في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها سوريا، يواجه السكان المحليين صعوبات جمة في تأمين احتياجاتهم الأساسية، ولاسيما فيما يتعلق بالغذاء. ومن بين الأصناف الخضراوات التي شهدت ارتفاعا ملحوظا في أسعارها خلال الفترة الأخيرة، تبرز الملوخية والبامياء كالسلعتين الأعلى سعرا.

الملوخية والبامياء تُعتبر من الخضروات الأساسية في الطبخ السوري، وتشتهران بقيمتهما الغذائية العالية وفوائدهما الصحية المتعددة. ومع ذلك، أصبحت هاتان المادتان الأساسيتان تشكل تحديا كبيرا للمواطنين السوريين، حيث ارتفعت أسعارهما إلى مستويات لم يسبق لها مثيل.

من المثير للدهشة أن الفواكه أيضا، التي كانت في السابق تعتبر جزءا من تلك السلع التي يمكن للأُسر السورية شراؤها للاستهلاك اليومي، أصبحت الآن مادة للتصوير فقط وللطبقة المخملية، حيث باتت الأسر ذات الدخل المحدود تجد نفسها غير قادرة على تحمل تلك الفواكه الفاخرة.

مؤشر لأسعار السلع في سوريا

لا تزال أسعار الخضروات تتحدى التوقعات وتواصل ارتفاعها في أسواق دمشق، حيث استمرت البندورة في الحفاظ على سعرها المرتفع، إذ يتراوح سعر الكيلو منها بين 3500 و4000 ليرة سورية. وتصدرت البامياء المشهورة بنكهتها وقيمتها الغذائية العالية قائمة الخضروات الأعلى سعرا، حيث وصل سعر الكيلو الواحد منها إلى 12 ألف ليرة، في حين بلغ سعر الكيلو الواحد من الملوخية 15 ألف ليرة.

محال بيع الخضراوات في شوارع دمشق - إنترنت
محال بيع الخضراوات في شوارع دمشق – إنترنت

وفقا لمؤشر أسعار السلع، وطبقا لموقع “غلوبال نيوز” المحلي، فقد شهد سعر كيلو البازيلاء الفرط ارتفاعا ملحوظا ليتجاوز 3 آلاف ليرة سورية، نظرا لاقتراب نهاية الموسم. وسجلت الأسواق نقصا في توافر الفول، بينما استقر سعر كيلو الفاصولياء الخضراء عند 10 آلاف ليرة.

بالنسبة للملوخية، التي تتوافر بكميات محدودة في الأسواق نظرا لكونها في بداية موسمها، فقد وصل سعر الكيلو الواحد منها إلى 15 ألف ليرة سورية. وسجلت بقية الخضروات أيضا أسعارا مرتفعة، حيث بلغ سعر كيلو الكوسا والباذنجان 3500 ليرة سورية، وسعر البطاطا الكيلو منها 2500 ليرة، والعجور بسعر 3500 ليرة، والخيار البلدي بسعر 3500 ليرة، فيما سجل سعر كيلو البصل اليابس 2000 ليرة.

بحسب حديث أحد الباعة الذي أبدى استياءه، فإن الوضع صعب جدا، حيث أشار إلى أن الناس يمرون أمام صناديق الخضروات يسألون عن الأسعار ويُكملون طريقهم، لأنهم يبحثون عن أدنى الأسعار حتى لو كانت السلع من الدرجة الثالثة أو الرابعة أو حتى خضروات ذات جودة منخفضة.

فبالنسبة للمواطن ذي الدخل المحدود، أصبح شراء الخضروات شبه مستحيل وغير مقبول، فالأسعار تختلف من يوم لآخر، فحتى الثوم الكسواني والبلدي مفقودين من الأسواق و الكيلو وصل سعره إن وجد فوق الـ 20  ألف ليرة من النوع الجيد.

أما فيما يتعلق بأسعار الحشائش، فقد استمرت على ثباتها خلال الأسابيع الماضية، حيث بلغ سعر كيلو الخس 2500 ليرة سورية، وربطة البقلة بـ 500 ليرة، وربطة البقدونس بـ 500 ليرة، وربطة النعناع بـ 500 ليرة، بينما وصل سعر جرزة البقلة والزعتر والطرخون إلى 1000 ليرة.

أسعار معقولة خارج سلطة دمشق

في أسواق شرق سوريا تتوافر مجموعة جيدة من الخضراوات المحلية بجانب الخضراوات المستوردة، إذ يسيطر الإنتاج المحلي بشكل كبير على الأسواق مما يؤدي إلى انخفاض في الأسعار مقارنة بالخضراوات المستوردة. وتحدث هذه الظاهرة نتيجة غياب رقابة كاملة من قبل الدولة على هذه الأسواق التي تعمل خارج إطار التنظيم الرسمي.

كساد في بيع الخضراوات والفواكة السورية - إنترنت
كساد في بيع الخضراوات والفواكة السورية – إنترنت

سكان هذه المناطق في جميع مدنها لا يشكون من غياب مؤسسات الدولة في قطاع التموين، حيث يحدد تجار الأسواق الجملة والتجزئة، أسعار المواد بشكل دوري من سلطات “الإدارة الذاتية” مع اعتبار للوضع المادي والاجتماعي للسكان. وعلى الرغم من وجود زراعة مكثّفة للخضراوات الصيفية والشتوية في قرى ريف مدينة الحسكة خلال السنوات الماضية بسبب توفر المياه السطحية والجوفية للري، إلا أن الرقابة التموينية كافية.

في تصريح لمدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الحسكة، علي خليف، أشار إلى أن أسعار مختلف أصناف الخضراوات الصيفية انخفضت منذ بداية الأسبوع الماضي، نتيجة بدء تدفق الإنتاج من المناطق الجنوبية والشرقية للمحافظة، بالإضافة إلى وصول كميات من إنتاج محافظة دير الزور إلى الأسواق. 

خليف، توقع استمرار هبوط أسعار الخضراوات خلال الفترة المقبلة مع بدء تداول الإنتاج من المناطق الشمالية، خاصة الخضروات المنتجة في ريف مدينة عامودا. وأكد أهمية انخفاض أسعار الخضراوات لتلبية احتياجات الأُسر بأسعار معقولة.

على الرغم من الأعباء المادية الكبيرة في قطاع الزراعة، حيث يتعين على المزارعين شراء المواد بالدولار وبيع إنتاجهم بالليرة، فإن هناك خسارة كبيرة تنتج عن اختلاف سعر الصرف وتراجع أسعار الإنتاج. كما أن تأثير تجار الخضراوات المستوردة في تخفيض الأسعار يؤثر أيضا على الخضراوات المحلية، على الرغم من ازدهار زراعة الخضراوات بشكل جيد.

الفواكه خارج حسابات العائلة السورية

وفقا لصاحب أحد المتاجر الذي تحدث لموقع “بزنس تو بزنس” المحلي، أمس الاثنين، فإن الفواكه أصبحت خارج متناول العائلات السورية، حيث أصبحت محصورة في الفئة الثرية أو ما تسمى محليا بالطبقة المخملية لارتفاعها بنحو 60 بالمئة عن العام الماضي. فعلى سبيل المثال، وصل سعر كيلو الموز إلى 10 آلاف ليرة، ويتوفر بكميات كبيرة مخزنة وتُعرض بالجملة، مما يدل على انخفاض مستوى الاستهلاك، فالمارة يكتفون بالتقاط صورا للأسعار وينشرونها على وسائل التواصل الاجتماعي.

كساد في بيع الخضراوات والفواكة السورية - إنترنت
كساد في بيع الخضراوات والفواكة السورية – إنترنت

أسعار الفواكه مثل الخوخ تتراوح بين 6 و9 آلاف ليرة سورية للكيلو حسب جودتها، وكذلك الدراق بين 7 و9 آلاف ليرة للكيلو، والكرز بين 9 و15 ألف ليرة حسب نوعية الكرز ومكان إنتاجه، خاصة الأنواع المخصصة للتصدير. وبلغ سعر البطيخ 2000 ليرة للكيلو، والجبس 1500 ليرة للكيلو، ويتم طرح أنواع جديدة باللون الأخضر الفاتح في الأسواق لأول مرة.

أما فيما يتعلق بالتفاح، فيتراوح سعر الكيلو بين 5000 ليرة لصنف “الحزيراني”، وسعر البرتقال 4500 ليرة للكيلو، وسعر الفريز 10 آلاف ليرة للكيلو، وسعر الجانرك 10 آلاف ليرة للكيلو، وسعر الحصرم 6000 ليرة للكيلو.

أمام هذه الارتفاعات المتواصلة بأسعار الخضار والفواكه، تبحث الكثير من الأُسر السورية الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود على أصناف النخب الثالث والرابع وحتى  السلع الباتية منها، والتي يتم سحبها من المحلات وتكون أسعارها رخيصة جدا. و يلاحظ عشرات المتسوقين لهذه السلع و المواد أمام صالات السورية للتجارة.

أصحاب الدخل المحدود في سوريا لم يعودوا يفكرون في الفواكه والخضروات الطازجة، ولا يهتمون بمثل هذه المصطلحات، إن اهتمامهم يتركز على كيفية تأمين الطعام لأطفالهم وأسرهم في ظل ارتفاع الأسعار المتزايدة.

بشكل عام، يعاني السوريون من فجوة كبيرة بين الدخل والنفقات؛ فعلى الرغم من أن الحد الأدنى للأجور لا يتجاوز 92 ألف ليرة سورية، وأن متوسط الأجور يبلغ حوالي 150 ألف ليرة سورية، إلا أن متوسط تكاليف المعيشة لأسرة مؤلفة من خمسة أفراد تفوق 5.6 مليون ليرة سورية، والحد الأدنى يتجاوز 3.5 مليون ليرة سورية، ما يجعل الخضروات والفواكه للتصوير فقط أو للطبقة المخملية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات