تكلفة علاجات الأسنان في سوريا باتت موضع نقاش خلال 24 ساعة الأخيرة، وذلك بسبب ما ادعاه زكريا الباشا، نقيب أطباء الأسنان في سوريا، بأن علاجات الأسنان في البلاد هي الأرخص من بين تلك المتوفرة في الدول الأخرى؛ إذ قوبلت هذه التصريحات بالتشكيك من قبل المواطنين السوريين ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، الذين يرون بأن الوضع الاقتصادي في البلاد قد ساء في السنوات الأخيرة، مما يجعل من الصعب على الناس تحمل تكاليف علاج الأسنان.

بحسب ما يتداول فإن علاج الأسنان في دمشق بات للأثرياء فقط، حيث تشهد العديد من المناطق السورية، فوضى سعرية وفوارق كبيرة بين الأسعار التي تحددها نقابة أطباء الأسنان، وبين الأسعار التي يتقاضاها الأطباء في العاصمة دمشق وريفها. 

تصريحات تثير ضجة

خلال حديثه أمس الخميس، لإذاعة “شام إف إم” المحلية، ذكر الباشا أن الوضع الاقتصادي لدى المواطن ليس جيد وبالتالي يرى أن أجور أطباء الأسنان مرتفعة، مبينا أنه منذ عام 2013 لم تصدر تعرفة جديدة لأطباء الأسنان، والنقابة غير مسؤولة عن التعرفة.

 صورة من عيادات الخاصة في تقديم الخدمات العلاجية السنية للسكان - إنترنت
صورة من عيادات الخاصة في تقديم الخدمات العلاجية السنية للسكان – إنترنت

أيضا في معرض حديثه عن زراعة الأسنان، وضح الباشا أن العملية الواحدة تكلف ما لا يقل عن 500 ألف بدون تكاليف العلاج وتعرفة الطبيب، لافتا إلى أن 99 بالمئة من المواد المستعملة مستوردة، كما أن الأطباء أصبح ربحهم أقل من 25 بالمئة من المبلغ الذي يحصلون عليه من المريض.

علاوة على ذلك، بيّن نقيب أطباء الأسنان، أنه في عام 2013 كانت تكلفة التعويض الكامل للفكين تبلغ 6000 ليرة، أما اليوم لا تقل عن 200 ألف ليرة.

حديث الباشا يتناقض مع ما ذكره رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يجمع أغلبهم على أنّ الفوضى في المجال الطبي بلغت ذروتها، حيث تؤكد صبا محمد، أن هناك اختلاف بأسعار نوع العلاج الواحد بين عيادة وأخرى في الشارع نفسه. 

من جهته يرى مرهف خيربيك الذي يدرس ‏السنة التحضيرية في الكلية الطبية بدمشق، أن حديث الباشا صحيح مقارنة بالمواد الأولية، لكن الراتب لا يكفي لربع حشوة ضوئية مع سحب عصب. في حين أضاف ماجد سليمان بلهجة متهكمة، “أي والله رخيص كتير، إذا بدك تقلع سن بدك تسوي جمعية”.

تكلفة علاج الأسنان في سوريا

منذ عام 2013، لم يتم إصدار تعرفة جديدة لأطباء الأسنان في سوريا والنقابة ليست مسؤولة عن تحديد التعريفة. لكن بسبب التدهور الاقتصادي في البلاد، يشعر المواطنون أن تصريحات الباشا بعيدة عن الواقع، ففي حين أن تصريحه قد يكون صحيحا إلى حد ما، إلا أنه لا يعكس الواقع الاقتصادي الحالي في سوريا.

ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة الليرة السورية يعني أن الناس يعانون ولا يستطيعون الوصول حتى إلى أبسط الضروريات. تصريحات نقيب أطباء الأسنان حول القدرة على تحمل تكاليف علاجات الأسنان في سوريا أثارت اعتبارات أخلاقية. ففي حين أنه يدعي أن علاجات الأسنان هي الأرخص في العالم، إلا أنها قد لا تكون بالضرورة مؤشرًا على الجودة.

 صورة من عيادات الخاصة في تقديم الخدمات العلاجية السنية للسكان - إنترنت
صورة من عيادات الخاصة في تقديم الخدمات العلاجية السنية للسكان – إنترنت

في سوريا يبدأ الحد الأدنى لسعر زراعة الأسنان من 300 دولار ويصل إلى 500 دولار للسن الواحد، وتبلغ تكلفة زراعة طقم أسنان كامل 2000 دولار تقريبا. وبذلك لا تُعد تكلفة عمليات التجميل في سوريا منخفضة مقارنة بالدول العربية الأخرى خاصة دول الخليج، وذلك نظرا لتراجع سعر صرف العملة السورية في السنوات الأخيرة.

تكلفة علاج الأسنان في سوريا تعتمد على العديد من العوامل مثل، خبرة الطبيب ومهاراته، وشهرة المركز الطبي الذي سيتم فيه الإجراء، والتقنية المستخدمة في العلاج، وعدد الأسنان، أيضا حجم الأسنان وإذا كانت أمامية أم خلفية، فضلا عن عدد الجلسات التي يحتاجها المريض ليتم العلاج بشكل كامل.

الاعتماد على طرق بديلة

في السنوات الأخيرة، شهدت سوريا تدهورا اقتصاديا حادا، حيث فقدت الليرة السورية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي؛ وقد جعل ذلك من الصعب على المواطنين العاديين تحمل التكاليف الأساسية، ناهيك عن علاجات الأسنان باهظة الثمن. كما ساهم ارتفاع معدل التضخم في زيادة العبء المالي الذي يواجهه السوريون، حيث ارتفعت أسعار السلع والخدمات بشكل كبير، بما في ذلك رعاية الأسنان.

 صورة من عيادات الخاصة في تقديم الخدمات العلاجية السنية للسكان - إنترنت
صورة من عيادات الخاصة في تقديم الخدمات العلاجية السنية للسكان – إنترنت

علاوة على ذلك، كان للوضع الاقتصادي تأثير مدمر على نظام الرعاية الصحية في البلاد، حيث أدى إلى نقص حاد في الإمدادات والمعدات الطبية، كما أدى الاعتماد على استيراد المواد الأولية إلى انخفاض كبير في جودة خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك رعاية الأسنان، وأجبر العديد من السوريين على طلب العلاج في الخارج أو الاعتماد على طرق علاج بديلة، غالبا ما تكون غير آمنة.

في حين أن ادعاء الباشا قد يكون دقيقا في الماضي، إلا أنه لم يعد يعكس الوضع الاقتصادي والرعاية الصحية الحالي في سوريا. أصبحت التكلفة المرتفعة لعلاج الأسنان، إلى جانب تدهور جودة خدمات الرعاية الصحية، مصدر قلق كبير لكثير من السوريين.

الجدل حول تكلفة علاج الأسنان في سوريا هو انعكاس للأزمة الاقتصادية والرعاية الصحية التي تواجه البلاد. في حين أن علاجات الأسنان قد كانت ميسورة التكلفة نسبيا في الماضي، إلا أن الوضع الاقتصادي الحالي جعل من الصعب على السوريين الحصول على علاج لأسنانهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات