مع دخول فصل الصيف بكامل حرارته المُطلقة، يتحول البحث عن وسائل لمواجهة موجة الحر إلى أمر ضروري للسوريين الذين يعيشون في ظروف قاسية، خاصة في ظل تفاقم أزمة الكهرباء وانقطاعها المتكرر. إلا أن ما أثار موجة سخرية واسعة مواقع التواصل الاجتماعي، هو طرح سؤال غريب وغير تقليدي عبر إحدى الإذاعات المحلية، يتعلق بالطرق المبتكرة لمواجهة الحرارة والشوب، محددا أن تكون هذه الطرق بدون الاعتماد على الكهرباء، وفجأة انتشرت موجة من التهكم والسخرية حول هذا السؤال العجيب والغامض.

تصاعد السخرية والتهكم يأتي نتيجة انتشار أفكار طريفة وغريبة لمواجهة موجة الحر دون الحاجة للكهرباء، حيث تنوعت التعليقات بين الساخرة والمضحكة، إذ اقترح البعض استخدام بخاخة “ويندكس” قديمة، وملؤها بالماء، ثم بخها على الجسم، بينما اقترح آخرون شراء المجلات والصحف الرسمية، وطي صفحاتها، وتحويلها إلى مراوح ورقية.

لكن وسط ضحكات الناس واستهزاءهم، يكمن أيضا انعكاس واقع مُرّ على الأفكار الطريفة لمواجهة الحر، فالانقطاع المتكرر للكهرباء أصبح ثقلا يعيشه السوريون يوميا، ما يدفعهم إلى التفكير بجدية في طرق بديلة للتغلب على حرارة الصيف اللافحة. 

أبرز طرق السوريين لمواجهة الحر

على الرغم من أن السخرية قد طغت في البداية على هذه الأفكار، إلا أنها تعكس أيضا بعضا من حقيقة الواقع الصعب الذي يواجهه السوريون، حيث يضطرون للتكيف والابتكار بأدوات بسيطة وبدون استعانة بالتكنولوجيا الحديثة. فالوضع الراهن يدفعهم للاستعانة بخبايا الحياة والابتكار بطرق بديلة لتخفيف حدة موجة الحر، سواء كان ذلك بنكهة الدعابة أو بجدية وحسم.

الانقطاع المتكرر للكهرباء أصبح ثقلا يعيشه السوريون يوميا - إنترنت
الانقطاع المتكرر للكهرباء أصبح ثقلا يعيشه السوريون يوميا – إنترنت

التعليقات التي رصدها “الحل نت”، تضمنت بعض النصائح الطبية، مثل الاستحمام بالماء البارد، وشرب الكثير من السوائل، وتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس، والتمدد على البلاط البارد.

أيضا اقترح البعض، بخاخة “ويندكس” قديمة قائلين “نعبي فيها مي ونازلين بخ كل النهار وبتنفع إذا في مروحة عالبطارية”، فيما اقترح آخرون شراء المجلات والصحف الرسمية التي تحوي بين صفحاتها خطابات المسؤولين وأعضاء مجلس الشعب التي تشجع على الصمود والتصدي، ثم القيام بطي الصفحات وتحويلها إلى مروحة ورقية للتهوية.

شخص آخر، ذكر أنه لا يستطيع الإفصاح عن الطريقة؛ قائلا “نخاف الحكومة تسمع بالطرق وتمنعها”.

هذه الطرق قد تبدو سخيفة للبعض، لكنها في الحقيقة نتاج واقع صعب يعيشه السوريون، حيث تعاني البلاد من انقطاع متكرر للكهرباء، وارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير.

الذكاء الاصطناعي حل لمواجهة الأزمة

يونيو/حزيران 2023 حصل على لقب جديد، وهو “يونيو الأكثر سخونة على الإطلاق” وفقا لتحليل درجة الحرارة العالمية التابع لوكالة “الفضاء والطيران الأميركية” (ناسا) وعدة هيئات أخرى حول العالم، وحتى شهر يوليو/تموز الحالي سجل رقما قياسيا جديدا كونه الأكثر حرارة على الإطلاق في العالم أجمع.

شهر يوليو/تموز الحالي سجل رقما قياسيا جديدا كونه الأكثر حرارة على الإطلاق في العالم - إنترنت
شهر يوليو/تموز الحالي سجل رقما قياسيا جديدا كونه الأكثر حرارة على الإطلاق في العالم – إنترنت

في ظل موجة الحر الشديدة التي تضرب سوريا، يبحث السوريون عن أي طريقة للنجاة، حتى لو كانت غير تقليدية أو فعالة للغاية. وأحد الطرق التي يبحث عنها السوريون هي استخدام الذكاء الاصطناعي.

بحسب حديث صاحب معرض “الجوهرة” للسيارات، محمد الهنداوي، لـ”الحل نت”، فإنه اعتمد على الذكاء الاصطناعي لمساعدته في العديد من الأمور، مثل التنبؤ بأوقات حدوث موجات الحر، مما يسمح له باتخاذ الاحتياطات اللازمة.

أيضا قام بتجربة الاستفسار عن تطوير تقنيات جديدة لتخفيف حدة الحر، مثل أجهزة التبريد التي تعمل بالطاقة الشمسية، وأيضا السؤال عن تحسين إدارة الطاقة، مما يساعد على تقليل انقطاع الكهرباء.

طبقا لحديث الهنداوي، فإنه يعتقد أن الذكاء الاصطناعي له قدرة على مساعدة السوريين على النجاة من الحر، ولكن لا يمكنه حل المشكلة بشكل كامل. حيث يتطلب الأمر من الحكومة السورية اتخاذ خطوات حقيقية لتحسين البنية التحتية، وتوفير الطاقة للمواطنين.

أشهر التحاريق والماء تبخر من الأباريق

“على العالم الاستعداد لموجات حر أكثر شدة”، هذا التحذير الذي صدر أمس الثلاثاء، عن الأمم المتحدة هو أحدث التحذيرات التي تتوالى منذ أيام بشأن خطر موجة الحر التي تضرب أنحاء مختلفة من العالم وترافقها حرائق وفيضانات تسببت في العديد من الوفيات وإجلاء آلاف السكان من منازلهم، بالإضافة إلى الضغط على شبكات المياه والكهرباء.

الحدائق والمنتزهات في المدن السورية، سجلت منذ دخول فصل الصيف ارتفاعا في معدلات الإقبال عليها - إنترنت
الحدائق والمنتزهات في المدن السورية، سجلت منذ دخول فصل الصيف ارتفاعا في معدلات الإقبال عليها – إنترنت

ارتفاع درجات الحرارة القياسي يعود إلى ظاهرة القبة الحرارية التي تحدث في طبقات الجو العليا “الستراتوسفير” حيث تكون درجات الحرارة متدنية، في الوقت الذي تكون فيه درجات الحرارة مرتفعة في طبقات الجو الدنيا المعروفة بـ”التروبوسفير”.

المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ذكرت أن من المتوقع أن تشتد موجة الحر على منطقة البحر المتوسط ​​بحلول منتصف الأسبوع الجاري، ومن المرجح أن تستمر هذه الموجة حتى آب/أغسطس القادم في بعض الأماكن.

في سوريا مع موجة الحر وضع الكهرباء يزداد سوءا يوما، فبدلا من تحسّن وضع الكهرباء كما وعد وزير الكهرباء السوري غسان الزامل، أواخر العام الماضي، أصبح شبه معدوم، مما أدى إلى انتشار نظام “الأمبيرات” في المحافظات السورية، بما في ذلك العاصمة دمشق ليبقى المواطن تحت رحمة “الأمبيرات”.

واقع الكهرباء ازداد سوءا في معظم المحافظات خاصة مع بداية عيد الأضحى الماضي وصولا إلى اليوم، إذ وصلت ساعات القطع إلى 7 ساعات مقابل ربع ساعة وصل في عدة قرى ومناطق بمحافظة اللاذقية على سبيل المثال، التي بات سكانها ينشدون المساواة مع باقي المحافظات على الأقل.

الحدائق والمنتزهات في المدن السورية، سجلت منذ دخول فصل الصيف ارتفاعا في معدلات الإقبال عليها، حيث تحاول العائلات السورية الهرب من ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، خصوصا مع ارتفاع معدلات التقنين الكهربائي، حيث تصل معدلات التقنين في بعض المناطق إلى 22 ساعة يوميا، فضلا عن الأعطال المتكررة في الشبكة الكهربائية.

مغامرات السوريين في البحث عن طُرق لمواجهة الحرارة بدون اعتماد كامل على الكهرباء، تحت لهيب موجة الحر القاسية التي تجتاح البلاد، مرتبط باقتناعهم بأن الحكومة غير قادرة على حل الأزمة بما يكفي لتلبية حاجات المواطنين في ظل التحديات الصعبة التي يعيشونها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات