السباق الرمضاني الحالي هو الأول من نوعه الذي يغزو فيه المسلسلات الدرامية القصيرة، أو ما يُعرف بالمسلسل المكون من 15 أو 10 حلقات، حيث عُرض العديد من الأعمال القصيرة على شاشات التليفزيون والمنصات الرقمية، ومعظمها كانت مصرية. اللافت أن هذه الفئة من المسلسلات حققت نجاحا كبيرا في الموسم الدرامي لرمضان 2023، والتي ربما شكّلت نقطة تحوّل في جودة الدراما الرمضانية، والتي تتكون عادة من 30 حلقة حصريا، تماشيا مع أيام رمضان.

يبدو أن سبب تزايد مشاركة المسلسلات القصيرة شاشات العرض يعود إلى هيمنة المنصات الإلكترونية، حتى تطور الأمر بحيث أصبح هذا الشكل الدرامي هو السّمة الرئيسية للعرض الإلكتروني، وخرج الأمر ليشمل أحيانا القنوات الفضائية. كما يبدو أن الدراما تتجه إلى مسار آخر يختلف بعض الشيء عما سبقه وهو مسار الأعمال القصيرة كبديل للمسلسلات الطويلة.

المسلسلات القصيرة

نحو ذلك، يلاحظ في الموسم الرمضاني الحالي، حضور واسع للمسلسلات القصيرة لشاشات التلفزيون، فبعد غيابها العام الماضي تعود الفنانة المصرية منى زكي لجمهورها بمسلسل “تحت الوصاية” المكون من 15 حلقة، وتدور أحداث المسلسل حول امرأة تواجه تحديات إعالة عائلتها بعد وفاة زوجها، وهي تمتلك مركب صيد وتتصدى لعدة مشاكل في محيطها العملي والأُسري، والعمل مستوحى من شخصية “الحاجة صيصا” التي حققت قصتها الإنسانية النادرة انتشارا كبيرا عام 2017، وهو من تأليف خالد وشيرين دياب وإخراج محمد شاكر خضير.

كما يشارك حسين فهمي  بمسلسلين أحدهما مكون من 15 حلقة وهو “عودة البارون” من تأليف وإخراج سامر خضر. ويقدم الفنان طارق لطفى في موسم دراما رمضان 2023 مسلسلا كوميديا يحمل اسم “مذكرات زوج” مكون من 15 حلقة مقتبس من رواية بنفس الاسم للكاتب أحمد بهجت، معالجة المؤلف محمد سليمان عبد المالك وإخراج مريم أحمدي.

كذلك، مسلسل “كامل العدد” من الأعمال القصيرة والذي عرض في النصف الأول من موسم دراما رمضان الجاري، عبر منصة “شاهد”. وقد حقق نجاحا كبيرا خلال فترة عرضه، حيث ينتمي العمل لنوعية الأعمال الاجتماعية الكوميدية، ولذلك نال إعجاب عدد كبير من الجمهور، حيث تدور قصته حول امرأة مطلقة ولديها 4 أولاد، ورجل أرمل لديه 3 أولاد، وتجمعهم الظروف بشكل أو بآخر، حتى أن يتزوجا، ويعيشا مغامرات كوميدية من أجل أن ينجحا في توطيد العلاقات بين أولادهما.

يشارك في بطولة العمل، عدد كبير من الفنانين، أبرزهم الفنانة دينا الشربيني، شريف سلامة، إسعاد يونس، احمد كمال، عمرو جمال، جيهان الشماشرجي، آية سماحة، أحمد جمال سعيد، مصطفى درويش، وآخرين، ومن تأليف رنا أبو ريش ويسر طاهر، وإخراج خالد الحلفاوي.

الفنانة المصرية دنيا سمير غانم، تعود وتشارك في السباق الرمضاني بعد غياب عامين بمسلسل “جت سليمة” وتدور قصة العمل في إطار من الكوميديا والفانتازيا، من خلال شخصية “سليمة” التي تجسدها دنيا سمير غانم، وهي فتاة في أواخر العشرينيات من العمر، صاحبة رقم قياسي في قراءة الروايات، وتعثر على كتاب مسحور يعيدها إلى الماضي لتدخل في العديد من المغامرات الكوميدية.

قد يهمك: مسلسل “رسالة الإمام”.. جدل واتهامات بتضمنه “أخطاء تاريخية”

العمل مكون من 15 حلقة، من بطولة دنيا سمير غانم، محمد سلام، خالد الصاوي، هالة فاخر، سامي مغاوري، سلوى محمد علي، غادة طلعت، سلوى خطاب، مايان السيد، رحاب الجمل، إيمان السيد، الطفل آدم النحاس، وعدد آخر من الفنانين، وتأليف كريم يوسف وسامح جمال، ندى عزت، وأشرف نصر، وإخراج إسلام خيرى.

هذا وتعيش الفنانة منة شلبي، رحلة جديدة خاصة من نوعها في مسلسلها الرمضاني “تغيير جو”، الذي يُعرض ضمن موسم رمضان الحالي، ويضم عددا من الفنانين، منهم ، ميرفت أمين، إياد نصار، ماجدة زكي، أحمد مالك، شيرين، والعمل من تأليف منى الشيمي، ومن إخراج مريم أبو عوف. ويُعرض مسلسل المسلسل حصريا على شاشة قناة “إم بي سي مصر”.

ينافس الفنان محمد  فراج من خلال دراما رمضان بمسلسل “بطن الحوت” مع باسم سمرة وأسماء أبو زيد وسماح أنور، ويتكون من 15 حلقة فقط. في حين يخوض الفنان محمد ممدوح  في السباق الرمضاني بمسلسل “الرشيد” 15 حلقة فقط ويشارك في بطولته ريهام عبد الغفور وسيد رجب، ومثله كريم فهمي بمسلسل “موعد على الغداء” مع محمد عبد الرحمن ومن إخراج كريم العدل.

إضافة إلى عودة الفنان ياسر جلال للتعاون مع مي عمر في مسلسل “علاقة مشروعة” الذي يدور أحداثه في إطار اجتماعي رومانسي. بينما يظهر الفنان أحمد أمين في مسلسل”3 دقائق” وتدور أحداثه في إطار اجتماعي من إخراج علاء إسماعيل.

أيضا مسلسل “تلت التلاتة” للممثلة غادة عبد الرازق الذي يظهرها بصورة جديدة، إذ تجسد 3 شقيقات “توأم”، تتورط إحداهن في مشكلة كبيرة نتيجة زواجها من شخصية يؤديها الممثل محمد القس، الذي يشاركها البطولة. وينتمي المسلسل لنوعية أعمال الغموض والجريمة والتشويق.

الثنائي أحمد السقا ومحمد فراج، يقدمان مسلسل “حرب” المصري المكوّن من 10 حلقات فقط، ويشاركهما البطولة أحمد سعيد عبد الغني وسارة الشامي، والعمل من تأليف هاني سرحان، وإخراج أحمد نادر جلال، وإنتاج شركة “سينرجي”، وتدور الأحداث حول إحدى القضايا الأمنية ومواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة.

ثمة مسلسل قصير آخر عُرض في النصف الأول من الموسم الرمضاني، وهو مسلسل “وأخيراً” السوري اللبناني، وهو من تأليف أسامة الناصر وإخراجه، الذي يوضح ويظهر الوضع الاقتصادي المنقسم في لبنان، وتتحدث بداياته عن تقلّب سعر صرف الدولار وتدهور المعيشة بشكل غير مسبوق. أما القضية المركزية فتستند وتتمحور حول واقع مكتومي القيد ومعاناة المجرّدين من الأوراق الثبوتية.

الثنائي، الفنان السوري قصي خولي والفنانة اللبنانية نادين نسيب نجيم، يلعبان دور البطولة في مسلسل “وأخيراً”، الذي هو من إنتاج شركة “الصبّاح أخوان”، وهو مكون من 15 حلقة فقط.

لتفادي الإطالة؟

في المقابل، أتقنت الممثلة اللبنانية برناديت حديب شخصيتها بحرفية في المسلسل الرمضاني” وأخيراً ” وأبرزت بدقة تمرّسها بالتمثيل وباعها الطويل في تقمص الشخصيات المختلفة والمتناقضة. وأوضحت في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أن ميزة المسلسل أنه قصير وليس كباقي المسلسلات التي تُعرض على الشاشات خلال شهر رمضان.

حديب ترى أن المسلسل القصير لا مكان للإطالة بمشاهده ولا تكرار يصيب المشاهد بالملل، وهذا سبب نجاح هذا النوع من الدراما، متابعة “وهذا النوع من الشراكة بالتمثيل بين اللبنانيين والسوريين، يؤدي إلى منافسة شريفة بينهم والمنافسة شرط أساسي لتقديم العمل الجيد والمستوى المميز”.

كما أشاد الناقد الفني، مصطفى حمدي، بفكرة تقديم المسلسلات الـ 15 حلقة، قائلا، إنها أنسب للكوميديا التي تعتمد على المواقف، كما أنها توفر للكاتب نصا مشدودا بلغة الدراما بعيدا عن المط، وهذا العام كانت تلك المسلسلات مناسبة جدا وقُدّمت دون خلل.

حمدي أردف خلال حواره لفضائية “إكسترا نيوز”، مؤخرا، أن مسلسل “مذكرات زوج” تمت صياغته من الكاتب محمد سليمان عبدالخالق بحرفية شديدة وكان مناسبا جدا لتقديمه في 15 حلقة ولا يحتمل 30، مضيفا أن المسلسلات القصيرة تسمح للمشاهد أن يرى نجوما كثيرين في شهر رمضان عكس مسلسلات ذات الـ 30 حلقة، كما يحدث حاليا في النصف الثاني من رمضان “نشاهد نجوما كثيرين مثل منى زكي ودنيا سمير غانم وتخلق تنوّعا للمشاهد”.

“الأقرب للجمهور”؟

في السياق، يرى بعض النقاد أن المسلسلات القصيرة التي تُعرض في السباق الرمضاني أثبتت أنها الأكثر قُربا من الجماهير وجذبا لهم، حيث تعرض عليهم مواضيع موجزة في مدد قصيرة تقترب أكثر من نمط الحياة السريع الذي تعيشه الغالبية. وصارت هذه الأعمال تحديا كبيرا أمام منتجي الدراما الذين لا يزال بعضهم يصرّ على تقديم مسلسلات طويلة ينفر منها المشاهد، ما يعني أنها ستكون البداية نحو تغيير أشكال الدراما المصرية في المستقبل.

كما وأدرك منتجو الدراما المصرية قيمة البناء على النجاحات التي حققتها المسلسلات القصيرة في موسم رمضان الماضي، حيث كانت هناك تجارب لأعداد محدودة من الأعمال تركت بصمة إيجابية لدى مَن تابعوها، ما دفع العديد من المخرجين والمنتجين إلى التوسع فيها الموسم الحالي، فهناك نحو 12 مسلسلا مصريا لا يتجاوز عدد حلقات كل منها الخمس عشرة حلقة وتناقش قضايا متنوعة، وفق تقرير لصحيفة “العرب”.

هذا وأصبحت السّمة الغالبة في الموسم الرمضاني الحالي والأعمال المقدمة ترفع شعار “الجمهور أولا”، فغالبية المسلسلات تتبنى الإيقاع السريع الذي يكسر ملل الحلقات الطويلة، وظهر في مضمون المنتج النهائي الذي يصل مباشرة إلى لب القضايا التي يناقشها ويلتزم بالتركيز على الأحداث بلا تشتيت لانتباه المشاهد، والسعي نحو توظيف العناصر الإنتاجية والإخراجية لتقديم أعمال فنية متقنة.

يتفق والرأي ذاته، حيث يقول الناقد الفني طارق الشناوي لذات الصحيفة إن أهم ما يميّز المسلسلات القصيرة قدرتها على تقديم جرعة فنية مكثفة في زمن وجيز، وهذا ما يروق للجمهور بعيدا عن إجباره على مشاهدة حلقات مطوّلة ولو كان محتوى العمل نفسه لا يتحمل أكثر من عشر حلقات مثلا.

بالتالي هذه النوعية من الدراما ربما تسحب البساط من تحت أقدام الأعمال النمطية ذات الحلقات الطويلة والأجزاء المتعددة، ويؤسس لعلاقة مختلفة بين الجمهور والدراما الرمضانية مستقبلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات