تحد جديد تخوضه السعودية مع كلا من كوريا الجنوبية وإيطاليا وأوكرانيا، سعيا لاستضافتها “إكسبو 2030″، بعد أن حققت خلال السنوات الأخيرة الماضية العديد من الإنجازات اللافتة، ما يعزز حظوظها لكسب المنافسة لاستضافة المعرض، والمقرر بدء التصويت لاختيار المدينة المستضيفة له في اجتماع الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض الذي يعقد في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

المنافسة بين الرياض وبوسان تعتبر الأكثر شدة، لأسباب منها إقامة إيطاليا لمعرض “إكسبو 2015” في ميلانو، ونظام “المكتب الدولي للمعارض” يمنع تنظيم أي دولة لنفس المعرض خلال 15 عاما، كما إن الأوضاع التي تعيشها أوديسا تقلل فرصتها لكسب المنافسة.

من جهة أخرى، يبلغ عدد الدول الداعمة لطلب الرياض استضافة “إكسبو 2030” إلى 90 دولة، مما يشير إلى أهمية هذا الحدث لدى الدول المختلفة، وفقا للمكتب الدولي للمعارض المسؤول عن تنظيم معرض “إكسبو” الدولي.

ملف الاستضافة

السعودية أعلنت أمس الثلاثاء، تقديمها ملف استضافة العاصمة الرياض معرض “إكسبو 2030″، خلال أعمال الجمعية العامة للمكتب الدولي للمعارض “بي آي أي”، في العاصمة الفرنسية باريس، جاء ذلك غداة إقامة الهيئة الملكية لمدينة الرياض حفلا في باريس بمشاركة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لمندوبي 179 دولة أعضاء المكتب الدولي للمعارض المنظمة المسؤولة عن “معرض إكسبو” الدولي، بحسب مصدرين سعوديين رسميين.

تحت شعار 'حقبة التغيير: المضي بكوكبنا نحو استشراف المستقبل'/وكالات سعودية
تحت شعار ‘حقبة التغيير: المضي بكوكبنا نحو استشراف المستقبل’/وكالات سعودية

من جانبها أفادت قناة الإخبارية السعودية الرسمية، بتقديم وفد المملكة ملف استضافتها معرض “إكسبو 2030” للجنة المنظمة، مشيرة إلى أنه أول ملف تم تقديمه، دون تفاصيل أكثر، وترأس وفد المملكة، وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، المشارك في أعمال الجمعية العامة للمكتب الدولي للمعارض في باريس.

بدوره قال  بن فرحان، خلال أعمال الجمعية العامة “بي آي أي” بأن أولويات السعودية الاستراتيجية أن تقدم معرضا شيده العالم للعالم، ومعرضا يعترف بالتنوع العالمي، موضحا بأن الرياض تعد مدينة عالمية نابضة بالحياة، وتضم أكثر من 7 ملايين نسمة، 48 بالمئة منهم من غير السعوديين يأتون من أكثر من 130 دولة، وفي ختام كلمته، أشار إلى أن السعودية تتطلع إلى النجاح في استضافة “إكسبو 2030”.

من جهته يرى المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر بأن الهدف السعودي من استضافة معرض “إكسبو 2030” هو تعزيز مكانة السعودية دوليا، وتحقيق تطلعاتها لتنمية اقتصادها وتحويله إلى اقتصاد متنوع ومستدام، إلى جانب إبراز دورها ومكانتها في المنطقة والعالم.

أبو قمر خلال حديثه لـ”الحل نت” يوضح بأن المعرض آنف الذكر يمثل فرصة للتعريف بالثقافة والتراث والابتكار السعوديين، وتعزيز السياحة في المملكة وجذب الملايين من الزوار والمستثمرين من جميع أنحاء العالم، مما يسهم في تنمية الاقتصاد السعودي وزيادة فرص العمل.

هذا وتكمن أهمية معرض “إكسبو 2030” من وجهة نظر أبو قمر، في تطوير وتنمية التعاون الدولي وتوسيع دائرة الصداقة والتبادل الثقافي بين الدول المشاركة في المعرض، والإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتفق عليها دوليا، إلى جانب إبراز معالمها لدعم الجذب السياحي، والاستفادة من التعاون مع كثير من الدول والشركات.

خطط سعودية

الرياض وضعت العديد من الخطط والبرامج الهادفة لتحقيق هدف استضافتها للمعرض، حيث نقلت وكالة “رويترز” عن وكالة الأنباء السعودية “واس”، اليوم الأربعاء، أن المملكة خصصت 7.8 مليار دولار لاستثمارات من أجل استضافة معرض “إكسبو 2030” في العاصمة الرياض.

في سياق ذلك قال وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، إن ميزانية المعرض تبلغ 7.8 مليار دولار أميركي، وهو مبلغ محفّز للخطط الاستثمارية الأوسع في الرياض، وكجزء من رؤية السعودية “2030” التي تستهدف استثمارات على مستوى وطني بأكثر من 3.3 تريليون دولار بحلول نهاية العقد.

مضيفا بأن المعرض سيكون مركزا عالميا لاجتماع الشركات المحلية والعالمية على حد سواء واستكشاف مواضيع تنمية الاستثمار، من خلال “مختبر الاستثمار العالمي” الذي ستطلقه المملكة وسيكون مركزا عالميا للابتكار، كما ستطلق مركزا للمشتريات يسهّل على المشاركين تصميم وتنفيذ وبناء أجنحتهم في المعرض.

رئيس الهيئة الملكية للرياض، فهد الرشيد، قال في تصريح صحفي على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في “دافوس”، في كانون الثاني/يناير الماضي، إن الميزانية الموضوعة لبناء موقع إكسبو بقيمة ثماني مليارات دولار قليلة مقارنة باستثمارات البناء الحالية البالغة 400 مليار دولار في المدينة، التي يصل عدد سكانها إلى ثمانية ملايين نسمة.

مضيفا بأن الرياض تبني أكبر شبكة مواصلات في العالم وأكبر مطار في العالم، كما يجري إنشاء أكثر من 30 مشروعا ضخما حاليا، وبالتالي فإن المدينة تشبه خلية نحل للنشاط الاقتصادي، هذا وتخطط المملكة لضخ استثمارات إجمالية تبلغ نحو 800 مليار دولار، تمكنها من زيادة مساحة الرياض وعدد السكان بها إلى الضعفين بحلول “2030”.

في موازاة ذلك، يقول أبو قمر بأن أهم البرامج التي أطلقتها الرياض لتحقيق استقطاب “إكسبو 2030″، هي إنشاء مدينة المعرض في محافظة الدرعية، والمجهزة ببنى تحتية حديثة، والتي من شأنها تلبية جميع احتياجات الزوار، وتوفير المساحة الكافية لاستضافة جميع الدول المشاركة.

أيضا تطوير البنية التحتية في المملكة، وتحديدا في محافظة الدرعية، من خلال توسعة وتحديث شبكة الطرق، وتحسين وسائل المواصلات العامة، وتوفير الخدمات اللازمة للزوار والمشاركين بالمعرض، إلى جانب تطوير تقنيات الطاقة المتجددة وتعزيز الاستدامة البيئية، حيث ستكون معظم المباني والمنشآت في المعرض مخصصة للاستفادة من الطاقة الشمسية والرياح، بحسب أبو قمر.

فرص مهمة

ربما يكون المعرض فرصة لإبراز كثير من القطاعات غير المستغلة في السعودية، وهو ما سيعزز مكانتها العالمية ويدفعها إلى التقدم دوليا في عدة مجالات، بحسب المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر، إذ من المتوقع أن يستقطب الحدث عددا كبيرا من الزوار والمشاركين من مختلف أنحاء العالم، وبالتالي سيشجع ذلك الاستثمار في السعودية وزيادة النمو الاقتصادي.

إكسبو 2030 حلم السعودية/ وكالات
إكسبو 2030 حلم السعودية/ وكالات

كما يعتبر “إكسبو 2030” من وجهة نظر أبو قمر فرصة كبيرة للترويج للسعودية كوجهة سياحية دولية ولزيادة عدد السياح الوافدين إلى المملكة، وفرصة للترويج للثقافة السعودية ولتسليط الضوء على التقارب الثقافي بين الدول، وبالتالي ذلك يحقق دخل كبير للرياض.

بصفة عامة، سيعد “إكسبو 2030” فرصة كبيرة للسعودية للارتقاء بالاقتصاد والثقافة والسياحة والبنية التحتية، وسيثمر تحقيق السعودية استضافته العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة، ولعل أبرزها وفق أبو قمر، تحسين الصورة الذهنية للسعودية في وسائل الإعلام والعالم وزيادة الاهتمام بثقافة وتاريخ البلد، مما يساعد على تعزيز علاقاتها بأهم الدول.

المعرض يشجع الاستثمار والابتكار في التقنيات الحديثة مثل الهندسة والطاقة والرعاية الصحية والزراعة وغيرها، مما يمنح الشركات والمؤسسات فرصة لتبادل الخبرات والتعاون والتوسع في السوق، مما يساهم في تخفيض معدلات البطالة وتوفير فرص العمل للشباب والمرأة.

أخيرا، يمكن القول إن حلم “إكسبو 2030” سيؤدي إلى التنمية الشاملة للاقتصاد والثقافة والترفيه في السعودية، وتحديث البنية التحتية وتزويد السوق المحلية والعالمية بمنتجات وخدمات جديدة ومتنوعة، وذلك يمثل رؤية ولي العهد السعودي بنقل المملكة إلى مراحل متقدمة وجديدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات