منذ العصور القديمة، عُرفت سوريا بثقافتها الفريدة وتاريخها العريق، ولكن مع مرور الزمن، يبدو أن البلاد تشهد تطورات غريبة ولافتة للنظر، في مختلف جوانب حياتها اليومية. تظهر ظواهر جديدة تكتنفها الغرابة والتفاصيل غير التقليدية، تفاجئ العالم بغرائب وعجائب، وتصبح الأمور العادية غير عادية، والأمور البسيطة معقدة، والأمور المستحيلة ممكنة. 

أول هذه الغرائب وأحد هذه الموضوعات المثيرة للاهتمام تتعلق بمفهوم “التوريث” لبوابة الإنترنت في سوريا، حيث أعلنت الهيئة العامة للاتصالات عن إمكانية توريث بوابة الإنترنت بحالة الوفاة. وهذا القرار يأتي في ظل نقص حاد في عدد بوابات الإنترنت المتاحة في سوريا، وارتفاع كبير في أسعارها في السوق السوداء. ففي سوريا، يُعتبر الإنترنت سلعة نادرة وثمينة، لا يستطيع كل من يحتاجه أو يرغب به الحصول عليه.

ثاني هذه الغرائب هو أن رحلة العمرة من سوريا إلى المملكة العربية السعودية أصبحت أغلى رحلة عمرة في العالم. فتكلفة رحلة العمرة هذا العام ستصل لغاية 70 مليون ليرة سورية. وهذه التكلفة تعادل 5000 دولار أميركي، وهو مبلغ خيالي لأغلب المواطنين السوريين.

صراع على الوصية!

يبدو أن إحدى الأحداث الدرامية ستبدأ بالظهور في سوريا وستتشكل منها مسلسلات وحلقات تلفزيونية مع دخول قطاع الإنترنت على وصية المتوفى، وذلك بعد القرار الأخير الذي تفردت به “السورية للاتصالات”.

وفقا للقرار الذي صدر اليوم الأربعاء، فقد أصبح بالإمكان التنازل عن بوابة الإنترنت أو توريث بوابة الإنترنت بحالة الوفاة  في سوريا ولكن بشروط، تقديم حصر إرث شرعي من قبل أحد الورثة، وأن يتم وضع إشارة عدم تصرف على الخط والبوابة لمدة عام؛ لمنع النقل أو الإلغاء للرقم أو البوابة أو التنازل أو إبدال الرقم أو فتح الصفر بأشكاله، مع السماح بإضافة ميزات هاتفية ورفع سرعة النت.

لكن في حال الاعتراض من أحد الورثة على حالة التنازل التي تمت، يُمنح الورثة مدة عام واحد لحين الاتفاق وتسوية وضع الاشتراك الهاتفي والبوابة، وفي حال عدم الاتفاق يتم إلغاء الاشتراك الهاتفي مع البوابة مع توجيه المشترك لتوجيه طلب جديد.

هذا القرار الغريب وغير المتوقع أثار التساؤل عن الدوافع والتأثيرات المحتملة لهذه التطورات. وهل هذه المواضيع مجرد تجارب في تقنيات جديدة تسعى الحكومة إلى تطبيقها، أم أن هناك خلفيات اقتصادية أو اجتماعية تحمل وراءها، وما هو مدى تأثير هذه الظواهر الغريبة على الحياة اليومية للمواطنين.

العمرة لمن استطاع إليها سبيلا

كانت رحلة العمرة سابقا الشيء الوحيد الذي يستطيع أغلب السوريين تأديته ورؤية “المسجد الحرام” كون الحج كان قراره مرتبط بالحكومة وقرعة لأعمار معينة فضلا عن تكلفته العالية، ومع عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض ودمشق التي انقطعت منذ 12 سنة، عوّل السوريون على عودة الرحلات الدينية بين البلدين.

وزارة السياحة بالتعاون مع وزارتي الأوقاف والصحة، وبنك “سوريا” المركزي، نظّمت أمس الثلاثاء، ورشة عمل لتحديد خطوات استعادة نشاط الحج والعمرة انطلاقا من مناطق سيطرة الحكومة، وضوابط عمل المؤسسات ومكاتب السفر والسياحة.

 بأرقام تقريبية وخيالية في ذات الوقت، بيّن طلال خضير رئيس اتحاد غرف السياحة في سوريا، أن تكلفة رحلة العمرة من سوريا هذا العام ستتراوح بين 10 ملايين ولغاية 70 مليون ليرة سورية، على اختلاف طرق السفر وأماكن الإقامة وتصنيفاتها السياحية هناك. مما أثار استفسارات حول معايير التسعير والعوامل المؤثرة في تحديد هذه الأسعار الخيالية.

بعض التعليقات التي رصدها “الحل نت” على الأرقام التي طرحها خضير، كان ما كتبه منيب الأعرج “بالله عليكم عما تحكوا عن جد 10 مليون، مو عيب عليكم تحطوا الأسعار على عينك يا تاجر، منين بدو يجيب الواحد 10 مليون لحتى يروح على العمرة”، فيما كتبت زهراء معلا “رب العالمين بيعرف أنه بدو يصير كلشي غالي مع تقدم الزمان ع الأرض، ولهيك قال من استطاع إليه سبيلا”.

ما دور “المركزي” السوري؟

لم يغب عن السوريين دور “المركزي” السوري الذي حضر الندوة في تحديد الأسعار، واستغلاله لقضية السياحة الدينية التي فتحت أبوابها بعد عودة العلاقات بين دمشق والرياض، ولقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مع الرئيس السوري بشار الأسد، بجدة في أيار/مايو الماضي خلال عقد اجتماع القمة العربية.

إذ لخّص “المركزي” السوري دوره بما يخص نقل وتداول الأموال بين سوريا والسعودية قبل موسم العمرة وأثنائه، وسيقوم بنك “سوريا” المركزي بضبط العملية لضمان تعامل مالي آمن بعيدا عن التلاعب، حسب البيان.

هذا البند لم يرق للكثير من السوريين، لا سيما وأن “المركزي” السوري له سوابق عدة في تعميق انهيار الليرة السورية واستغلال ذلك لصالحه، فعندما قرر فرض تصريف 100 دولار على كل سوري يدخل الحدود، كان يقتص من تصريف العملة نصف المبلغ، حيث حدد تصريف الدولار بسعر أقل بكثير من سعر الصرف الرسمي.

أيضا تلاعب “المركزي” السوري بأسعار صرف العملة اليومي، أثار مخاوف العديد من السوريين، بأن يستغل العمرة والحج في رفد خزينته بالعملة الصعبة ووضع أسعار تصريف لا تتناسب مع قدرة السوريين، فضلا عن تزايد المبلغ شيئا فشيئا لا سيما مع الانهيار اليومي لليرة السورية.

من المؤكد أن الغرائب الجديدة في قرارات المؤسسات السورية تعكس حالة الفوضى والانهيار التي تعيشها البلاد، ولا يوجد سبب واضح من وراء هذه القرارات الغريبة سوى أنها تهدف للتأثير على حياة السوريين ومستقبلهم، وليس لإعادة الأمل والحياة إلى سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات