في ظل الغلاء المستمر بأسعار المواد الغذائية، والتي أصبحت تشكل عبئا ثقيلا على السوريين لا سيما خلال شهر رمضان، تعيش الأسواق السورية حالة من الانفلات والفوضى وانتشار المواد المغشوشة، حيث يستغل بعض الباعة رغبة الأهالي في شراء المواد الرخيصة من أجل بيع مواد غير مطابقة للمواد القياسية.

منذ بداية شهر رمضان، ارتفعت أسعار المواد المرتبطة بالمائدة الرمضانية بنسب متفاوتة، وصلت في بعض الأحيان إلى مئة بالمئة، كالمشروبات الرمضانية والحلويات فضلا عن اللحوم بأنواعها، كل ذلك في ظل غياب الرقابة الحكومية، حيث تعجز الأخيرة عن ضبط الأسعار ومراقبة جودة المواد المباعة في الأسواق.

غش غير مسبوق في الأسواق

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، أشار إلى انتشار حالات الغش في المواد الاستهلاكية اليومية في رمضان، فضلا عن بيع مواد مطلوبة خلال الشهر ومنتهية الصلاحية وغير مطابقة للمواصفات السورية، كالعصائر والحلويات، حيث تُباع هذه المواد عبر البسطات في ظل ضعف الرقابة التموينية، وعدم لعب الجهات الحكومية لدورها المطلوب.

عضو مجلس الشعب السوري زهير تيناوي، اتهم وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، بفشلها في ضبط الأسعار وتنفيذ آليات الرقابة على الأسواق، وقال إن ارتفاع الأسعار وضعف الرقابة على الأسواق هي مشاكل قديمة متجددة، فوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لم تستطع لغاية اليوم تثبيت الأسعار وضبطها رغم استقرار سعر الصرف بشكل نسبي.

تسعير المواد الغذائية في الأسواق السورية، يتم غالبا بشكل عشوائي وبما يتلائم مع رغبة التجار، وذلك نتيجة فشل الحكومة في التحكم بمدخلات الإنتاج وتقديم الدعم اللازم للمنتجين، خاصة فيما يتعلق بالمحروقات والمواد الأولية، وبالتالي أصبح المنتج يتحمل تكاليف ارتفاع أسعار الطاقة والمحروقات وبالتالي وضع الأسعار بما يحقق له الربح المناسب.

قد يهمك: محمد فؤاد يفجر مفاجأة من العيار الثقيل..كنت عارف إني رايح لرامز جلال”

كذلك فإن زيادة الطلب على بعض المواد، كانت فرصة لانتشار المواد المغشوشة ذات الطلب العالي، وقد لفت تيناوي إلى أن “نسبة من التجار يستغلون زيادة الطلب على المواد خلال شهر رمضان من أجل تصريف مواد كاسدة وبضائع مغشوشة ومنتهية الصلاحية وهذا الأمر انتشر خلال شهر رمضان الحالي”.

المواد كالعصائر والحلويات الشعبية، انتشرت  بكثرة خلال شهر رمضان وتُباع على الأرصفة والعربات هي مواد مضرة بالصحة وغير مطابقة للمواصفات القياسية السورية إضافة إلى الألبان والأجبان التي تُعتبر بمعظمها غير مطابقة للمواصفات القياسية.

تبريرات وتهرب من المسؤولية

تبريرات متفاوتة أطلقها مسؤولون حكوميون للتهرب من المسؤولية، حيث قال أمين “جمعية حماية المستهلك” في دمشق عبد الرزاق حبزة، في تصريحات للصحيفة المحلية، إن الجمعية لاحظت في الأسواق مؤخرا انتشارا كبيرا  لصبغات وملونات مختلفة غير معروفة المصدر توضع للعصائر التي تباع للمواطنين على العربات والأرصفة كذلك انتشار ظاهرة فرم كميات كبيرة من اللحوم الحمراء بشكل مسبق وليس أمام المستهلك كما كان يحصل قبل شهر رمضان، ما يعني أن الغش وصل للحوم.

من أبرز المواد التي انتشر الغش فيها خلال رمضان، الألبان والجبان، حيث انتشرت ظاهرة بيع هذه المنتجات متجولة في شوارع العاصمة دمشق، وتبيع هذه السيارات منتجاتها بأسعار أقل من السوق بنسبة تتجاوز 50 بالمئة.

السيارات المتجولة تبيع كيلو الجبنة بسعر 12 ألف ليرة سورية، في وقت يصل سعرها في الأسواق إلى 30 ألف ليرة، كذلك تباع اللبنة بسعر 10 آلاف ليرة للكيلو الواحد، في وقت تبيعها محلات الألبان والأجبان بأسعار تتراوح بين 18 إلى 20 ألف، وسط غياب الرقابة التموينية عن هذه المواد التي تُباع بشكل عشوائي للمستهلكين.

بحسب شهادات الأهالي لـ”الحل نت”، فإن بائعي هذه المواد يستغلون صيام المشترينَ، إذ إن “من يشتري هذه المنتجات لا يعلم عن مكوناتها وطعمها، لكن بالتأكيد بعد معاينة المستهلكين لطعم هذه المنتجات، لن يتوجهوا لشرائها مرة أخرى، كما أن هناك أشخاصا يشترونها لعدم قدرتهم على شراء الجبنة واللبنة البلدية النظامية”

حول طرق تصنيع المواد المغشوشة، أكدت تقارير محلية أن هذه المواد يتم صناعتها في ورشات غير نظامية، وفي منازل موجودة في مناطق مخالفات وغير خاضعة للرقابة التموينية والصحية باعتبار أنها تُصنع في أماكن غير معروفة وبعيدة عن أنظار التموين، لكن المسؤول الحكومي تجاهل الحديث عن أية آليات مجدية لمنع وصول هذه المنتجات إلى المستهلك.

من المعلوم أن كل 6 كيلو حليب، يمكن أن ينتج عن تصنيعه كيلو واحد من الجبنة، وباعتبار أن تكلفة كيلو الحليب على المنتجين تصل إلى 3 آلاف ليرة، فإن الحد الأدنى لتكلفة كيلو الجبنة يصل إلى 18 ألف ليرة سورية، ما يؤكد كذلك أن جميع المواد التي تباع بأسعار رخيصة هي منتجات مغشوشة.

هذا الإقبال على المواد المغشوشة، جاء بطبيعة الحال بسبب الغلاء الكبير الذي أصاب منتجات الألبان والأجبان ومختلف المواد الغذائية، وزاد حدته مع قدوم شهر رمضان، خاصة وأن هذه المنتجات تدخل في الأطباق الرئيسية لوجبة السحور.

خلال الأيام الأخيرة ومع ارتفاع أسعار مختلف المواد الغذائية، زاد الإقبال على الأطعمة المصنوعة من البقوليات كالفول والفتّة والفلافل، وهي من الأطباق الشعبية منخفضة التكلفة، وتُعد أحد الأطباق الثانوية خلال شهر رمضان في سوريا لكنها تحولت إلى قائمة الأكلات الأساسية المقدمة ضمن مائدة الإفطار، بعد الغلاء الكبير الذي شمل اللحوم بأنواعها. 

الغش والفوضى في الأسعار، يوحي بالتأكيد بمدى تدهور الوضع المعيشي في سوريا، فضلا عن عجز الجهات الحكومية عن فعل أي شيء وهي تشاهد المواد الغذائية المغشوشة وهي تباع للسوريين، وتكتفي بإطلاق التبريرات والوعود بمحاسبة المفسدين والتجار المحتكرين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات