بالتوازي مع فشل التوصل إلى اتفاق في ملف عودة وتطوير العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، أظهرت تقارير استخباراتية معلومات حول هجوم إيران محتمل على السعودية، ما قد ينسف أي احتمالية لعودة العلاقات بين الجانبين.

أزمات تعصف بإيران

إيران تعاني حاليا من أزمات عديدة لا سيما على المستوى الداخلي، وقد تلجأ إلى افتعال أزمة خارجية في محاولة لصرف نظر المحتجين الإيرانيين عن مطالبهم، فما تبعات تنفيذ هجمات عسكرية ضد السعودية.

مصدر أميركي “مسؤول” كما سمته شبكة “سي إن إن” الأميركية، صرح بأن المعلومات الاستخباراتية المشتركة من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، تشير إلى أن إيران ربما تخطط لهجوم وشيك على منشآت للطاقة في الشرق الأوسط، وتحديدًا في السعودية.

بدوره قال مسؤول سعودي، في تصريحات نقلتها الشبكة الأميركية، إن بلاده تبادلت معلومات استخبارية عن هجوم محتمل مع الولايات المتحدة، لكن المصدر لم يذكر أي تفاصيل.

الخبير في الشأن الإيراني وجدان عبد الرحمن، يرى أن إيران ستواجه عواقب وخيمة في حال أقدمت على هجوم من هذا القبيل، مشيرا إلى أن “النظام الإيراني سيكون بذلك أطلق رصاصة الرحمة الأخيرة على نفسه“.

رغبة إيرانية بافتعال أزمة

عبد الرحمن قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “النظام الإيراني يرغب بافتعال أزمة خارجية، ستكون عملية توجيه ضربة عسكرية للسعودية لها تبعات إقليمية ودولية، خاصة إذا تم استهداف منشآت الطاقة“.

وفيما إذا صحت المعلومات الاستخباراتية عن هجوم إيراني باتجاه منشآت الطاقة، فإن ردود الفعل لن تقتصر على المملكة العربية السعودية، بل ستكون هناك ردود فعل من الغرب، لا سيما في ظل أزمة الطاقة التي يعيشها العالم اليوم.

قد يهمك: د.محسن أبو النور لـ“الحل نت“: لن يكون هناك استقرار في الشرق الأوسط بوجود إيران

عبد الرحمن أوضح أن ضرب منشآت الطاقة في هذا التوقيت، هو بمثابة فتح جبهة مع المجتمع الدولي برمته، وأضاف قائلا ” الغرب يعاني من موضوع الطاقة وإيران تريد التدخل في هذا المجال لإحداث ضرر بالدول الغربية“.

قد تلجأ إيران لتنفيذ هذه العملية لسببين رئيسيين، الأول أن حكومة طهران، تعيش ازمة داخلية حقيقية، بسبب الاحتجاجات الشعبية في البلاد، وبالتالي هي تعتقد أن افتعال أزمة خارجية، ستعيد المحتجين إلى صفوفها.

أما السبب الثاني فتحدث عنه عبد الرحمن بالقول “الأمر الثاني فيما يتعلق بالتعاون الإيجابي بين المملكة العربية السعودية والدول التي تدخلت فيها إيران بشكل سلبي، منها العراق مثلا ولبنان واليمن، فإيران تعتبر أن السعودية بدأت تقضي على مشاريعها الأمنية والسياسية والاقتصادية في تلك الدول، أعتقد أن إيران يمكن كذلك أن تقدم على هذه الخطوة، بسبب الظروف التي تمر بها خاصة بعد فشل مفاوضات بين إيران والسعودية، النتائج ستكون مزيد  من الضغط على النظام الإيراني، الشعب الإيراني لن يصطف هذه المرة مع النظام، إيران هي الخاسر الأكبر“.

رد أميركي

ردا على هذه التهديدات، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي الثلاثاء إن الولايات المتحدة قلقة من تهديدات إيران للسعودية وإنها لن تتردد في الرد إذا لزم الأمر.

أضاف المتحدث في تصريحات نقلتها وكالة “رويترز“، “نحن قلقون من التهديدات، ونظل على اتصال مستمر مع السعوديين من خلال القنوات العسكرية والمخابراتية، لن نتردد في التحرك دفاعا عن مصالحنا وشركائنا في المنطقة“.

عقدت في الأشهر الأخيرة 5 جولات من المحادثات بين مسؤولين إيرانيين وسعوديين بالعراق، الذي يشترك في الحدود مع البلدين. وفي ختام الجولة الخامسة من المفاوضات في نيسان/أبريل الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي الأسبق، مصطفى الكاظمي، إنه مقتنع بأن “التفاهم بات قريبا” بين الرياض وطهران، لكن أيا من الخطوات الإيجابية لم تتحقق حتى الآن.

رئيس “المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية” (أفايب)، الدكتور محمد محسن أبو النور، أن مصير هذا الحوار حتى الآن، “ملبد بالغيوم“، ولا يمكن التنبؤ به لاعتبارات متعلقة بالسقف العالي لدى الجانبين، قبل الذهاب إلى بغداد، في جولة أخرى من الحوار والتفاوض.

وحول ذلك أضاف في حوار سابق مع “الحل نت“، “هناك تصعيد نوعا ما إعلامي بين الطرفين، وهذا يعقد المسار الدبلوماسي في بغداد إلى جانب عامل السيولة السياسية الشديدة في بغداد قد تعيق جولة سادسة من المباحثات رغم إن السعودية أفرجت عن حاج إيراني كان محتجز لديها، وإيران تتخذ خطوات لحلحلة العلاقات مع السعودية، لذلك أعتقد أن المصير حتى الآن غير واضح، إلى أن تهدأ الامور نوعا ما في بغداد ويسيطر رئيس الوزراء العراقي، مرة أخرى على الأوضاع“.

كذلك استبعد أبو النور عودة قريبة للعلاقات الإيرانية السعودية، لكنه يؤكد في الوقت ذاته وجود تفاهمات واتصالات غير معلنة بين الجانبين، قائلا “لكن طبعا استبعد أن يحدث اختراق كبير في هذه العلاقات، لكن في المدى المتوسط قد يكون هناك عودة ما من خلال عودة السفراء وما إلى ذلك“.

التسريبات المتعلقة بالتهديدات السعودية، أعادت تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي، إلى الواجهة، حيث كان قد وجه قبل أيام تهديدات مباشرة للمملكة العربية السعودية، متهما إياها بـ“التآمر” لإشعال الاحتجاجات التي تشهدها بلاده منذ موت الشابة الإيرانية مهسا أميني بعد احتجازها من قبل شرطة الأخلاق، في سبتمبر/أيلول الماضي.

وباركت الرياض الاتفاقات التي توسطت فيها الولايات المتحدة وأقام بموجبها اثنان من حلفائها الخليجيين علاقات مع إسرائيل في عام 2020 في خطوة أوجدت محورا إقليميا جديدا مناهضا لإيران.

اتهمت السعودية إيران بالمسؤولية عن هجوم بالصواريخ والطائرات المسيرة على منشآت نفطية بها عام 2019 وهو ما تنفيه طهران. ويدور تنافس بينهما منذ عقود ويدعم كل جانب حلفاء يخوضون حروبا بالوكالة في أنحاء المنطقة.

وتتعرض إيران لمزيد من الضغوط من قبل المجتمع الدولي، بعد تعثر المفاوضات النووية، وتورط النظام الإيراني في دعم روسيا عسكريا، في العمليات الرامية لغزو الأراضي الأوكرانية، وذلك عبر تقديم طهران طائرات عسكرية مسيّرة إلى القوات الروسية.

قد يهمك: هل تنجح إيران باستعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة