انتقادات لاذعة وساخرة طالت وزير التربية والتعليم في سوريا، دارم طباع، على إثر تراجع مستوى التعليم وكمية الأخطاء التي حدثت أثناء عملية تصحيح وتدقيق امتحانات الشهادات العامة في سوريا، وسط تتالي العديد من الشكاوى وحالات تظلم من قِبل طلاب المرحلة الثانوية العامة بجميع فروعها “البكالوريا”.

اعتبر بعض الطلاب في تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بأن هذا العام كان أسوأ سنة دراسية في تاريخ سوريا، في انتقاد مباشر لإدارة دارم طباع لهذا المنصب وفشله في إدارة النظام التعليمي بشكل صحيح وإيجابي من أجل تحقيق التقدم والتطور للطلبة في البلاد.

انتقادات لوزارة التربية

إحدى الصفحات المشهورة على السوشيال ميديا، نشرت منشورا عن وزير التربية السوري دارم طباع وكتبت “شكرا لك يا سيادة الدكتور دارم الطباع لم تخيب رجاءنا وقمت بمساعدتنا بكل ما تستطيع نحن أبناءك الطلبة نحبك جدا”.

بمجرد نشر التدوينة على منصة “فيسبوك” تصاعدت الانتقادات من خلال التعليقات كالنار في الهشيم ضد الطباع، وكان من أبرز هذه التعليقات “”الله يكسر ايدين يلي صحح الوراق ظالمين الطلاب، مين أبناءه الطلبة الي بحبو؟ حبو لحالك ماشي والله يخلصنا منو ويرجع للبيطرة بكون كتير أحسن، عشو بتحبو عالعلامات الي مصحلينها غلط”.

بينما علق آخرون بالقول “وتسريب الاسئلة صار يلي مابيفهم يجيب التامة، مامنطيقك يا دارم طباع.. تنتيج و تصحيح بيهوي، ويلي بحبو بكون واحد مجمع ٢٤٠، العلامة التامة، على شو بس قولو على شو بدنا نحبو، عالظلم بالعلامات أو على الغش اللي صار على كتاف طلاب تعبت واحترق سلافها طول السنة وبالأخر تعبن راح على الفاضي يا للأسف بس”.

فيما طالب آخرون بدورة إضافية لطلبة مدينة حلب شمال غربي سوريا، التي تعرضت خلال السادس من شباط/فبراير الماضي لكارثة الزلزال التي راح ضحيتها الآلاف، إضافة إلى إلحاق أضرار بنسبة كبيرة من السكان، الأمر الذي أدى إلى نزوحهم لبعض المناطق والمدن الأخرى، وأضافوا “نحن أبناء مدينة حلب المنكوبة زلزالين ويوجد من أبنائنا الكثيرينا ظروفهم كانت صعبة نتيجة تضرر منازلهم وكان الوقت قد أدركهم ونرجو من الله ومنكم بدورة استثنائية من الطلبة الذين لم يكن لديهم فرصة تكميلية والله الموفق”.

هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها انتقاد وزير التربية السوري، ففي وقت سابق تعرض أيضا لموجة انتقادات واسعة أثناء تقرير سابق لأحد المواقع المحلية، حيث أكد طباع من خلاله أنه تم اتخاذ إجراءات وضوابط لمنع حالات الغش والتلاعب في الأوراق الامتحانية، وأن أي ورقة امتحانية يتم تصويرها داخل القاعة سيعرف من أي مركز من خلال ترميز الورقة ويتم مسك الطالب خلال 5 دقائق.

هذا التصريح أثار انتقاد العديد من المتابعين، حيث قال أحدهم “ما بدا غش القصة واسطة مرتبة وخلصنا خلي اجهزة المراقبة والمناقصات الوهمية تشتغل شغلا.. المخابرات عجزت عن هالتطور ماشالله، بدل ما تشددو ع الغش اعطو الطالب حقو بالوقت عايشين بباريس لأن”.

بينما قال آخر “حاج بأكد ويتخذ كل الشعب بيعرف انو ما فيهم غير بالحكي قال ترميز قال صوروا عمي وشوهوا الورقة من فوق وماحد رح يعرف شي وكل كلامهم حكي وَترهيب وماطالع معهم شي”.

يوم الإثنين الماضي، أصدرت “وزارة التربية السورية”، نتائج امتحانات الشهادة الثانوية بجميع فروعها عن الدورة الأولى، بنسب نجاح بلغت 65 بالمئة مقابل نسبة نجاح 55 بالمئة في دورة 2022.

حالات تظلم

في سياق حالات تظلم لدى بعض الطلبة، فقد قدمت إحدى الطالبات اعتراضا على منصة “فيسبوك” ونشرتها صفحة “نبض الجامعات السورية” المشهورة، وكتبت “برسم السيد وزير التربية، أنا الطالبة بيان بسام سلمان من ريف دمشق، طالبة بكلوريا علاماتي تامة وشبه تامة، إلا علامة الكيميا ١٦٤ ولولاها كنت بجيب ٢٣٧.٦ بطلب المساعدة منك بمناشدة الوزارة لتصحيح الخطأ يلي صار لأن أنا متأكدة انو باخدا تامة وحتى لو نقص مستحيل كل هالعلامات”.

الطالبة بيان أردفت في مناشدتها لوزارة التربية السورية قائلا “أنا جبت بالتاسع 309.4 من 310 وسافرت ببعثة على بيلاروسيا من السيد الرئيس لأن أنا من أبناء الشهداء وبتمنى يوصل صوتي للوزارة”.

من جانبهم تفاعل المتابعين معها وأعربوا عن تضامنهم، ودعوها لتقديم اعتراض رسمي إلى “وزارة التربية والتعليم السورية”، على أمل سماعها، وأن تقوم الوزارة السورية بواجبها تجاه هذه المشاكل، وخاصة أن حالات التظلم كهذه واضحة ولا يتطلب دلائل وإثباتات، وأن لا يتم ضياع حق وتعب طالبة أو طالب عانى لمدة عام كامل وفي النهاية يكون ضحية خطأ من مدقق ومصحح مادة ما، وسط إهمال الجهات المسؤولة.

يوم أمس قدمت إحدى الطالبات أيضا اعتراضا على منصة “فيسبوك” ونشرتها صفحة “طلاب سوريا” المشهورة، وكانت اعتراضها على الشكل التالي “أنا من السيدة زينب الاسم دينا ناصر مرعي  37916 علاماتي بكل المواد جيدة لكن بمادة الرياضيات لم تكن كذلك”، مضيفة أنها خرجت من الامتحان وأعادت تصحيح ورقتها الامتحانية حسب سلم التصحيح وبشكل كامل، وكانت تتوقع نتيجها بين 550 و 560 علامة، ولكن الأمس كانت صدمة كبيرة لها، إذ جاءت علامتها 65 فقط من أصل 600 علامة، وتساءلت بالقول “هل قمت بتسليم الورقة فارغة بالفعل للحصول على هذه العلامة الضعيفة”.

الطالبة دينا ناصر تناشد بدورها عبر الصفحة، الجهات المعنية ومنهم، وزير التربية، دارم طباع، بإنصافها في هذا الخطأ الكبير الذي بسببه انحرمت من فرحة النجاح وأردفت “أنا متأكدة أن هناك خطأ بالتنتيج واتمنى ان تساعدوني لحتى أحصل ع حقي وتعبي”.

من علامات الطالبة تبدو أنها متفوقة، فعلامتها جيدة في كل المواد، إلا مادة الرياضيات راسبة فيه، وتضامن وتفاعل المتابعين معها وكتبوا قائلين “يا حرام روحولها فرحة النجاح علاماتها ممتازة، ممكن يكون خطأ بإضافة صفر، بدل 560، تم كتابة 56، ناسيين الصفر أكيد، كتير ظالمين ناس بالتصحيح في شي غلط”.

موعد التكميلي

في الأثناء، أصدرت “وزارة التربية” تعليمات التسجيل لامتحانات الشهادة الثانوية بجميع فروعها لدورة 2023 الثانية “التكميلي”. ويبدأ التسجيل اعتبارا من صباح اليوم الثاني الذي يلي صدور نتائج الدورة الأولى ويستمر لغاية يوم السبت القادم.

التسجيل للطلبة النظاميين سيكون في مدارسهم، وللطلبة الذين يتقدمون بصفة دراسة حرة في دوائر الامتحانات في مديريات التربية. وتقديم طلبات اعتراض الطلاب على درجاتهم في الدورة الأولى وعلى عقوبات مخالفي التعليمات الامتحانية يبدأ من اليوم الذي يلي صدور نتائج الدورة الأولى، ويستمر لمدة خمسة أيام فقط بما فيها العطل الرسمية.

بالعودة إلى نتائج الامتحانات، فقد صرح وزير التربية دارم طباع في بيان صحفي يوم أمس الإثنين، أن عدد المتقدمين في الفرع العلمي بلغ 147243 طالبا وطالبة، نجح منهم 97667 طالبا وطالبة ونسبة النجاح مقدارها 66.33 بالمئة في الدورة الأولى فقط، في حين بلغت نسبة النجاح في دورة عام 2022، 55.29 بالمئة، بحسب وكالة الأنباء السورية “سانا” المحلية.

هذا وكان لافتا غياب 8 محافظات بشكل نهائي عن قائمة العلامات التامة في البكالوريا الفرع العلمي، وسط حديث على منصات التواصل الاجتماعي حول انتشار فساد كبير بما يخص انتشار الأسئلة وعمليات التصحيح.

بلغ عدد المتقدمين في الفرع الأدبي 68676 طالبا وطالبة نجح منهم 47169 طالبا وطالبة وبنسبة نجاح 68.68 بالمئة في الدورة الأولى فقط، في حين بلغت نسبة النجاح في دورة عام 2022، 54 بالمئة.

أما الثانوية الشرعية فقد بلغ عدد المتقدمين 1398 طالبا وطالبة نجح منهم 1082 طالبا وطالبة وبنسبة نجاح 77.40 بالمئة في الدورة الأولى فقط، في حين بلغت نسبة النجاح في دورة عام 2022، 65.52 بالمئة. وبلغ عدد المتقدمين للثانوية المهنية النسوية 3347 طالبا وطالبة نجح منهم 2620 طالبا وطالبة وبنسبة نجاح 78.28 بالمئة في الدورة الأولى فقط، في حين بلغت نسبة النجاح في دورة عام 2022، 70.40 بالمئة.

أما عدد المتقدمين للثانوية المهنية الصناعية فقد بلغ 14707 طلاب وطالبات نجح منهم 9975 طالبا وطالبة وبنسبة نجاح 67.82 بالمئة في الدورة الأولى فقط، في حين بلغت نسبة النجاح العامة في دورة عام 2022، 60.72 بالمئة. وفي الشهادة الثانوية المهنية التجارية بلغ عدد المتقدمين 6645 طالبا وطالبة نجح منهم 4543 طالبا وطالبة وبنسبة نجاح 68.37 بالمئة في الدورة الأولى فقط، في حين بلغت نسبة النجاح العامة في دورة عام 2022، 52.99 بالمئة.

طباع ذكر أن عدد الطلاب الراسبين في الفرع العلمي ممن يحق لهم التقدم للدورة الامتحانية الثانية 36308 طلاب وفي الفرع الأدبي 9909 طلاب. أما الذين رسبوا ولا يحق لهم التقدم للدورة الثانية فقد بلغ عددهم 11997 طالبا وطالبة في الفرع العلمي و10918 طالبا وطالبة في الفرع الأدبي.

تراجع مستوى التعليم في سوريا-“الصورة تعبيرية من الإنترنت”

وزير التربية أردف في بيانه، حصل 33 طالبا في الفرع العلمي على العلامة التامة وكانت اللاذقية في المرتبة الأولى بـ13 طالبا وطرطوس في المرتبة الثانية 8 طلاب ودمشق في المرتبة الثالثة 4 طلاب فيما حصلت حلب وريف دمشق على 3 طلاب لكل منهما وحماة حصل منها طالبان على العلامة التامة.

أما في الفرع الأدبي فلم يحصل أي من الطلاب على العلامة التامة في هذه الدورة. وفي الشهادة الثانوية الشرعية حصلت الطالبة زينب محمد حامد رسلان من محافظة حلب، ثانوية البنات الأولى الشرعية على المرتبة الأولى على مستوى القطر ونالت /4502/ درجة من المجموع العام /4600/ درجة.

بعد 2011 آلت حال التعليم في سوريا إلى تدهور ملحوظ وباتت في أدنى المستويات نتيجة لتزايد مستوى الفساد، وقلة الموارد وجمود المناهج التعليمية، وعسكرة الحرم الجامعي وهجرة الأدمغة، وبالتالي تدمير نظام التعليم بشكل عام، وفق ما أكده العديد من الباحثين في جامعات عالمية من بينها جامعة “كامبريدج”.

فقد تصاعدت حالات الغش والفوضى بشكل مبالغ فيه في المدارس الواقعة في مناطق سيطرة الحكومة السورية، منذ اندلاع الحراك الشعبي في آذار/مارس 2011، ما دفع بعض الدول إلى إعادة النظر في الشهادات التي حصلت عليها في سوريا خلال فترة الحرب. واتخذ البعض إجراءات عدم الاعتراف بهذه الشهادات.

كما وتراجع مستوى التعليم في عموم سوريا، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها الطلاب من مختلف الجهات، فضلا عن الفساد والمحسوبية في مؤسسات المنظومة التعليمية في سوريا، سواء من قبل الكادر الإداري أو من قبل الأساتذة من مختلف التخصصات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات