مع استمرار الأزمة السياسية في البلاد، وانتهاء مراسيم زيارة “أربعينية الإمام الحسين”، يدور الحديث حول عقد جلسة البرلمان العراقي مجددا، وقدرة “الإطار التنسيقي” على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

“الإطار التنسيقي” الذي يضم القوى السياسية الشيعية باستثناء “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، أعلن مؤخرا، عن عزمه عقد جلسة البرلمان بعد جمع تواقيع أكثر من 190 نائبا.

“الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني، و”تحالف السيادة” برئاسة محمد الحلبوسي، أكدوا في 11 من أيلول/سبتمبر الجاري، على عدم موافقتهم على الانسحاب من البرلمان، بعد دعوة وجهت لهم من الصدر؛ حيث اعتبرت خطوة بارزاني والحلبوسي، بمثابة إعلان انتهاء “التحالف الثلاثي” مع الصدر، والذي سحب نوابه من البرلمان وقرر الانسحاب الكلي من العملية السياسية.

اقرأ أيضا: مغازلة سياسية للتظاهرات العراقية المرتقبة

يبدو أن الأمور متجهة للتصعيد مجددا بين “الإطار التنسيقي” و”التيار الصدري”، حيث من المتوقع أن يعود أنصار الصدر للتظاهر، في ظل إصرار الإطار على المضي بتشكيل الحكومة وتسمية محمد السوداني رئيسا لها.

هناك عدة سيناريوهات مطروحة أمام ملف تشكيل الحكومة الجديدة، بحسب حديث الكاتب والمحلل السياسي محمد الجبوري، لـ “الحل نت”، يتمثل السيناريو الأول في إقناع زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، بالموافقة على عقد جلسة البرلمان المقبلة، وأن يشارك بتسمية مرشح رئاسة الحكومة.

هذا السيناريو يتمثل أيضا في دعم تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة، مقابل أن تكون الكابينة الحكومية من الوزراء تابعة لـ “الإطار التنسيقي”، فإذا تم تطبيق هذا السيناريو، بحسب الجبوري، سيكون هناك احتمالية بقبول زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، بعودة البرلمان العراقي للانعقاد مجددا.

الحوار هو الحل

القوى السياسية في العراق، تطرح حلا وحيد للخروج من الأزمة العراقية، عبر جلوس الأطراف المتخاصمة للحوار، وترك التهديد بالنزول للشارع، لأنه يسبب الكثير من المشاكل السياسية والأمنية.

“ائتلاف النصر” بزعامة رئيس الحكومة العراقية الأسبق حيدر العبادي، كشف عن وجود توجه دولي لحل الأزمة السياسية في العراق عبر الحوار، مؤكدا أهمية التيار الصدري وتأثير انسحابه من العملية السياسية على تشكيل الحكومة.

الحوار ما يزال مطروحا لحل الأزمة، ويوجد هناك توجه دولي لدفع القوى السياسية باتجاه الحوار الوطني، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية عن المتحدث باسم “ائتلاف النصر”، أحمد الوندي، في 17 من الشهر الحالي؛ مبينا أن موقف “ائتلاف النصر” واضح منذ البداية وهو ضد انسحاب “التيار الصدري” لأنه أدى إلى عدم تشكيل الحكومة الجديدة وتقديم الخدمات للمواطنين.

زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، كان قد رفض حل البرلمان الحالي وإجراء انتخابات جديدة، قبل عقد جلسة البرلمان، لتسمية الحكومة الجديدة التي تشرف على الانتخابات الجديدة.

نحو 190 نائبا في البرلمان العراقي، يطالبون بعودة جلسات مجلس النواب، بعد جمعهم تواقيع بهذا الخصوص وتقديمها إلى رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، كما متوقع أن تعقد جلسة برلمانية في الفترة التي تتراوح ما بين 20 إلى 25 من الشهر الجاري.

عودة التظاهرات مجددا

التظاهرات المناهضة لـ “الإطار التنسيقي” والقوى الموالية قد تعود قريبا، بحسب حديث مصادر مطلعة لـ “الحل نت” موضحة بأن “التيار الصدري”، وفي حال أصر “الإطار التنسيقي” على عقد جلسة البرلمان وتسمية محمد شياع السوداني مرشحا لرئاسة الحكومة، فأنه سيعود للتظاهرات مجددا.

“المنطقة الخضراء” في العاصمة بغداد شهدت مؤخرا أحداثا خطيرة، أدت لسقوط العشرات من القتلى والجرحى، نتيجة الاعتصامات التي قادها أنصار “التيار الصدري” واقتحام مبنى البرلمان الذي دام لأكثر من أسبوعين.

مقتدى الصدر، طالب أنصاره في 30 آب/أغسطس الفائت، بإنهاء التظاهرات بشكل فوري، معلنا البراءة من مستخدمي السلاح، ودعاهم للانسحاب الكامل.

“التيار الصدري” لن يسمح لـ “الإطار التنسيقي” بتشكيل أي حكومة جديدة، يرأسها محمد شياع السوداني أو أي شخصية تكون مدعومة من قبل قادة الإطار، بحسب حديث قيادي بارز في التيار، لوسائل إعلام عراقية، لم تسمه، وأضاف بان التيار سيعمل على منع تشكيل هذه الحكومة بكل الطرق المتاحة لديه.

أنصار “التيار الصدري”، سوف يمنعون عقد أي جلسة برلمانية مخصصة لتشكيل الحكومة الجديدة، بحسب القيادي، واقتحامهم لـ “المنطقة الخضراء” خلال الأيام المقبلة وارد جدا لمنع تشكيل الحكومة، ولا تراجع عن مطالب حل البرلمان وتحديد موعد للانتخابات المبكرة.

موافقة صدرية مشروطة

أن وفدا من “الحزب الديمقراطي الكردستاني” و”السيادة” سيزوران زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر في مقر إقامته بالحنانة بمدينة النجف، بحسب مصادر “الحل نت”، بهدف إقناعه للموافقة على عقد جلسة البرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة.

الصدر، وبحسب المصادر، سيوافق على عقد جلسة جديدة للبرلمان العراقي، بشرط التصويت على تولي مصطفى الكاظمي رئيسا للحكومة لولاية جديدة، فضلا عن تحديد موعد نهائي للانتخابات الجديدة.

“الإطار التنسيقي” لن يكون بمقدوره التقدم خطوة واحدة بدون موافقة الصدر على عقد جلسة البرلمان وإقناعه بتشكيل الحكومة الجديدة، بحسب حديث المحلل السياسي، أحمد الأنصاري لـ “الحل نت”، حيث أن عودة الصدر وأنصاره للتظاهرات والاعتصامات، يعني اقتحام مبنى البرلمان مجددا، وعدم السماح بتشكيل الحكومة الجديدة، والعودة للمربع الأول.

قد يهمك: جعفر الصدر نحو زعامة سياسية عراقية متفرّدة؟

لا حل إلا بإرضاء زعيم “التيار الصدري”، بحسب الأنصاري، والحل الوسطي لهذه الأزمة، يتمثل بالتجديد للكاظمي بمنصب رئاسة الحكومة، فهذه الخطوة قد ترضي الصدر، إذا ما سبقها الاتفاق على موعد الانتخابات الجديدة، التي يفترض أن لاتتجاوز ستة أشهر على أقل تقدير.

المحادثات السياسية ستسفر عن تشكيل الحكومة، بحسب تصريحات صحفية، للنائب عن “ائتلاف دولة القانون” جواد الغزالي، والذي يرى بأن الكتل السياسية ستعقد اجتماعات مكثفة قبل انعقاد جلسة البرلمان المقبلة، ستتمخض عنها قرارات مهمة تصب في صالح المواطن العراقي.

“الإطار التنسيقي” والقوى المقربة منه، يرفض، بقاء مصطفى الكاظمي في رئاسة الحكومة، ويحملونه مسؤولية استهداف “الحشد الشعبي”، واغتيال قائد فيلق القدس الإيراني، ونائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس.

الموقف الإيراني من تشكيل الحكومة

بما يخص الموقف الإيراني من تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وتسمية مرشح رئاسة الحكومة، يقول ممثل حكومة إقليم كردستان في طهران ناظم الدباغ، في تصريحات صحفية، إن إيران ترفض استبعاد زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر من تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، وتؤيد تشكيل حكومة تضم الأطراف السياسية العراقية كافة دون استبعاد أحد.

الإيرانيون لا يرغبون في أن يقف الكرد مع طرف شيعي لاستبعاد الأطراف الأخرى، وفق دباغ، وهم يصرون دائما على تشكيل حكومة تضم جميع الأطراف، ومن جميع الطوائف والمكونات.

الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر، كانت قد تحصلت على أعلى الأصوات في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2021 إلا أن مساعي زعيم التيار، أخفقت في تشكيل الحكومة الجديدة جراء وقوف الإطار التنسيقي بوجهها، من خلال استحصال قرار من المحكمة الاتحادية وهي أعلى سلطة قضائية بما يسمى الثلث المعطل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتسمية رئيس الحكومة.

الاختلاف الكردي ما يزال عائقا

لا يزال الغموض يلف موقف الجانب الكردي من الحكومة العراقية الجديدة، على الرغم من تأكيدهم على ضرورة عقد جلسة البرلمان الجديدة، ووحدة الموقف الكردي في بغداد، مايزال منصب رئاسة الجمهورية هو الآخر يشكل حجر عثرة أمام مضي البرلمان بعقد جلسته وتسمية رئاسة الحكومة.

“الاتحاد الوطني الكردستاني”، رشح في 11 من كانون ثاني/يناير الفائت، برهم صالح، لتولي منصب رئاسة الجمهورية، فيما رشح “الحزب الديمقراطي الكردستاني” وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان ريبر أحمد، لتولي منصب رئاسة الجمهورية، بحسب ما نقله موقع “العربية”.

اجتماع على مستوى قيادة الصف الأول في الحزبين الكرديين سيعقد للاتفاق على مرشح تسوية لمنصب رئاسة الجمهورية، وعلى الأغلب فإن اتفاقا أوليا لتسمية عبد اللطيف رشيد مرشحا لرئاسة الجمهورية، الذي شغل منصب وزارة الموارد المائية العراقية في الحكومات السابقة.

الأوساط السياسية في العراق، تترقب المرحلة التي تعقب “الزيارة الأربعينية”، وسط توقعات بأنها ستكون “حاسمة” في إنهاء الأزمات أو استفحالها، بناء على توجه قادة الكتل السياسية أما إلى التهدئة أو التصعيد.

الأيام المقبلة قد تشهد تحركات مكوكية بين الفرقاء السياسيين من أجل الوصول إلى حل، باعتبار أن “الدستور العراقي” وما صدر عن المحكمة الاتحادية برد دعوى حل البرلمان، دق الجرس للكتل السياسية بضرورة تشكيل الحكومة واستئناف عمل جلسات البرلمان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.