على مر السنين، كان الوسط الفني السوري يتصارع في الجدل القائم حول الأخلاق والشرف. أعادت الخلافات الأخيرة هذه القضية إلى صدارة المناقشات، وسلّطت الضوء على الانقسام بين أولئك الذين يعطون الأولوية لهذه القيم وأولئك الذين يرونها غير عملية.

الفنان والمخرج السوري مظهر الحكيم باتت الشخصية الأبرز في هذا النقاش، حيث وفق تصريحاته الأخيرة كان يطلب من ابنتيه إعطاء الأولوية للأخلاق والمحبة والاحترام. لكنه تراجع فيما بعد عن موقفه، معترفاً بأن هذه الصفات “ورطتهم”.

معضلة الفنان السوري

كثيرون في الأوساط الفنية السورية منذ الأعوام الأخيرة باتوا يشعرون بالانقسام بين الالتزام بقيمهم وكسب العيش. ولا يخفى على أحد أن صناعة الفن يمكن أن تكون مشبوهة وأن العديد من القرارات تُتّخذ خلف الأبواب المغلقة. وقد أدى ذلك إلى ظهور مجموعة من الفنانين الذين يؤمنون بعدم وجود الأخلاق والشرف في المجتمع الفني السوري.

الفنان والمخرج السوري مظهر الحكيم - موقع "شفق بوست"
الفنان والمخرج السوري مظهر الحكيم – موقع “شفق بوست”

الحكيم وخلال لقاء مصوّر مع موقع “فوشيا” أمس الاثنين، أثار موجة من الجدل عندما شارك وجهة نظره حول الوسط الفني السوري. واعتبر الحكيم، المعروف بآرائه الجريئة والشفافة، أن الوسط الفني السوري يفتقر إلى الأخلاق والأدب والحب والاحترام.

خلال اللقاء استذكر الحكيم أولى النصائح التي وجّهها لابنتيه عندما اختارتا طريق الفن، حيث طلب منهما التحلي بالأخلاق والأدب والمحبة والاحترام لكنه لاحقاً اعتذر منهما لأنها صفات “ورّطتهم” بحسب تعبيره في هذا الزمان.

الفنان والمخرج السوري أظهر أن العلاقة التي تجمعه مع ابنتيه أماني ونسرين هي علاقة صداقة أكثر من كونها علاقة أب وبناته.

الفنان السوري انتقد غياب ابنتيه عن الوسط الفني، طالبا توجيه سؤال سبب غيابهما للمخرجين والمنتجين. مشيدا بالوقت ذاته بالمخرجة رشا شربتجي التي أصرت على تواجد ابنته نسرين في مسلسل “حارة القبة 3” الذي عرض في رمضان الفائت بعد غيابها لثمانية أعوام.

أما حول غيابه عن الساحة الفنية علّق قائلا، “الشكوى لغير الله مذلة”، حيث بات هذا السؤال يسبب له إزعاجاً بعد مسيرة فنية طويلة لا زال يعتبر نفسه فيها هاوٍ، وفي خطواته الأولى، وهي النصيحة التي يوجهها دائماً للمواهب الفنية بأن يبقى الشغف لديهم، ويبقى الشعور بأنهم ما زالوا في الخطوة الأولى.

ادعاءات أصحاب الممرات السرية

كما هو متوقع، لم تجد تصريحات الحكيم استقبالا ترحيبيا خاصة بين أولئك الذين لديهم حضور قوي داخل الوسط الفني السوري، فيبدو أن لديهم مشاعر حول أهمية وجود مثل هذه الصفات والآثار المترتبة عليها. ومع ذلك، فإن ما بدا وكأنه اعتذار من الحكيم لبناته هو تلميح إلى هذه الصفات تورط الفنان السوري.

الفنان والمخرج السوري مظهر الحكيم مع ابنتيه - موقع "فوشيا"
الفنان والمخرج السوري مظهر الحكيم مع ابنتيه – موقع “فوشيا”

الآراء المتعارضة ظهرت عندما اجتاحت موجة الجدل وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يعتقد المتّفقون مع الحكيم، أن الوسط الفني السوري ضل طريقه عندما يتعلق الأمر بالمسائل الأخلاقية. فيما أشار معارضو اللقاء إلى أن التصريحات لم تكن سوى موجة غضب من عدم مشاركته وبناته في أعمال درامية مؤخرا.

الحكيم قال في معرض حديثه، إنه لا يحب القسوة في التربية، على الرغم من أنه في البداية مرّت عليه حالات كان بها قاسيا، وبرر ذلك لأنه عاش في بيئة عنيفة فرضت عليه القسوة.

لم يتردد العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بالانحياز إلى الحكيم، إلا أن آخرون أشاروا إلى حالات اضطراب عنيف بين المواهب الشابة النشيطة وبين قامات العهد القديم في الفن، حيث قال أحد المعلّقين إن جوهر الفنان يدور حول تحمّل الانتكاسات والنقد وسط عالم يضج يوميا بالوجوه الشابة.

 التنازلات التي تقدمها الفنانات داخل الوسط الفني

الحديث عن التنازلات في الفن ليس جديدا، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، أثار الفنان اللبناني فارس إسكندر الجدل بين المتابعين في حديثه عن الأخلاق والشرف في الوسط الفني، لافتا في حديث لبرنامج “شو القصة” إلى وجود أمور كثيرة لا يعرفها إلا مَن هم في الوسط.

المغني اللبناني قال إن الشرف في الوسط يُشترى ببعض المال، مؤكدا عدم وجود العفّة في الوسط، وأن كل شيء مباح فيه ومخفي تحت اسم “الفنان”، حيث بنظره كل الفنانات ودون استثناء قدموا التنازلات حتى وصلوا إلى ما هم عليه الآن.

إسكندر خلال المقابلة رفض مصطلح “الطعن بشرف الفنانة”، قائلاً: “أي شرف هاد.. ما فيكي تفوتي بالوسط الفني وتسويلي أنا الشريفة العفيفة ما بتمشي هي”. مضيفا أنه “ما في عفة.. نص الشباب مافي عفة البنات بدو يكون عندن عفة.. كلو مباح بالوسط الفني تحت شعار فنان”.

أيضا أوضح إسكندر أن الفنانات اللواتي رفضن تقديم التنازلات أُبعدوا عن الوسط الفني نهائيا، مشيرا إلى أن الأمثلة وافرة على ذلك. وأن الذكور يُطلب منهم تنازلات في الوسط الفني لكنها لا تكون بحجم التنازلات التي يقدمها الإناث في الوسط.

سابقا صرح المخرج السوري الراحل بسام الملا، بأن الأخلاق في الوسط الفني السوري تغيرت، إلا أن النقاد يجدون أن من يتفوه بهذه التصريحات هي الشخصيات المهزومة في الحياة وبالدراما والتي لا تولد مهزومة، وإنما تهزم في مسار الحياة الإنسانية الطبيعية، والكثير من الشخصيات تغرق في هزيمتها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة