موسم دراما رمضان، الذي أغلق أبوابه لعام 2023 كان مليئا بالأعمال الدرامية العربية وخاصة المصرية والسورية، وتصدرت نحو عشرة أعمال على محركات البحث والترند، لكن كل هذه الأعمال لم تسلم من انتقادات الجمهور والمتابعين سواء من حيث ضعف النصوص والإخراج أو أداء الممثلين.

بعيدا عن الدراما العربية، كانت الدراما السورية حاضرة وبقوة بنحو 12 عملا، وتضمنت ألوانا درامية مختلفة، بعضها تناول قضايا اجتماعية، منها البوليسي بإطار تشويقي بالإضافة إلى الكوميديا ​​الخفيفة، لكن أعمال “البيئة الشامية” طغت على معظمها، إلى جانب تسيّد السياسة من التمرد ورد الحقوق على محتوى عدد كبير منها.

خلال موسم دراما رمضان 2023، كانت هناك أدوار لافتة ومثيرة لبعض الفنانين، لكن البعض الآخر ظل في بوتقة ثابتة وضمن الأدوار النمطية المرسومة لهم منذ سنوات عديدة، مثل شخصية “عاصي الزند” في مسلسل “الزند- ذئب العاصي”، التي قدمها الفنان السوري تيم حسن، حيث كانت لا تزال قريبة من شخصية “جبل شيخ الجبل”، رغم أن البعض قال إنه خرج من تحت عباءة هذه الشخصية، بعد أن تجسدها لقرابة 5 سنين.

بالتالي سوف يتم التطرق في هذا التقرير لبعض الأدوار لأبرز الفنانين الذين شاركوا في الدرامية السورية خلال موسم رمضان 2023 ومن ثم سرد حكاية كل مسلسل وكيف نجح واتقن بعض الممثلين أدوار مختلفة ذات شخصيات ملفتة.

“عاصي الزند” دور لافت

على الرغم من أن تيم حسن جهد وسخّر كل خبراته الفنية ليظهر بشخصية جديدة مختلفة ولافتة في مسلسله الجديد “الزند” ورغم أن المسلسل حظي بنسبة جمهور عالية وتصدر الأعمال الدرامية السورية، إلا أن البعض اعتبر العمل فاقدا للكاريزما الدرامية بعد سلسلة “الهيبة”، ولا يزال يرافقه شخصية “جبل” هذا العام أيضا في “الزند”، ذلك لاستخدامه بعض المصطلحات المشابهة لما كان يستخدمها في سلسلة “الهيبة”. بل وزاد من العيار في هذا المسلسل الجديد، من كلمات وشتائم بذيئة التي لم يتقبلها نسبة كبيرة من الجمهور، كما تعرض لانتقادات كثيرة.

لكن هذا لا يعني أن تيم حسن لم يجهد للانقلاب على شخصية “جبل شيخ الجبل” التي كرسته نجما في مسلسل “الهيبة” لخمسة أجزاء. لكن دوره في مسلسل “الزند” كان من بين أفضل الأدوار، والذي أخذ منحى تصاعدي كبير ونال إعجاب نسبة كبيرة من الجمهور، وفق الآراء على مواقع التواصل الاجتماعي.

مسلسل “الزند” يدور في إطار اجتماعي سياسي خلال فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى، مُسلّطا الضوء على عائلة “عاصي الزند” الذي يعود من الخدمة العسكرية فإذا به قد تورّط في مكيدة حاكها مجموعة من أهم الشخصيات ذات السطوة في الشام، الأمر الذي يضعه أمام تحديات شديدة الصعوبة.

المراقبون يقولون إن فكرة المسلسل ليست فانتازيا تاريخية، أو مجرد محض خيال، بل هي مستوحاة من شخصية “عاصي الزند” تاريخيا وتمّت معالجتها دراميا. وهذه الشخصية عن رجل يدعى أبوعلي شاهين ولقبه الفهد، عاش في أربعينات القرن العشرين، في مناطق ريف مصياف في جبال الساحل السوري، وتعرض لمواجهة حادة بينه وبين رجال البيك، وصلت حدّ العنف الجسدي.

العمل من بطولة تيم حسن ومنى واصف ودانا مارديني وأنس طيارة وفايز قزق وطارق عبده ويحيى مهايني، ومن تأليف عمر أبو سعدة، وهو تعاون جديد يُضاف إلى الشراكة الفنية الناجحة بين تيم حسن والمخرج سامر البرقاوي، الذي كان مخرجا لسلسلة “الهيبة” أيضا.

الناقد الفني، محمد ماشطة، حول ثنائية حسن والبرقاوي قال “يبدو أن شراكة تيم حسن مع سامر البرقاوي في مسلسل الزند تزداد صقلا وعمقا وتميزا وتناغما، وبالطبع واضح أن للشركة الحاضنة صادق الصبّاح بما تقدمه من خيارات إنتاجية داعمة ومهنية بشكل كبير، الأثر الأكبر لولادة شراكات فنية على ما يبدو، مع قلة من الأعمال، بأنها في طابق، بينما الكثير من الأعمال في طابق ثان أو سابع لا فرق”.

من وجهة نظر الناقد الفني السوري، أن ما يميز سوية الأعمال عن بعضها هو معايير عدة أهمها المهنية بتخديم المشروع، والتعاطي بمنطق المؤسسة لتقييم أي تصور يتم طرحه ودراسة سبل تطويره.

أدوار مختلفة ونمطية؟

في المقابل، لم يخرج الممثل المصري أحمد العوضي بدور جابر أبو شديد، من شخصية الفتوة في مسلسل “ضرب نار”، من إخراج مصطفى فكري. شخصية مشابهة لدور سيف الخديوي في “اللي مالوش كبير”، للمخرج نفسه. لكن الفارق في دور جابر للعوضي هذا الموسم هو إتقانه اللهجة الصعيدية، إضافة إلى أداءه على مسرح الأكشن والاتجار بالسلاح، ومحاولة العودة لزوجته مُهرة، ياسمين عبد العزيز بعد سجنه، وقيام مهرة بخلعه، وفق “العربي الجديد”.

لكن البعض يرى أن أداء قصي خولي كان جيدا في مسلسل “وأخيراً”، ولكنه فشل في تقديم شخصية مغايرة لما كان يلعبها في المسلسلات المشتركة السابقة، وأنها محاولة مكررة لحكايات تناولتها دراما المنصات من قبل. ربما شُوهد ذلك مع قصي خولي في “قيد مجهول”، من إخراج السدير مسعود، الذي رفع أسهمه في لبنان.

كذلك، في مسلسل “النار بالنار” الذي حظي بنسبة مشاهدة كبيرة وأثار جدلا واسعا، ذلك لأنه عمل استثنائي يروي الحكاية والعلاقة التاريخية التي تجمع بين سوريا ولبنان، كما يتناول العلاقات التي تربط بين الشعبين أدبيا وفنيا، وثقافيا، وجغرافيا وتاريخيا. ويتمحور حول وجود اللاجئين السوريين في لبنان، وتسليط الضوء على أوضاعهم المعيشية، وطبيعة علاقتهم باللبنانيين وما طرأ عليها من تحوّلات على مدار أكثر من 11 سنة.

“النار بالنار” كان عملا مميزا هذا الموسم، حيث قدّم نفسه كأحد الأعمال الخارجة عن نسق الأعمال العربية المشتركة، التي باتت قصصها مطروحة ومتوقعة، حيث اتخذ لنفسه منحىً مختلف باتجاه الواقعية، وطرح العديد من المشاكل الاجتماعية من وحي الواقع. وكانت شخصية “عمران”، عابد فهد، من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل، والتي قسّمت جمهور الدراما بين مَن يراه شخصا سيئا شريرا، وآخرين يرونه شخصا ينجز عمله ولا يتعدى على أحد.

لكن البعض يرون الممثل السوري عابد فهد لم يقنع الجمهور في بطولته لمسلسل “النار بالنار”؛ إذ يبدو أنه جرى تواطؤ بين المخرج وفهد لرسم صورة عزيز الذي فقد والده، ثم يقع في حب مريم، كاريس بشار.

على الرغم من أن كاريس قدمت دورا مختلفا ومميزا في ذات المسلسل، ولا سيما بعد تصدّر مشهد لها مع عزيز، جورج خبّاز، الترند وحقق تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفه البعض بـ”العنصري والجريء”، فيما اعتبره البعض الآخر تعبيرا عن حقيقة واقعية.

أدوار نالت إعجاب الجمهور

كما ونجح الممثل اللبناني طارق تميم في كسر حاجز غيابه عن الدراما والمسرح الكوميدي، لوقت ما، في مسلسل “النار بالنار”. يلعب تميم دور اليساري اليائس، المدمن على لعب القمار، ليقدم صورة تفيض بالعفوية والدقة مع زوجته ضمن المسلسل ساشا دحدوح، ويحصد عشرات التعليقات التي تثني على الأداء.

قال البعض عن تميم والقريبين من دائرة أصدقائه، إنه لا يقوم بالتمثيل في المسلسلات، بل إن طبيعته هكذا وحتى في حياته اليومية العادية مثل شخصية المسلسل، ولهذا السبب نجح في تقديم دور لافت ونال إعجاب الجمهور نتيجة قربه من المشاهد.

https://twitter.com/karessfans/status/1650487171348922372?s=20

بدوره، لاقى الفنان السوري مكسيم خليل ثناءً ونقدا لاذعا لدوره في مسلسل “ابتسم أيها الجنرال”، كتابة سامر رضوان وإخراج عُروة محمد. لعب مكسيم دور رئيس دولة عربية يحاول بشتى الوسائل الحفاظ على كرسي الرئاسة، حتى لو أدى الأمر به إلى نفي عمه وشقيقه إلى خارج البلاد، والتفرد بالسلطة مهما بلغت التنازلات، حتى لو اضطر إلى عقد صفقات مع العدو.

في الواقع قام مكسيم بأداء دور مختلف ومبهر أمام الجمهور هذا العام، وتصدّر الترند لعشرات المرات على مواقع التواصل الاجتماعي ولا سيما على منصتي “الفيسبوك” و”تيك توك”.

كما نجح مهيار خضور في لفت الأنظار في الجزء الثالث من مسلسل “للموت”، ما يضعه أمام مفترق خطر لجهة النصوص المفترض التي عليه أن يختارها للمساهمة في مسلسلات تحمل الطابع المشترك بين جنسيات الممثلين. في دور الحارس الشخصي، قدم خضور أداء جيدا، لاقى ترحيبا لافتا، ولا سيما من الجمهور اللبناني.

كما خلع الممثل السوري خالد القيش ثوب العسكري الذي قدمه في “كسر عضم” و”دقيقة صمت” من قبل، وطلّ موسم دراما رمضان 2023، في دور يستحق الثناء في “مربى العز”، من إخراج رشا شربتجي.

كالعادة شارك الفنان السوري جمال سليمان، في بطولة مسلسل مصري ككل عام، الذي يعيش في الدراما المصرية منذ سنوات عديدة، وشارك خلال السباق الرمضاني الماضي في بطولة مسلسل “عملة نادرة”، الذي شارك فيه أيضا الفنانة السورية جمانة مراد، وهو من إخراج محمد العدل.

المسلسل طغى عليه الطابع الصعيدي، وقد سبق وقدم سليمان العديد من الأعمال الناجحة فيها خاصة شخصية “مندور أبو الدهب” في مسلسل “حدائق الشيطان” الذي عُرض في شهر رمضان 2006. جمال سليمان جسد شخصية “عبدالجبار” في المسلسل، وتعكس شخصيته مدى الازدواجية التي يعيشها البعض بين إيمانهم الديني الظاهري والانتصار لمصالحهم عندما تتعارض مع أي إيمان أو مبادئ. وحقق سليمان نجاحا كبيرا خلال دوره هذا.

كذلك، خاضت جومانة مراد تحدٍّ خاص مع نفسها؛ بحسب تعبيرها؛ بشخصية “دميانة” في مسلسل “عملة نادرة”، والتي نجحت من خلاله في تصدّر محركات البحث في إحدى الحلقات بسبب أدائها اللافت، وترك بصمة كبيرة هذا العام.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات