بيع الشعر.. وسيلة جديدة لسيدات سوريات للتغلب على الانهيار الاقتصادي

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها الأُسر السورية، تحاول فئة واسعة من السوريين إيجاد أس وسائل قد تساعدهم على مواجهة الأوضاع المعيشية المتدهورة التي تعيشها البلاد خلال السنوات الماضية.

كذلك فإن النساء في سوريا، يحاولن أيضا البحث عن وسائل، أو إيجاد مِهن يمكن ممارستها من منازلهن للحصول على دخل إضافي يساعدهنّ في المصاريف العائلية، إذ تضطر بعض العائلات السورية للعمل بكافة أفرادها لسد احتياجات المنزل، بسبب التضخم المستمر في أسعار السلع والخدمات في البلاد.

ظاهرة “بيع الشعر” في سوريا، بدأت قبل نحو عامين في البلاد، لكن وخلال الأشهر الأخيرة، سجلت تقارير محلية ارتفاعا كبيرا في معدلات إقبال النساء على بيع شعرهن، وذلك بهدف تحقيق إضافية، بعدما استنفذ السوريين جميع أدواتهم لمواجهة الأوضاع الاقتصادية التي تزداد سوءا يوما بعد آخر.

أسعار متفاوتة

على وسائل التواصل الاجتماعي، تنتشر عشرات الصور لفتيات باعوا شعرهن، على شكل “وصلات”، أو حتى تسجيلات مصورة لفتيات أثناء قص الشعر بهدف البيع، حيث تتم هذه العمليات عبر مصففي الشعر المنتشرين في البلاد ويشترون الشعر من النساء.

بحسب تقرير لموقع “سيريا ستيب” المحلي، فإن مصففي الشعر يدفعون للنساء أسعار متفاوتة، وذلك وفقا لطول الشعر وسماكته، “فلكل سنتيمتر يتم دفع أحيانا عشرة آلاف وبالتالي يتم بيعه أضعافا للزبائن، فطول 60 سم يشترونه بـ600 ألف ليرة وبعضهم يعطي أكثر”.

بحسب شهادات أصحاب هذه المحلات، فإن غالب الفتيات اللواتي يأتون لبيع شعرهن، لا يكونون سعيدين بهذه الخطوة، والتخلي عن شعرهن مقابل القليل من المال، لكن الحاجة هي التي تدفعهم للقيام بهذه العملية، وبعضهن يقلن “الشعر سيعود ولن يبقى قصير” في محاولة لمواساة ذاتهن.

“نعم قمت بهذه العملية مرتين سابقا”، قالت راما محمود (اسم مستعار لشابة في الثامن والعشرين من عمرها)، مشيرة إلى أنها شجعت العديد من صديقاتها على بيع شعرهن بعدما رأوها تفعل ذلك، خاصة وأن الأمر أصبح متوفرا تقريبا في جميع المحافظات السورية.

محمود أضافت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “الشعر يعود ليطول مرة أخرى، في المرة الأولى كنت أحتاج بعض المصاريف من أجل جامعتي، وأهالي غير قادرين على دعمي ماديا بما يكفي، شاهدت إعلان على الفيسبوك، وأتذكر أنني بعت نصف طول شعري بمبلغ 200 ألف قبل عامين من الآن، وهذا العام كررت العملية وكان العائد 600 ألف ليرة”.

قد يهمك: بعد اللحوم والحلويات.. البدائل تقتحم المشروبات فماذا عن المتة في سوريا؟

وفضلا عن عمليات بيع الشعر، فقد لجأت النساء السوريات مؤخرا إلى ابتكار العديد من المهن أو المشاركة فيها من أجل مواجهة صعوبات المعيشة، وأحد أبرز المِهن التي يتوجه إليها الأهالي مؤخرا هي الزراعة المنزلية، حيث تضمن تأمين بعض الخضروات للعائلة إضافة إلى بيع الفائض وتحقيق ربح معقول، خاصة في ظل الارتفاع الكبير الذي ضرب أسعار الخضروات والفواكه مؤخرا في سوريا.

الأوضاع الاقتصادية في سوريا شهدت خلال الأسابيع القليلة الماضية، انحسارا غير مسبوقا، فكانت زيادة الرواتب والأجور بمثابة قنبلة فجّرت أسعار السلع والخدمات خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ إن الزيادة بنسبة مئة بالمئة على الرواتب، كانت انعكاساتها مضاعفة على الأسواق، حيث شهدت معظم السلع ارتفاعا وصل إلى 200 و300 بالمئة، فضلا عن القرارات الحكومية الخاصة برفع الدعم عن بعض المواد الأساسية.

قرارات حكومية سلبية

منذ بداية العام الجاري، كثيرا ما تحدثت الحكومة عن وجود خطة للتعافي الاقتصادي في سوريا، وتحسين أسعار السلع الأساسية في الأسواق، لكن مع كل قرار حكومي جديد متعلّق بالأوضاع المعيشية في البلاد، كان الأمر يزداد سوءا، حتى بات السوريون يطالبون الحكومة بعدم إصدار أية قرارات تتعلق بتحسين الواقع المعيشي، لأن هذه القرارات غالبا ما تكون معكوسة الاتجاهات.

الحكومة السورية كانت قد أصدرت سلسلة من القرارات تزامنا مع زيادة الأجور والرواتب، تنصّ على إلغاء الدعم عن البنزين بشكل كامل، كذلك قررت رفع أسعار المشتقات النفطية بخمسة قرارات.

على الرغم من زيادة الرواتب التي أعلنت عنها الحكومة السورية الأسبوع الماضي، يجد معظم السوريين أن رواتبهم لا تكفي لسد تكاليف 20 بالمئة من الاحتياجات الأساسية والغذاء، وتؤكد التقارير المحلية، أن أسعار السلع والمواد الغذائية قفزت بشكل “مخيف” خلال الأيام الماضية، متأثرة بالقرارات الحكومية الأخيرة.

هذه الارتفاعات في تكاليف المعيشة تتزامن مع تخفيض القيمة الحقيقية للأجور في البلاد، فبينما كان الحد الأدنى للأجور بداية عام 2023 92.970 ليرة قادرا على تغطية حوالي 2.3 بالمئة من وسطي تكاليف المعيشة، أصبح الآن وبعد ارتفاعه رسميا بنسبة 100 بالمئة، 185.940 ليرة، غير قادر بنتيجة الارتفاعات المبدئية للأسعار التي لم تنتهِ وتستقر بعد سوى على تغطية 1.7 بالمئة من وسطي تكاليف المعيشة.

في السياق ذاته، ارتفع الحد الأدنى لتكاليف الغذاء الأساسية الشهرية لأسرة مكونة من خمسة أفراد من 2.460.067 ليرة في بداية تموز/يوليو 2023، إلى 3.893.817 ليرة حاليا، وذلك بالاعتماد على وسطي أسعار هذه المكونات في الأسواق الشعبية بالعاصمة دمشق، علما أن الأسعار شهدت تخبطا وارتفاعات متباينة بين منطقة وأخرى، وبشكلٍ أكبر بين المحافظات السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات