نتائج الانتخابات الإيطالية، كانت بمثابة زلزال حقيقي في إيطاليا، بعدما تصدر فوز اليمين المتطرف، وعزم جورجيا ميلوني، رئيسة حزب “إخوة إيطاليا”، على قيادة الحكومة المقبلة، عناوين الصحف العالمية، فما هي أبرز نتائج هذا الوصول؟.

ردود الفعل

في أولى ردود الفعل على صعود اليمين في إيطاليا، بدأت حكومات بعض الدول الأوروبية تحركات أمنية ضد الأحزاب اليمينية، وذلك على خلفية اتهامات تتعلق بفساد مالي، واتفاقيات سرية.

قبل أن يصحو من نشوة النصر الاستثنائي لحليفه في إيطاليا، تعرض الحزب اليمين “البديل لأجل ألمانيا“، لمداهمة من قِبل قوات الأمن الألمانية في برلين، الأربعاء، على خلفية “تحقيقات في فساد مالي“.

وبحسب ما نقلت وسائل إعلام وأفادت مصادر في الحزب، فإن قوات الأمن فتشت مكتب “البديل لأجل ألمانيا“، بقرار من الادعاء الألماني، وذلك بعد شبهات بمخالفة قانون الأحزاب ومخالفات مالية.

ووفق مجلة “دير شبيغل” الألمانية، فإن التحقيقات موجهة ضد زعيم الحزب السابق يورج ميوثن، وأمين الخزانة السابق بالحزب، كلاوس جونتر فورمان.

تخوف مستمر

ويبدو أن الحكومة الألمانية، متخوفة من صعود مماثل لليمين المتطرف، كما حصل في إيطاليا، فبدأت تحقيقات ومحاولات، “للعثور على أدلة، تثبت وجود اتفاقيات سرية بين حزب البديل من أجل ألمانيا، وممولي حملته الانتخابية الذين قدموا التمويلات دون الكشف عن هويتهم“.

وبحسب ما نقلت صحيفة “العين الإخبارية” الإماراتية، فإن: “الادعاء العام يبحث تحديدا، على اتفاقات سرية بين الحزب وممولين، مثل جمعية الحفاظ على سيادة القانون والحرية المدنية، أو شركة العلاقات العامة السويسرية جول آج”.

قد يهمك:“قافلة النور”.. هل فرضت أنقرة الهجرة على السوريين نحو أوروبا؟

وحتى الآن، تقول قيادة الحزب الحالية أنها لا تعرف شيئا عن دعم بالملايين قدمه رعاة وممولين غير معروفين في العديد من الحملات الانتخابية السابقة.

الادعاء العام الألماني، أعلن أن عمليات المداهمة والتفتيش، شملت سبعة مواقع مملوكة لحزب “البديل لأجل ألمانيا“، في ولايات برلين، وبادن فورتمبيرغ، وبافاريا، وشمال الراين، وستفاليا.

وبحسب بيان الادعاء، “تم تأمين المستندات وناقلات البيانات، والتي سيتم تقييمها في الفترة المقبلة“، فيما نقلت مجلة “دير شبيغل”، عن الدوائر القضائية، قولها إن “عمليات المداهمة تضمنت أيضا عناوين بعض ممولي الحملات الانتخابية للحزب“.

ويبدو أن صعود اليمين المتطرف في إيطاليا، يمكن له أن يعطي ثقة لأشقائه في الدول الأوروبية الأخرى، حيث أن نتائج أحدث استطلاعات الرأي توضح أن: “حزب البديل لأجل ألمانيا هو رابع أكبر حزب في البلاد، بنوايا تصويت تبلغ 13 بالمئة، وهي نسبة أكبر من أي معدل تصويت حصل عليه الحزب في الانتخابات التشريعية في تاريخه“.

وذكرت بياتريكس فون ستورتش، عضو البرلمان من “البديل من أجل ألمانيا” في تغريدة عبر “تويتر“، مساء الأحد: “نحتفل مع إيطاليا، الحكومات اليسارية أصبحت من الماضي، السويد بالشمال وإيطاليا بالجنوب“.

بدورها، قالت السياسية الأبرز بحزب “البديل لأجل ألمانيا”، أليس فايدل: “تهانينا لجورجينا ميلوني على فوزها في الانتخابات في إيطاليا.. بعد السويد، أصبح الأمر واضحا أيضا في إيطاليا: المواطنون يريدون سياسات مختلفة ومنظمة“.

أظهرت النتائج الرسمية للانتخابات الإيطالية، فوز اليمين المتطرف بالانتخابات، التي جرت، الأحد، واقتراب جورجيا ميلوني من رئاسة الحكومة الجديدة.

وبهذه النتيجة تتخذ إيطاليا، القوة الاقتصادية الثالثة في الاتحاد الأوروبي وأحد الأعضاء المؤسسين له، منعطفا حادا نحو اليمين، ما يفتح الباب لامرأة، أبدت إعجابها بالزعيم الفاشي بينيتو موسوليني، لتكون أول رئيسة للوزراء في تاريخ هذا البلد.

ومن المقرر أن تبدأ ميلوني، بتشكيل حكومة ائتلافية يغلب عليها الساسة اليمينيون، لتكون الأكثر تطرفا في تاريخ البلاد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وفي الانتخابات التشريعية عام 2018، اكتفى هذا الحزب بـ4 بالمئة، فقط من الأصوات، إلا أن ميلوني تمكنت منذ ذلك الحين من استقطاب الكثير من الإيطاليين المستائين والغاضبين من “إملاءات” بروكسل وغلاء المعيشة والأزمات الاقتصادية المتعاقبة.

خيارات الاتحاد الأوروبي

نتائج الانتخابات الإيطالية، كانت بمثابة زلزال حقيقي في إيطاليا، إحدى الدول المؤسسة لأوروبا وثالث قوة اقتصادية في منطقة اليورو، إنما كذلك في الاتحاد الأوروبي الذي سيضطر إلى التعامل مع السياسيّة المقربة من رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان.

في هذا السياق، أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، إلى أن لدى الاتحاد الأوروبي “أدوات”، لمعاقبة الدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون وقيمه المشتركة.

الخبير في العلاقات الدولية طارق وهبي، يرى أن تصاعد اليمين المتطرف، أو الشعبوي في أوروبا هو حالة موجودة في عدة دول ولكنها تظل هامشية، فقط دولة واحدة يرأسها حزب تقليدي شعبوي هي، هنغاريا مع أوربان، والذي انتُخب للمرة الرابعة مع تفكك اليسار، وعدم اتفاقه فيما بينه ليحكم البلاد.

هذا اليمين الشعبوي سيصطف مع كل باقي الاحزاب الشعبوية في البرلمان الأوروبي، ولن يستطع أن يعرقل أو يُلغي أية قرارات أوروبية ولكنه سيقوم ببث التفرقة بين الشعوب الأوروبية لجهة أن مشروع أوروبا أهم، وهو ما يخالف خط الديمقراطيين الأوروبيين. صورة أوروبا ستتضعضع ولكنها لن تسقط لأن الاتحاد الأوروبي مبني على الاقتصاد، وكل الدول التي لا تزال ترفع شعار القومية الداخلية والوطنية، بحاجة لأموال الاتحاد لتنفيذ مشاريعها.

أثر على اللاجئين

بحسب التقارير، فإنه أيّا تكن الحكومة التي ستنبثق من الانتخابات لتتولى مهماتها اعتبارا من نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فهي تواجه منذ الآن عقبات على طريقها.

وسيؤدي وصولها إلى السلطة أيضا إلى إغلاق حدود بلد يصل إلى سواحله سنويا عشرات آلاف المهاجرين، وهو ما يثير مخاوف المنظمات غير الحكومية التي تُغيث مهاجرين سرّا يعبرون البحر في مراكب متداعية؛ هربا من البؤس في أفريقيا.

طارق وهبي، أشار في حديث سابق لـ“الحل نت” إلى أن: “تشكيل حكومة ايطالية جديدة ستكون أولى أهدافها إقفال الحدود ووقف كل معاملات اللجوء الإنساني، وبدء شن حرب على الإسلاموية والمفوضية الأوروبية، مشيرا إلى أنه لا يجب نسيان أن إيطاليا، هي الدولة الأولى التي دعمت أوروبا ماليا استقبال اللاجئين ورسمت سياسة الهجرة الأوروبية خطة تريح ايطاليا عبر جدول توزيع هؤلاء اللاجئين، ومبينا أن سياسة الباب المفتوح ستتوقف، وأكثر من ذلك قد تبدل بسياسة السجن الكبير وشح المساعدات للذين استطاعوا أن يفروا عبر المتوسط“.

وأيا تكن الحكومة التي ستنبثق من الانتخابات لتتولى مهماتها اعتبارا من نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فهي تواجه منذ الآن عقبات عدة على طريقها.

لعل أهمها ملف المهاجرين والحدود، إذ سيؤدي وصول ميلوني، إلى السلطة إلى إغلاق حدود بلد يصل إلى سواحله سنويا عشرات آلاف المهاجرين، وهو ما يثير مخاوف المنظمات غير الحكومية التي تغيث مهاجرين سرا يعبرون البحر في مراكب متداعية هربا من البؤس في إفريقيا.

كما سيتحتم عليها معالجة الأزمة الناجمة من الارتفاع الحاد في الأسعار في وقت تواجه البلاد دينا يمثل 150 بالمئة، من إجمالي ناتجها المحلي، أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان.

أوروبا في خطر

صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، قالت، إن فوز جورجيا ميلوني الزعيمة اليمينية المثيرة للجدل في الانتخابات التشريعيّة في إيطاليا، أثار موجة من الصدمة في أوروبا، كما أثار مخاوف من أن تصبح إيطاليا عاملا لإضعاف إصرار الغرب على التصدي لحرب روسيا الدموية في أوكرانيا.

وأشارت الصحيفة في تقرير، إلى أن فوز ميلوني، “دليل آخر بعد الأداء الجيد لليمين المتطرف في كل من فرنسا والمجر والسويد، على صعود قادة اليمين المتطرف في أوروبا، القارة العجوز التي تعصف بها رياح الهجرة والمشاكل الاقتصادية وتدور في شقها الشرقي حرب مدمرة“.

ورأت “واشنطن بوست”، أن تولي ميلوني، رئاسة الوزراء في إيطاليا سيكون حدثا فاصلا، نظرا لتصاعد الخطاب المناهض للمهاجرين، فقد سبق أن حذرت ميلوني، بشدة من أن الإيطاليين الأصليين معرّضون لخطر “الاستبدال” بسبب الهجرة، كما سعت إلى تطوير فكرة فرض حصار بحري لمنع المهاجرين من الوصول إلى الشواطئ الإيطالية.

إقرأ:سجن المايا الليبي: كيف أصبح عشرات السوريين معتقلين في سجون ميلشيات “الأشاوس”؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.