الأعياد والمناسبات التي تُقترن عادة بزيادة معدلات استهلاك المواد الغذائية، تحولت خلال السنوات الماضية في سوريا إلى حمل ثقيل على العوائل السورية، خاصة مع الارتفاع المتواصل في أسعار هذه المواد خصوصا في الأعياد.

مع ارتفاع أسعار الحلويات زاد الإقبال على صناعة الحلويات المنزلية، وذلك في مسعى من العوائل السورية لسد احتياجاتها من الحلويات خلال العيد، بدون الاضطرار إلى شرائها من الأسواق ودفع مبالغ يصفونها بـ”الفلكية”، كما أن البعض حوّل هذه العادة إلى مهنة منزلية يبيع من خلالها الحلويات إلى أقاربه ومعارفه.

صنع الحلويات في المنزل

تحضير حلويات العيد في المنزل، هو تقليد معروف قديما وينتشر في سوريا، إذ تقوم الكثير من العائلات بتحضير صنف أو صنفين من حلويات العيد في المنزل، وتقوم بشراء باقي الأصناف من الأسواق، لكن الظروف الاقتصادية فرضت على معظم العائلات الاستغناء عن حلويات السوق والاكتفاء بالحلويات المنزلية كونها أرخص مقارنة بغيرها.

“جميع حلويات العيد في المنزل هذا العام”، قالت رغد النجار وهي أم في عائلة مكونة من ستة أفراد، مشيرة إلى أن أسعار الحلويات في الأسواق هذا العام فوق طاقة عائلتها، لذلك فهي تتجه لصنع حلوياتها بنفسها.

النجار قالت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “قبل يومين اشتريت مستلزمات تحضير حلويات العيد، ورغم أن الأسعار كانت مرتفعة جدا، لكن يبقى أرخص من شراء الحلويات الجاهزة في الأسواق، الأسعار أبدا غير منطقية، سأعمل على تحضير كعك العيد والقليل من أقراص العجوة بالسمنة”.

النجار أكدت كذلك أنها تجيد صنع هذا النوع من الحلويات، وقد بدأت العديد من صديقاتها وقريباتها تطلب منها صنع الحلويات مقابل أجر مادي، الأمر الذي شجعها على العمل أكثر وتحويل صناعة الحلويات المنزلية إلى مهنة مؤقتة خلال فترة عيد الفطر، وأضافت في حديثها “ما يدفع الناس لطلب الحلويات المنزلية أن أسعارها منخفضة ولا تقارن أبدا بأسعار الحلويات الجاهزة”.

قد يهمك: محمد فؤاد يفجر مفاجأة من العيار الثقيل.. “كنت عارف إني رايح لرامز جلال”

مع اقتراب عيد الفطر، شهدت أسعار الحلويات ارتفاعات بنسبة وصلت إلى مئة بالمئة، فالصنف الذي كان سعر الكيلو منه 100 ألف ليرة سورية، أصبح ثمنه 200 ألف، والسبب في الارتفاع هو دخول أصناف ومكسرات مثل الفستق الحلبي الذي وصل سعر الكيلو منه إلى 225 ألف، إضافة إلى ارتفاع كلفة اليد العاملة.

رغم زيادة العرض في الأسواق خلال الأيام الأخيرة، فإن الإقبال على شراء الحلويات تراجع بشكل كبير، وهو ما تحدّث عنه رئيس الجمعية الحرفية للحلويات والبوظة بسام قلعجي، الذي أكد في تصريحات نقلها موقع “أثر برس” المحلي، أن “ارتفاع الأسعار حرّم معظم العائلات من متعة شراء واستهلاك الحلويات التي تُعد ركنا أساسيا في استقبال عيد الفطر بعد رمضان”.

نتيجة هذا الارتفاع فإن هناك العديد من أصناف الحلويات أصبحت تُباع بـ”القطعة”، كوربات القشطة التي سجّلت 4 آلاف ليرة سورية للقطعة الواحدة، في حين سجل قرص العجوة الواحد سعر 3000 ليرة، وهناك قطعة الهريسة التي تُصنّف ضمن الحلويات الشعبية وسعرها يوازي 2000 ليرة؛ علماً أن حجم القطعة يلعب دورا بتكلفتها وسعرها للمستهلك.

أسعار مرتفعة

قلعجي أوضع أن الحلويات أصبحت تصنّف على ثلاث درجات، وهي “الشعبي والممتاز والاكسترا”، وتختلف الحلويات ما بين المصنوعة بالسمن الحيواني والمصنوعة بالسمن النباتي، والفرق الذي يميّز هذه الحلويات من ناحية طعمها وسعرها هو نوع السمن فالمواد التي تدخل في صناعتها هي نفسها ولكن الفرق هو السمن الذي يوضع.

وهناك العديد من أصناف الحلويات التي تعتبر متوسطة تُباع في الأسواق، إذا يُباع كيلو البرازق على سبيل المثال، بنحو 35 ألف ليرة، والبيتيفور 33 ألف ليرة سورية، والكنافة بـ 40 ألف ليرة، كيلو البقلاوة بالفستق الحلبي 150 ألف ليرة، الهريسة بين 22 إلى 35 ألف ليرة، المبرومة بالفستق الحلبي 200 ألف.

أما المعمول بالفستق الحلبي فيتجاوز سعره الـ 170 ألف ليرة سورية، وعزا البعض ذلك إلى ارتفاع سعر الفستق الحلبي الذي يتجاوز 220 ألف ليرة سورية للكيلو الواحد، بجانب غلاء السمن النباتي والعربي، وسعر جرة الغاز 300 ألف ليرة وأكثر، فضلا عن الضريبة التي يتم احتسابها بشكل عشوائي من قبل لجان المراقبة والتموين، فهناك بعض المحلات تصل ضريبته إلى أكثر من 60 مليون ليرة وفاتورة الكهرباء إلى 400 ألف ليرة.

الأسعار المذكورة لم تعد تناسب أبدا، متوسط الدخل في سوريا الذي لا يتجاوز 300 ألف ليرة سورية، فضلا عن راتب الموظف الحكومي الذي يبلغ الحد الأدنى منه نحو 95 ألف ليرة، بالتالي فإنه من النادر أن تجد عائلة سورية قادرة على شراء كميات كافية من حلويات العيد، كما اعتادت أن تفعل سابقا.

هذا الارتفاع في الأسعار، تسبب مؤخرا بضعف كبير في الإقبال على هذه الأصناف من الحلويات، الأمر الذي كان سببا في تنشيط صناعة الحلويات المنزلية، كما زاد الإقبال على شراء المواد الأولية اللازمة لصنع هذه الأصناف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات