لم تعد مادة الزعتر، هي المادة التي تعتمد عليها الأُسر محدودة الدخل في سوريا، لإغناء مائدة الفطور لديها، فمع الارتفاع الكبير في أسعار الزعتر، تحولت هذه المادة إلى قائمة الكماليات، حيث لم يعد بمقدور جميع الأُسر شراء ذات الكميات التي اعتادت عليها.

مدينة حلب هي المدينة الأشهر في سوريا وربما على مستوى العالم بصناعة الزعتر، سجّلت مؤخرا انخفاضا في معدلات الطلب على المادة، الأمر الذي جعل العديد من أصحاب المحال التجارية يفكرون بالعزوف عن بيع المادة، تزامنا مع توقف المعامل المصنّعة للزعتر.

توصف بأنها “قوت الفقراء” بسبب انخفاض ثمنها، إلا أن سعر كيلو الزعتر الحلبي، وصل في أسواق حلب إلى 30 ألف ليرة سورية للنوع الأول و 22 ألف ليرة للنوع التجاري، كذلك شمل ارتفاع الأسعار زيت الزيتون، الذي وصل سعر العبوة منه نحو 600 ألف ليرة سورية وتحوي 16 كيلو جرام.

ارتفاع بنسبة الضعف

نسبة الارتفاع في المادة خلال عام واحد وصلت إلى نحو مئة بالمئة، حيث كان يباع كيلو الزعتر قبل عام بأسعار تتراوح بين 14 إلى 16 ألف ليرة سورية، في وقت عزا تقرير نشرته شبكة “غلوبال نيوز” المحلية، ارتفاع أسعار المادة إلى غلاء المواد الداخلة في تصنيعه من الزعتر والسمسم والكمون والكزبرة.

في مدينة حلب تنتشر العديد من أصناف الزعتر، وذلك بحسب خلطة المواد الداخلة في تصنيعه، حيث تختلف أسعار كل خلطة عن أخرى، ويتراوح سعر الكيلو حاليا بين 25 إلى 35 ألف ليرة، بحسب نوع الخلطة التي يتكون منها.

بحسب مصادر محلية فإن أسعار المواد الداخلة في خلطة الزعتر ارفعت هي الأخرى خلال الفترة الماضية، حيث وصل سعر كيلو السمسم إلى 30 ألف ليرة، والزعتر الأخضر 25 ألف للكيلو، والسماق وصل إلى 25 ألف للكيلو، والشمرة واليانسون 20 ألف، والكزبرة 16 ألف، والكمون بلغ 45 ألف، والقضامة 15ألف والبزر المحمص 30 ألف، والحنطة المحمصة 5 آلاف، فضلا عن ارتفاع تكاليف حوامل الطاقة وأجور العمال وغيرها. 

مهنة صناعة الزعتر في مدينة حلب، تعد من أبرز المِهن التي تشتهر بها المدينة، كما أنه يوجد العديد من العائلات التي توارثت المهنة على مدار عشرات السنين في المدينة، كما أن مادة الزعتر تُعد من أشهر أطباق السوريين عموما على وجبة الإفطار، وفي حلب بالتحديد لا توجد عائلة تقريبا لا تستهلك مادة الزعتر بشكل يومي.

المهنة مهددة

بعض العاملين في مجال تصنيع الزعتر، اتجه مؤخرا إلى إيقاف مهنته بسبب انخفاض معدلات الطلب على المادة نتيجة غلاء الأسعار، حيث أكد تقرير الشبكة المحلية، أن حِرفيي الزعتر الحلبي يعانون من صعوبات كثيرة في الإنتاج، أبرزها ارتفاع أسعار مكونات التصنيع وعدم توفرها في بعض الأحيان.

بدوره أوضح عضو اتحاد الحرفيين في حلب شادي السرميني، أن الأوضاع التي تشهدها السودان ألقت بظلالها على مهنة صناعة الزعتر، وأضاف في تصريحات لـ”غلوبال نيوز”، “تركت أزمة السودان تأثيرها على الزعتر الحلبي، كون السمسم يُستورد من هذا البلد، فالإنتاج المحلي من مادة السمسم التي تُعد المادة الأساسية في تصنيع الزعتر لا تكفي”.

قد يهمك: بعد ارتفاع معدلات الاستقالة في سوريا.. الحكومة تهدد الموظفين بالسجن والغرامة!

السرميني أشار إلى أن ورشات ومعامل الزعتر متركزة في المدينة الصناعية بالشيخ نجار والمناطق الصناعية الأخرى، مؤكدا أن عدد هذه الورشات والمعامل انخفض إلى 25 معملا فقط بعد ما كان عددها بالآلاف حسب قوله.

الزعتر يُعتبر من أشهر المواد الغذائية في سوريا عموما، وفي مدينة حلب بالتحديد، ويتم تقديمه مع الخبز الطازج وزيت الزيتون، كما اشتهر بتحضيره كـ “مناقيش” في كل من لبنان وسوريا، ولعل أشهر أنواع الزعتر هو الحلبي نسبة إلى مدينة حلب.

مدينة حلب تشتهر بصناعة الزعتر، ويأتي السياح من مختلف الأماكن وعند خروجهم يصطحبون كميات كبيرة من الزعتر الحلبي، كونه لا يتوفر إلا داخل المدينة، والبعض يأخذه لتقديمه كهدايا للأقارب والأصدقاء، واشتهرت العديد من العائلات الحلبية منذ عشرات السنين بصناعة الزعتر أبرزها عائلة الناصر وكسحة وميسلون.

في ظل التخبط الكبير والارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، يتساءل السوريون حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار، في وقت تتهم فيه وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” التجار بعدم الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الجهات الحكومية، ليرد التجار ويبررون غلاء الأسعار بالارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، فضلا عن النقص الحاد في موارد الطاقة والمحروقات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات