في تصريحات انتقادية للجهات المعنية بتنظيم المهرجانات والحفلات الغنائية في سوريا، قال المغني السوري جورج طحان إن الفنانين السوريين هم أولى وأحق للغناء في مهرجانات بلادهم، في إشارة واضحة إلى إحضار “مهرجان ليالي قلعة دمشق” لفنانين غير سوريين باستثناء فنان واحد فقط هذا العام، وعدم إعطاء الأولوية والأهمية للمغنين السوريين.

بينما يعاني معظم السوريين في الداخل بشكل كبير نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية، ستفتتح النسخة الرابعة من مهرجان ليالي قلعة دمشق برعاية حصرية من شركة “سيريتل” للعام الثاني على التوالي، والتي ستطلقها شركة “مينا” الأول من المهرجان في 2 آب/أغسطس القادم.

انتقادات لمهرجان قلعة دمشق

نحو لك، أضاف المطرب جورج طحان، في لقاء مع إذاعة “المدينة أف أم” المحلية، يوم أمس الثلاثاء، في برنامج “داماسكوس نايت شو” مع وجيه الجندي، عقب سؤاله إذا تم الاتصال به بخصوص الحفلات الجماهيرية التي تقام في مدينة المعارض القديمة بدمشق أو مهرجان ليالي قلعة دمشق، ولماذا يغيب الفنان السوري عن هذه المهرجانات، وإذا حضر فهو الفنان الوحيد من بين مجموعة من غير السوريين، أنه لم يتواصل معه أحد للمشاركة في المهرجانات السورية.

طحان أشار إلى أنه “كانوا يطلبوننا سابقا لإحياء الحفلات الغنائية والمهرجانات لعدم قدرة منظمي هذه الحفلات على دفع أجور للفنانين غير السوريين”، في نقد واضح للجهات المعنية بتنظيم هذه المهرجانات.

طحان لفت إلى أن “الفنان لا يطلب منهم أن يحضر وإنما على القائمين أن يتواصلوا معهم، وأعتقد يجب أن يكون هناك مناصفة في حضور الفنانين السوريين مع غير السوريين. فمثلا إذا كان هناك مهرجان متعلق ببلد معين، فهل يجوز إحضار فنان من غير جنسية ذلك البلد، هذا خارج المنطق حقيقة، في الإمارات مثلا عندما يكون هناك مهرجان فيه، يكون حسين الجسمي أول المغنين فيه وهكذا..”.

تفاعل المتابعين مع انتقادات طحان للجهات المعنية بتنظيم المهرجانات الجماهيرية في سوريا، فكتب أحدهم “اريح الك حفله بأستراليا من حفله بسوريا والله الطبقة الراقية الي هون كأنها عايشه ومالهن علاقه بالطبقة التانية.. اجارات هون وتجهيز حفلات وأجواء تقرف المطرب”.

بينما انتقد أحد المعلقين بالقول “ما هون المشكلة، بيدعمولك أصوات الجعير والأغاني الجبلية الهابطة، والأصوات الحلوة مهملة وما حدا بيعرفها بسبب الإهمال”، في إشارة إلى إحضار المغنيين الشعبيين مثل بهاء اليوسف وعلي الديك وحبيب توفيق في عدة حفلات سابقة، ومنها حفلات مدينة المعارض بدمشق.

مَن سيغني في مهرجان قلعة دمشق؟

في المقابل، كشفت شركة “مينا” عن القائمة النهائية للفنانين العرب الذي سيغنون في مهرجان ليالي قلعة دمشق الدورة الرابعة، ففي أول أيام المهرجان والذي سينطلق في 2 آب/أغسطس القادم، سيحيي المهرجان كل من الفنان السوري محمد المجذوب والفنان اللبناني زياد برجي، وفي ثاني أيام المهرجان 3 آب/أغسطس، سيقف المغني اللبناني جوزيف عطية على خشبة المسرح مجددا.

في ثالث أيام المهرجان 4 آب/أغسطس الفنانة اللبنانية كارول سماحة وفرقة “سفر” السورية، أما في رابع أيام المهرجان 5 آب/أغسطس سيكون مع الفنان اللبناني مروان خوري.

الختام سيكون في 6 آب/أغسطس مع المغني التونسي صابر الرباعي وذلك بالتعاون مع وزارتي “السياحة والثقافة” السورية و”محافظة دمشق”، ورعاية حصرية من شركة “سيرتيل”.

هذا وكتب صابر الرباعي منشورا على صفحاته الشخصية على السوشيال ميديا حول حضوره مهرجان قلعة دمشق، قائلا “بعد غياب 12 عاما، التقيكم  جمهور سوريا الحبيب بمهرجان ليالي قلعة دمشق في ليلة لا تنسي يوم الأحد 6 آب/أغسطس.. أنا في انتظاركم، كونوا في الموعد”.

بينما نشرت كارول سماحة البوستر الخاص بحفلها القادم في سوريا، وذلك عبر حسابها الشخصي على منصة “فيسبوك”، وعلقت عليه قائلة “اشتقنا يا سوريا.. مع بعض رح نغني أحلى الأغاني ونسترجع ذكرياتنا الحلوة بمهرجان ليالي قلعة دمشق يوم 4 آب/أغسطس.. ناطرتكن”.

تكلفة الدخول “غالية”

خلال الدورة الثالثة غير المتتالية، استقبل مهرجان ليالي قلعة دمشق العديد من الفنانين العرب، ومن الذين أحيا المهرجان، كان الفنان ناصيف زيتون في الـ 24 تموز/يوليو من العام الفائت، وتراوحت أسعار البطاقات بين 25 – 35 ألف ليرة سورية تبعا لصف الحضور، ووصلت إلى 150 ألف ليرة لدرجة الـ”في آي بي”، لكن وفق تقارير صحفية سابقة، فقد وصل سعر بطاقة ناصيف زيتون في السوق السوداء بأكثر من 200 ألف للحضور بالصفوف الأخيرة التي سعر تذكرتها في الأساس، كان مقدرا بـ 25 ألف ليرة فقط.

في ذلك الوقت تفاعل عدد كبير من السوريين مع هذه الإعلانات بتعليقات ساخرة وغاضبة، حيث كتب أحدهم “يشتري المرء شوال من السكر، وكم علبة متة، وبزيد معي”، وأضاف آخر بشكل ساخر من رواتب الموظفين “على أساس الشعب السوري طفران وفقير ومامعو ياكل، إذا سعر البطاقة لأقل واحد بنص راتب الموظف أو يمكن هني ما بدهم الموظفين..”.

تعليقات أخرى جاءت مختلفة فيما يخص أسعار البطاقات، قائلين “معقول في حدا بيدفع نص مليون ليحضر وديع الشيخ أو وفيق حبيب وبهاء اليوسف”. وفي السنوات الماضية وحتى اليوم انخفضت مستوى السياحة في البلاد بشكل كبير.

منذ صيف 2019 وبعد هدوء الجبهات في محيط العاصمة دمشق وقبلها حلب وحمص، عادت الحفلات الغنائية لمطربين مشهورين إلى سوريا، ثم توقّفت خلال انتشار وباء “كوفيد 19” لتعود بعدها مرّة أخرى على نطاق أوسع في عام 2022.

بدأت هذه الحفلات من بوّابة سهرات ثقافية في مهرجانات كانت تُقام سابقا في سوريا، مثل مهرجان قلعة دمشق، لتنتقل بعدها على شكل حفلات تنظّمها شركات الإنتاج والتوزيع السورية.

كذلك، استضافت دمشق ومدنا أخرى مثل حلب وحمص، خلال الصيف الماضي، عدّة حفلات لمطربين عرب مشهورين، ولكن بينما تأتي هذه الحفلات في البلد الذي يتصدّر “قوائم البؤس” من حيث الأسوأ في المعيشة والدخل والسعادة، وبينما يعيش أكثر من 80 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر حسب الإحصاءات الأممية، تُظهر هذه الحفلات حالة الشرخ الطبقي الاقتصادي الذي يعيشه السوريون في داخل بلادهم.

وسط غلاء الأسعار بشكل “خيالي”، تمّ تداول أسعار بطاقات حفل “عيد السيدة” بوادي النصارى بريف حمص الذي أقيم في الصيف الماضي، الأمر الذي أثار استياء وغضب الكثير من السوريين، حيث كان لافتا أن ثمن بعض البطاقات بلغ نصف مليون ليرة سورية.

من بين الفنانين اللبنانيين الذين شاركوا في الحفلات، فارس كرم ورامي عياش وزياد برجي وسيف نبيل، حيث وصلت سعر بطاقة حفلة كرم إلى 500 ألفا، أما عياش وبرجي فكانت تُباع بـ 350 ألفا. أما الفنانين والمغنين السوريين، وفيق حبيب وعلي الديك وأخوه حسين الديك، فقد وصلت سعر بطاقة حفلة وفيق إلى 400 ألفا، أما علي الديك فوصلت إلى 275 ألفا، و حسين الديك فكانت تُباع أعلى فئات بطاقات حفلته بـ 350 ألف ليرة سورية.

الفن الهابط يحاصر حفلات دمشق

من المفارقات في تاريخ سوريا أن يتم إحياء أضخم حفل موسيقي في أكبر المعارض بسوريا بعد السيدة فيروز، بعض المغنين الشعبيين الذين ليس لهم تأثير فني كبير. قديما كانت فيروز هي التي تُحيي حفل مدينة المعارض بدمشق، واليوم بعد إعادة افتتاح هذه الحفلات، يتصدر عرضها بعض المطربين الشعبيين مثل بهاء اليوسف السوري و”دي جي” كلوي اللبنانية.

هذا الأمر سبق أن انتقده كثيرون من السوريين، واليوم أعربوا أيضا عن مدى تراجع مستوى الفن والإبداع في البلاد، بالإضافة إلى إثارة حفلة “دي جي” كلوي، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبروه انفصالا عن الواقع السوري، خاصة كمية الكهرباء والإضاءة الموجودة، حيث أثيرت الحفلة شهية السوريين للكهرباء المفقودة بشكل شبه كلي في البيوت.

قبل أسابيع عدة، أحيت “دي جي” كلوي حفلا شهد إقبالا كبيرا من الشباب السوري وفق الفيديوهات التي تم تداولها عبر مواقع السوشيال ميديا. والحفلة أقيمت على أرض المعارض القديمة بدمشق وتراوح سعر البطاقة بين 50 و100 ألف ليرة سورية، وفق موقع “سناك سوري” المحلي مؤخرا.

إزاء ذلك، أعرب البعض على مواقع التواصل الاجتماعي عن دهشتهم من كمية الكهرباء الموجودة في حفل “دي جي” كلوي، وسط ساعات التقنين الطويلة التي يعيشون فيها بالتزامن مع حلول فصل الصيف، وارتفاع درجات الحرارة تدريجيا. كما وانتقدوا هكذا نوعية من الحفلات في بلد يعاني من جملة من الأزمات.

من جانب آخر، انتقد آخرون إحياء مثل هكذا حفلات التي اعتبروها تدعيما للفن الهابط، ولفتوا إلى ضرورة جلب فنانين لهم تاريخ فني عريق كالسيدة فيروز أو حتى بعض الفنانين القديرين الآخرين، معلقين بالقول “إس الله على أيام فيروز لما كانت بالسبعينيات بتغني بالمعرض نفسه، شام أنتِ المجد لم يغب، ويا شام عاد الصيف”.

مدينة المعارض بدمشق-“سانا”

كما وأشاروا إلى مدى التفاوت بين السابق والوقت الراهن، “حاليا أرض مدينة المعارض صارت لحفلات الدي جي، ومطربين شعبيين من قبيل علي الديك وبهاء اليوسف الي بغني أغانٍ هابطة جدا، مثل حبي دبي، ولحالي أحلالي وعلوا أنساكي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات