في مشهد يثير التساؤلات ويشعل نقاشات حادة، يتجلى مفهوم جديد ومستجد حول تحوّل الخبز السياحي في سوريا لجعبة الأغنياء فقط، خصوصا أن الزيادات المقترحة على أسعار الخبز السياحي تعكس نقطة تحوّل حساسة، ربما تثير موجة احتجاجات لتكون القشة التي تقصم ظهر الحكومة.

لا شك أن قرار رفع أسعار الخبز السياحي له تأثير كبير على الحياة اليومية للسوريين. فالتغييرات المفاجئة في تكاليف العيش قد تؤثر على القدرة الشرائية للعائلات وتُفاقم الضغوط الاقتصادية المستمرة. هذا التحول يضع دمشق أمام تحديٍّ جديد لا يمكن تجاوزه بسهولة، لأنها على أعتاب فصل جديد في توازن القوى الاجتماعية، حيث سيتحوّل الخبز السياحي من ملجأ للجميع في وقت غياب الخبز المدعوم من الحكومة.

كم ستكون الزيادة؟

توضح التصريحات التي تنبثق من رؤساء الجمعيات المهنية للمعجنات مدى التوتر الذي يحيط بهذا الموضوع. التفاوت في الأرقام والمطالب، يرسم صورة حيّة للصراعات والمصالح المختلفة التي تتلاقى وتتداخل حول رغيف الخبز.

ممدوح البقاعي، رئيس الجمعية الحرفية للمعجنات، أكد أنه تمت مناقشة التكاليف بدقة في اجتماع سابق، إلا أنه لم يتم التوصل إلى قرار نهائي بعد. وأشار إلى أن هناك أملا كبيرا في التوافق على زيادة ملائمة لأسعار الخبز السياحي والصّمون والكعك، خلال الاجتماعات القادمة.

في تصريح نُشر خلال صحيفة “تشرين” المحلية، أوضح البقاعي أن الزيادة المقترحة في أسعار الخبز السياحي ستفاجئ المستهلكين بشكل كبير. حيث لفت  إلى أن سعر كيلو الخبز السياحي حاليا يبلغ 7 آلاف ليرة سورية، ومن الممكن أن يصل إلى 11500 أو 12 ألف ليرة في حال تنفيذ الزيادة المقترحة من قبل الجمعية. 

خلال حديثه أوضح البقاعي، أن هناك تباينا في وجهات النظر بين الجمعية وبين الأطراف الأخرى حيث تريد الجمعية تحديد السعر بـ 10 آلاف ليرة سورية، بينما ترغب الأطراف الأخرى في تحديده بـ 12 ألف ليرة. وتنبه إلى أن زيادة الأسعار قد تؤثر بشكل كبير في ظل ارتفاع الأسعار الكبير للمواد الأولية.

أما فيما يخص الأسعار الأخرى، أفاد أن سعر كيلو الخبز السكري حاليا 9 آلاف ليرة، على الرغم من أن سعره الأصلي 2500 ليرة فقط. كما أشار إلى أن سعر كيلو الصمون بلغ 15 ألف ليرة، وتطالب الأطراف الأخرى بتحديد سعره بـ 12 ألف ليرة. وأكد أن الزيادة المقترحة غير مناسبة في ظل الارتفاعات الكبيرة بأسعار المواد الأولية مثل الطحين والسكر والخميرة والزيت.

كما بيّن أن هناك زيادة كبيرة في تكاليف المواد الأولية، حيث بلغ سعر طن الدقيق 8 ملايين ليرة سورية، وكيس الطحين بسعة 50 كيلو إلى 400 ألف ليرة، وسعر كرتونة الخميرة 500 ألف ليرة، والكيلو الواحد منها 50 ألف ليرة. وأكد أن هناك زيادات في أسعار المواد الأولية الأخرى مثل السمسم والنخالة.

السوري يفقد قدرته على شراء الخبز

يبدو أن المواطن السوري سيفقد قدرته على شراء الخبز بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد. فوفقا لمتابعات “الحل نت” رفعت الحكومة السورية أسعار الخبز والمازوت بشكل كبير مع نقص حاد في القمح، مما أثّر على قطاعات الزراعة والصناعة والنقل العام.

كما أن الحكومة سمحت بالتمييز في توزيع الخبز، وهو ما زاد من معاناة الملايين من السوريين الذين يعتمدون على الخبز كغذاء أساسي. بالإضافة إلى ذلك، تسبب انهيار العملة السورية والعقوبات الغربية والأزمة المالية في تدهور القدرة الشرائية للسكان. وفي هذه الظروف، أصبح شراء الخبز أمرا صعبا جدا للمواطن السوري.

مع تزايد تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار المواد الأولية التي تدخل في صناعة الخبز، أصبح من الصعب على الكثير من الأُسر تحمّل تكاليف الخبز الجديدة. وهذا الارتفاع قد يؤدي إلى تقليل كمية الخبز التي يمكن للأّسر شراؤها، أو حتى جعل بعضهم غير قادرين على شرائه على الإطلاق.

مع اعتماد الخبز كغذاء أساسي للمواطنين السوريين، يمكن أن يكون لارتفاع أسعاره تأثيرات كبيرة على حياتهم اليومية وجودتها. وقد يجبر هذا الوضع بعض الأُسر على اتخاذ تضحيات فيما يتعلق بالتغذية وتقليل النفقات الأخرى لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وهذا بالتأكيد سيؤثر على معيشة الأُسر وقدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأخرى بشكل كامل.

الخبز السياحي يرتفع… هل يؤدي إلى احتجاجات؟

لقد شهدت بعض المناطق السورية احتجاجات من قبل المواطنين ضد ارتفاع أسعار الخبز والمواد الغذائية الأخرى، وضد سوء إدارة الحكومة للأزمة. هذه الاحتجاجات تعبّر عن غضب وإحباط الشعب السوري من تدهور أوضاعهم المعيشية، وتطالب بإصلاحات جذرية وتغييرات سياسية. 

من المؤكد أن هذه الاحتجاجات ستستمر أو تتصاعد، لا سيما أن الحكومة لم تظهر اهتماما كبيرا بالأزمة الإنسانية في سوريا، ولم تقدم دعما كافيا للشعب السوري. بالتالي، يمكن القول بأن ارتفاع أسعار الخبز السياحي قد يؤدي إلى احتجاجات، خاصة إذا لم يتم التصدي للقضية بطرق تحدُّ من تأثيرات هذا الارتفاع على المواطنين، وتضمن توفير الحلول المناسبة للتخفيف من الأثر السلبي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

إن ارتفاع أسعار الخبز السياحي يُعتبر تطورا يثير قلقا بالغا في سوريا، خصوصا أن الخبز يعتبر من أساسيات حياة المواطنين، وتأثير زيادة أسعاره يمكن أن يكون ملموسا وقويا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع.

إذا كانت زيادة أسعار الخبز السياحي تفوق قدرة الأسر على تحمّلها، فقد يشعر المواطنون بالضغط الاقتصادي المتزايد، وقد تدفعهم هذه الزيادة إلى تكبد مشقة أكبر لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وفي ظل هذا السياق، قد يزداد الغضب والاستياء في المجتمع، وهذا قد يدفع بعض الأفراد إلى التعبير عن احتجاجاتهم واستيائهم.

عادة ما تكون الزيادات الحادة في أسعار السلع الأساسية مصدرا للتوتر والاحتقان في المجتمع، وقد تؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات والاضطرابات. كما أن الاحتجاجات قد تأخذ أشكالا مختلفة، من الاحتجاجات السلمية إلى الاحتجاجات الأكثر عنفا، وقد تتطور هذه الأوضاع إلى أحداث أكبر نطاقا إذا لم يتم التعامل معها بشكل فعّال. وفي النهاية، لا يُمكن تجاهل أهمية هذا الموضوع وتأثيره على الحياة اليومية والاقتصادية في سوريا، لا سيما وأن التعليقات الحالية تتنبأ بأن الخبز السياحي في سوريا لن يتذوقه سوى الأغنياء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات