بحسب التقارير الأخيرة، فإن التجارة الممنوعة والاحتيال المادي في سوريا تفشى بشكل مستشري منذ بداية عام 2023، فرغم أن الكوارث التي عصفت بالبلاد تركت المواطنين يكافحون من أجل البقاء وسط نقص في الضروريات الأساسية مثل الغذاء والوقود والدواء، فإن الوضع على الأرض معقّد بسبب التجارة المتفشية في المواد المحظورة والاحتيالية.

على مدى السنوات الفائتة، شهدت سوريا انتشارا في التجارة الاحتيالية والغش المادي بنسبة هائلة وبشكل مذهل. على وجه التحديد، تكشف التقارير عن حالة معقدة ومزيج معقد من الغش والخروج على القانون، والاحتيال المادي داخل المنطقة الخاضعة لسيطرة الحكومة وبمبالغ مهولة.

مخالفات بـ 30 مليار خلال أربعة أشهر

في أحدث بيانات صادرة عن محافظة اللاذقية وحدها، بلغت قيمة الغرامات المالية للضبوط التموينية في المحافظة خلال الربع الأول من العام الحالي نحو 30.375 مليار ليرة سورية.

 سوق الحميدية دمشق - موقع "يكي ميديا"
سوق الحميدية دمشق – موقع “يكي ميديا”

المديرية ووفقا لما نشرته صحيفة “البعث” المحلية، أمس الثلاثاء، نظّمت خلال هذه الفترة 290 ضبطا بحق بعض المستوردين لعدم إصدارهم الصكوك السعرية الخاصة بهم، وأصحاب المخابز لسوء نوعية الخبز ونقص الوزن وتهريب الدقيق التمويني.

كما طالت مخالفات متعلقة بالاتجار بالمشتقات النفطية في السوق السوداء، والغش والتدليس في صناعة المواد الغذائية وغير الغذائية، والاتجار بالمواد الإغاثية، وحيازة المواد منتهية الصلاحية، والبيع والإعلان بسعر زائد، والمواد مجهولة المصدر.

أيضا تم تنظيم 478 ضبطا لعدم الإعلان عن الأسعار وأجور الخدمات، وعدم حيازة الفواتير في مجال الألبسة والأحذية والمواد الغذائية والمواد الصحية والكهربائيات.

المواد المدعومة من الدولة التي تم ضبطها بحسب الصحيفة، كانت مُعدّة للاتجار بطريقة غير مشروعة في السوق السوداء بقصد المنفعة المادية، وبلغت كمياتها 3612 كغ دقيق تمويني و13214 ليتر مازوت و1100 ليتر بنزين.

فهم الاحتيال التجاري في سوريا

أحد أبرز المجالات التي يتم التلاعب بها هو إنتاج الخبز، والذي يُعد غذاء أساسيا في سوريا. فبحسب التقارير، فإن بعض أصحاب المخابز ينتجون خبزا رديء الجودة ومنقوص الوزن، فيما يقوم آخرون بتهريب الدقيق التمويني المخصص لتوزيعه على المدنيين. وهذا لا يحرم الناس من الغذاء الذي هم في أمس الحاجة إليه فحسب، بل يقوّض أيضا جهود الحكومة لتوزيع المساعدات بشكل عادل.

السوق السوداء للمشتقات النفطية مشكلة أخرى هي أيضا، حيث ينخرط بعض المتداولين في عمليات الاحتيال وبيع المنتجات المغشوشة، والتي يمكن أن تكون خطيرة وحتى مميتة. ويقوم آخرون ببيع مواد الإغاثة، بما في ذلك السلع منتهية الصلاحية، وبأسعار متضخمة، مستغلين الوضع الهش للشعب السوري.

بصرف النظر عن مالكي المخابز، يبدو أن الأمر قد ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث انتشرت تجارة الاحتيال عبر بيع مواد غذائية مقلّدة ومنتهية الصلاحية، مما قد يشكل مخاطر صحية على المستهلكين. بالإضافة إلى ذلك، يتم بيع بعض المواد مجهولة المصدر، مما يثير مخاوف بشأن سلامتها وجودتها.

عند تحليل مثل هذه الأعمال غير القانونية، يبدو أن إجراءات الحكومة السورية لقمع هذه الأنشطة غير القانونية لم تفضِ إلى نتيجة، حيث لا يزال الشعب السوري يعاني من تداعيات هذه الأنشطة غير القانونية التي لا تؤدي إلا إلى تعميق الأزمة الإنسانية في البلاد.

مواد مغشوشة وأطعمة منتهية الصلاحية

في ظل الغلاء المستمر بأسعار المواد الغذائية، والتي أصبحت تشكل عبئا ثقيلا على السوريين لا سيما خلال شهر رمضان وبعده، حيث تعيش الأسواق السورية حالة من الانفلات والفوضى وانتشار المواد المغشوشة، حيث يستغل بعض الباعة رغبة الأهالي في شراء المواد الرخيصة من أجل بيع مواد غير مطابقة للمواد القياسية.

تزايد الضغوط على المستهلكين في سوريا - موقع "غيتي"
تزايد الضغوط على المستهلكين في سوريا – موقع “غيتي”

في تقرير سابق لصحيفة “الوطن” المحلية، تبين أن هناك انتشار لحالات الغش في المواد الاستهلاكية اليومية في رمضان، فضلا عن بيع مواد مطلوبة خلال الشهر ومنتهية الصلاحية وغير مطابقة للمواصفات السورية، كالعصائر والحلويات، حيث تُباع هذه المواد عبر البسطات في ظل ضعف الرقابة التموينية، وعدم لعب الجهات الحكومية لدورها المطلوب.

عضو مجلس الشعب السوري زهير تيناوي، اتهم وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، بفشلها في ضبط الأسعار وتنفيذ آليات الرقابة على الأسواق، وقال إن ارتفاع الأسعار وضعف الرقابة على الأسواق هي مشاكل قديمة متجددة، فوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لم تستطع لغاية اليوم تثبيت الأسعار وضبطها رغم استقرار سعر الصرف بشكل نسبي.

كذلك فإن زيادة الطلب على بعض المواد، كانت فرصة لانتشار المواد المغشوشة ذات الطلب العالي، وقد لفت تيناوي إلى أن “نسبة من التجار يستغلون زيادة الطلب على المواد خلال شهر رمضان من أجل تصريف مواد كاسدة وبضائع مغشوشة ومنتهية الصلاحية وهذا الأمر انتشر خلال شهر رمضان الحالي”.

الغش والفوضى في الأسعار، يوحي بالتأكيد بمدى تدهور الوضع المعيشي في سوريا، فضلا عن عجز الجهات الحكومية عن فعل أي شيء وهي تشاهد المواد الغذائية المغشوشة وهي تباع للسوريين، وتكتفي بإطلاق التبريرات والوعود بمحاسبة المفسدين والتجار المحتكرين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات