصص في الشؤون الاقتصادية، زياد غصن، بحسب ما نقله موقع “الليرة السورية” المحلي، أمس السبت، إن غالبية السكان السوريين باتوا على دراية بمؤشرات الفساد في البلاد بسبب حجمها الذي يُعتقد أنه يقدر بعشرات المليارات.

ووصلت قيمة ما كُشف عنه من فساد نتيجة التحقيقات التي أجراها مفتشو منظمتين تنظيميتين لمكافحة الفساد في عام 2021، إلى نحو 64 مليار ليرة سورية، وفقا لإحصائيات التّتبع السنوية للمؤسستين التنظيميتين.

وهذه الـ 64 مليار ليرة، منها 42 مليار ليرة سورية، نتيجة تحقيقات الجهاز المركزي للرقابة والتفتيش، و22 مليار ليرة سورية، نتيجة تحريات الجهاز المركزي للرقابة المالية، لا تمثل سوى 0.75 في المئة، من إجمالي مخصصات الميزانية العامة للدولة للسنة المعنية.

الرقم أعلى بكثير

تعليقا على هذه الإحصاءات، شكك غصن، في برنامجه “منحكي اقتصاد”، بصحة هذه التقارير، متسائلا: “هل يعني ذلك أن إنفاق أموال الموازنة على تنفيذ مشاريع عبر مناقصات، وتعهدات، ولجان شراء كان خاليا لهذه الدرجة من الفساد؟”.

ولفت الصحفي السوري، إلى أن غالبية الأرقام غير الرسمية تتفق مع الرأي القائل، إن الفساد يشكّل ما بين 20 و25 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي، إلا إن البعض يقول إنه قد يصل إلى 30 بالمئة.

وفي ضوء حقيقة أن الفساد لا يشكل سوى 20 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2020، فهذا يعني أن قيمة الأموال المهدورة بالفساد داخل سوريا، وصل إلى 3450 مليار ليرة سورية.

وقال غصن، “هذا الرقم لا يبدو كبيرا مقارنة بالعديد من المؤشرات، كنسبة القطاع غير المنظم، والثروة الجديدة التي تكونت خلال سنوات الحرب، ونسبة الأفراد العاملين في شركات غير مشروعة والأموال التي تدفقت من الخارج، كما إن ما جرى اكتشافه من تجاوزات ومخالفات على المال العام لا يشكل سوى ما نسبته 1.8 بالمئة، من تقديرات الحجم الحقيقي للفساد”.

وبرأي غصن، فإن الحل لن يتحقق بالمزيد من بالتنظير والاجتماعات، إنما يحتاج لإرادة حقيقية تسمح بفتح معركة ضد الفساد والفاسدين والاستمرار فيها حتى النهاية.

الفساد محمي؟

في تقرير مؤشر الفساد لعام 2021، خلُصت منظمة الشفافية الدولية، إلى أنّ سوريا ظلت محافظة على المرتبة 178 بتراجعها 12 درجة عن عام 2012، وهي في ذيل القائمة، بينما تشير الأخبار القادمة من داخل البلاد إلى أنّ جهود دمشق، في فرض الحوكمة على مؤسساتها غائب تماما.

وكثير من الأسئلة التي تدور في بال المواطن السوري حول ملفات فساد عديدة في سوريا، لا سيما وأنّ نهج الحكومة في كل تصريحاتها هو محاربة الفساد. ولكن لماذا تقلّ حالات محاربته ومكافحته؟ ولماذا يكتفى بالإقالة؟ وما علاقة السياسة بين عمليتَي المكافحة والإقالة؟

طبقا لتقرير المنظمة، فإن الاستخدام الفاسد للروابط الشخصية في سوريا المعروفة باسم “الواسطة”، يعزز عدم المساواة في جميع أنحاء المنطقة. وفقا لمقياس الفساد العالمي، دفع واحد من كل خمسة مواطنين في سوريا رشوة، واستخدم أكثر من واحد من كل ثلاثة اتصالات شخصية لتلقي الخدمات العامة الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية.

وبحسب تصريحات سابقة لـ”الحل نت”، يرى مراقبون أنه رغم الحملات التي تطلقها الحكومة السورية، والتي يراها المواطنون أنّها شكلية ولم يلتمس الشارع نتائجها، إلا أنّ ما جرى من حجز احتياطي لأموال الفاسدين بنظر السلطات السورية، لم تأتي إلا لرفد الخزينة العامة نتيجة انخفاض سعر الليرة السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.