يوما بعد يوم، تتصاعد مخاطر التغير المناخي على العالم، لاسيما منطقة الشرق الأوسط منه، حيث حذر مسؤولون وتقارير عدة، من أن التغير المناخي قد يؤدي إلى نزوح ملايين الأشخاص في الشرق الأوسط، مع ما يرافق ذلك من خطر توسع للمدن المضر بالبيئة، واحتمال اندلاع نزاعات على الموارد.

تزداد مخاطر التغير المناخي شيئا فشيء، كما أنها باتت أحد أسباب الهجرة في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن الهجرة حاليا تتركز في النزوح من المدن الريفية الى الخارج، أو الى المدن الكبيرة للعمل لما تسببت به العوامل المناخية على مستوى الحياة الزراعية.

إضافة إلى ذلك، فأن ظهور طفيليات جديدة الذي بدأ يؤثر على مستوى أرباح الزراعة التي تحولت إلى غير مجدية، فاقم من الحالة أكثر، وحفّز حركة الهجرة في مناطق من الشرق الأوسط.

نتيجة لذلك، أظهر أحدث تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، أن 90 بالمئة من اللاجئين في العالم يأتون من مناطق معرضة بقوة لتأثيرات التغير المناخي، وذلك بحسب ما نقلته وكالة “فرانس برس“.

اقرأ/ي أيضا: فوز اليسار وخسارة اليمين.. شكل المرحلة المقبلة في الدنمارك

الزراعة وعلاقتها بالتغير المناخي وهجرة ملايين البشر

نظرا لعدم استطاعتهم توفير غذائهم وزراعة الأرض فلا سبيل آخر أمامهم إلا النزوح، بخاصة وأن الكوارث الطبيعية المتكررة في العام 2021، الأمر الذي دفع بثلاثة ملايين شخص تقريبا إلى مغادرة ديارهم في إفريقيا والشرق الأوسط، فيما يُتوقع أن يشهد الوضع تدهوا أكثر، بحسب “فرانس برس“.

على هذا النحو، ومثالا على ذلك، يتوقع خبراء في المناخ احتمال أن تفقد مصر، بحلول العام 2060، نصف إنتاجية القطاع الزراعي، بيد أن التغير المناخي ليس وحده الذي يتسبب بالهجرة، إذ أن الانجذاب لنمط الحياة في المدينة والخدمات المتاحة فيها يمكن أن يدفع بذلك، وفقا لخبراء.

في السياق، يتوقع “البنك الدولي” أنه ما لم يتم العمل على الحد من تأثيرات التغير المناخي، فسيكون هناك بحلول العام 2050، 216 مليون مهاجر لأسباب مناخية، حيث ستضطر عائلات بكاملها إلى النزوح داخل بلدانها، وسيشمل النزوح 19,3 مليون في دول شمال إفريقيا الخمس.

ما يساعد على ذلك أيضا، أن 7 بالمئة من سكان المنطقة يعيشون على ارتفاع أقل من خمسة أمتار من سطح البحر، بالتالي أن المنطقة معرّضة للأخطار أكثر من غيرها، لأن شواطئها كثيفة السكان ومهددة بفعل ارتفاع مستوى مياه البحر، وفق ما جاء في تقرير لـ “المؤسسة الأوروبية للمتوسط“.

اقرأ/ي أيضا: أزمة اقتصادية جديدة تواجه اليمن

هجرة مليونية بسبب ارتفاع مياه البحر

بدوره “البنك الدولي” يحذر من أن بؤر الهجرة المناخية تلك، معرضة هي نفسها لارتفاع مستوى مياه البحر، إذ أنه على سبيل المثال، في الإسكندرية، على ساحل المتوسط المصري، سيضطر مليونا شخص إلى الانتقال إلى مكان آخر، أي نحو ثلث سكان المدينة، وستفقد المدينة 214 ألف وظيفة إذا ارتفع مستوى البحر 50 سنتيمترا.

كذلك أن هذه التغيرات ستزيد الضغوط على الموارد، وهو ما قد يؤدي الى نزاعات عنيفة، بحسب تقرير “فرانس برس“، الذي أشار إلى أن 22 بالمئة من السكان في المنطقة يعتمدون على الزراعة. تأكيدا لذلك، أوقعت النزاعات بين القبائل حول الماء والكلأ والأراضي في السودان، مئات القتلى منذ مطلع العام الحالي في ولايات عدة.

هذا وقالت منظمة “اليونيسيف” إن 11 دولة من أكثر 17 بلدا افتقارا للمياه في العالم، تقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث أفاد “البنك الدولي” بأنه إذا “لم يتخذ أي إجراء بحلول العام 2050 في العراق، وفي حال ارتفاع الحرارة بمقدار درجة مئوية، وانخفاض الأمطار بنسبة 10 بالمئة، سيفقد هذا البلد البالغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، 20 بالمئة من مياهه العذبة“.

تجدر الإشارة إلى أنه في أيلول/سبتمبر حثت 24 دول إفريقية على احترام هذه الالتزامات بأسرع وقت ممكن، كما ستجدد هذه الدعوة خلال مؤتمر الأطراف حول المناخ “كوب 27”، الذي ينطلق في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر في مصر.

التغير المناخي وتأثيره على الحرارة بالشرق الأوسط

دراسات أخرى تشير إلى أن منطقة الشرق الأوسط تحولت إلى نقطة ساخنة للتغير المناخي، وأن درجة الحرارة ترتفع فيها على نحو أسرع من مناطق أخرى، وهو ما دفع خبراء لتوقّع بأن استمرار موجات الحر بدرجة حرارة تصل إلى 56 درجة على مدار أسابيع أو حتى تتجاوز 60 درجة داخل المدن، يمكن أن تجعل الكثير من المناطق غير صالحة للسكن بالنسبة للإنسان والحيوان في النصف الثاني من العقد الحالي، وحتى الجِمال نفسها لن تستطيع البقاء على قيد الحياة في مثل هذه الأجواء الحارة .

ورأى خبراء أن موجات الحر المرتبطة بعوامل أخرى، مثل النمو القوي للسكان، ستؤدي بدورها إلى زيادة الضغط نحو الهجرة، وحذروا من إمكانية ارتفاع درجة الحرارة في الشرق الأوسط في الصيف بمقدار ست درجات مئوية في حال لم يتم إيقاف ظاهرة الاحتباس الحراري هناك.

بالتالي أن هذا سيناريو كارثي على الرغم من أنه مستبعد حاليا، بيد أن درجة الحرارة في هذه المنطقة ارتفعت منذ 1980 بنحو درجتين مئويتين. وللمقارنة، كانت الدول في مؤتمر المناخ أعلنت التزامها بوقف الاحتباس الحراري عند حد 1,5 درجة مئوية مقارنة بمستواها في فترة ما قبل الثورة الصناعية.

مراكز بحثية أيضا، تعتقد أن ارتفاع درجة الحرارة سيؤثر بشكل خطير على دول الخليج بصورة خاصة، لكن التأثير سيكون ملحوظا أيضا في مناطق أخرى، مثل لبنان وسوريا والعراق وإسرائيل، وأيضا مصر، ستعاني في المستقبل من الجفاف، إذا أنها تتوقع زيادة مساحة الصحراء. وكانت أجزاء في سوريا والعراق شهدت هذا العام موجة جفاف حادة أدت إلى تراجع كبير في المحاصيل وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

اقرأ/ي أيضا: دعوات للحوار بين الجزائر والمغرب.. إنهاء التوتر خارج القمة العربية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.