مع استمرار عجز الحكومة عن تقديم أي رؤية لمساعدة السوريين في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات وبلغت ذروتها خلال الأشهر القليلة الماضية، يبدو أن بعض المسؤولين الحكوميين رأوا أن الحل أو الهروب من المسؤولية يكمن في مهاجمة الشعب وتحميله مسؤولية معاناة كآخر الأوراق المتبقية لديهم.

الحديث عن زيادة الرواتب وقبلها توزيع الدعم الحكومي، فضلا عن الوعود الحكومية المستمرة المتعلقة بمراقبة الأسعار وجودة المواد وحلحلة الأزمات المختلفة التي تواجه المواطن السوري، جميعها لم تسفر عن أية نتائج ملموسة تساعد المواطن في تأمين احتياجاته الأساسية، بل كل ذلك ساهم بشكل أو بآخر بزيادة معاناة السوريين على الصعيد الاقتصادي.

موجات غضب واسعة من عضو سابق في مجلس الشعب السوري، بعد أن فتح النار على السوريين معتبرا أنهم يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية، عن الوضع الاقتصادي التي وصلت إليه البلاد، وهو الذي كان يُفترض أن يعبّر عن معاناة السوريين وينقل صوتهم في سبيل حلّ مشاكلهم.

الشعب هو المسؤول؟

عضو مجلس الشعب السوري السابق وليد درويش، كتب منشورا عبر صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، مهاجما الشعب والحكومة السورية، معتبرا أن الجميع شريكٌ في النتائج الاقتصادية التي وصلت إليها البلاد خلال السنوات الأخيرة.

تحت عنوان”شركا نتقاسم الخراب، ولسنا أبرياء ابتداء بالشعب وانتهاء بالحكومة”، اعتبر درويش أن “ذنوب الشعب” لا تعد ولا تحصى خلال فترة الحرب، وقال “كل شيء كنت أتصوره إلا أن أرى سوري يقتل سوري وبأبشع الأساليب، لم أكن أتصور بيوم من الايام أن أرى سوري يدمر مؤسسات السوريين.بحجة الثورة لم أتصور بيوم من الايام أن اسمع بسوري عميل”.

درويش أمعن في تحميل المجتمع السوري مسؤولية الانهيار الاقتصادي التي وصلت إليها البلاد، الناتج بالدرجة الأولى عن فشل المنظومة الاقتصادية للبلاد، وفشل السلطة في التعامل مع الأزمات المختلفة، هذا فضلا عن التدمير الممنهج الذي تعرّض له الاقتصاد السوري، حتى خلال الفترة التي سبقت اندلاع الاحتجاجات الشعبية عام 2011.

قد يهمك: ارتفاع أسعار المحروقات مع زيادة الرواتب الحكومية بسوريا.. من المستفيد؟

حول ذلك أضاف درويش، “كل المثاليات التي كنا نشاهدها في المجتمع السوري كانت عبارة عن كذب ونفاق وتملق وخداع، نحن من دمر أجمل الأوطان ولم نُحسن تربية أولادنا، والحديث يطول عن غش واستغلال والكثير الكثير، نحن شعب نحب التنظير فقط لاغير”.

درويش كذلك لم ينسَ في نهاية منشوره إلقاء بعض اللوم على الحكومة، الذي أكد أن شعارها الدائم كان “وضع الشخص المناسب في المكان غير المناسب”، مشيرا إلى أن قراراتها دائما ما كانت غريبة وغير مناسبة، فضلا عن تعمّدها إهمال دور الشباب في المجتمع، الشباب ذاتهم ربما الذي كان يهاجمهم قبل بضعة أسطر في منشوره.

منشور درويش أثار موجات غضب واسعة على صفحات مواقع التواصل، حيث علق أحمد عبد الرحمن على منشوره قائلا، “نعم نحنا اللي دمرنا وطنا، وطنا اللي كان مغتصب من السلطة من خمسين سنة، وما شفنا على زمان هالسلطة غير النهب والسرقة، المجتمع الفاسد أنتو اللي صنعتوه”.

فيما علقت غادة الآغا قائلة، “عم تحمل الشعب المظلوم مسؤولية خراب الوطن!، الشعب اللي عم يضطر يكون فاسد بس لياكل خبز بسبب منظومتكم الفاشية أنت وكل رموز السلطة، ما بقي غير تقول رامي مخلوف اللي نهب الاقتصاد لصالح السلطة هو من الشعب كمان، الفساد عم يتم تغذيته بهالبلد من قبل السلطة من عشرات السنين”.

اقتصاد متهالك

الاقتصاد السوري شهد خلال الأشهر القليلة الماضية انهيارا غير مسبوق، حيث وصل سعر صرف الدولار الأميركي إلى نحو 16 ألف ليرة سورية، بعد أن كان لا يتجاوز 8 آلاف قبل شهرين فقط، في وقت أن جميع القرارات الحكومية لم تساهم أبدا في تحسين الواقع المعيشي للسوريين.

تزامنا مع زيادة الرواتب بنسبة 100 بالمئة، أصدرت “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” السورية قرارا برفع أسعار المشتقات النفطية، ما يعني أن أسعار كل شيء سترتفع خلال اليومين المقبلين، نظرا لتأثير تسعير الوقود على جميع مفاصل الحياة الاقتصادية.

هذه المرة الثانية التي ترفع فيها الحكومة السورية سعر البنزين خلال أقل من شهر، ففي نهاية شهر تموز/يوليو الماضي سعّرت البنزين “أوكتان 95” بـ 1400 ليرة سورية للتر الواحد، إضافة إلى رفع سعر مادة المازوت أيضا. خلال السنوات القليلة الماضية عمدت الحكومة السورية إلى رفع أسعار المحروقات من حين لآخر، بحجة الأسعار العالمية للمواد، بينما ترفع قيمة الرواتب مرة واحدة فقط كل عدة سنوات.

في الواقع هذه العملية تشكّل فجوة واسعة بين مستوى الأجور والواقع المعيشي ولا تعود على الشعب السوري بأية فائدة، أي أن المستفيد من هذه العملية كلها هي الحكومة السورية، فهي ترفع الرواتب من جيوب المواطنين، أي رفع أسعار حوامل الطاقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات