نحو شهر ونصف على أول تظاهرة خرجت في مدينة السويداء، حيث كان الخروج ردا على القرارات الحكومية الأخيرة بزيادة الرواتب، الأمر الذي أودى بالواقع المعيشي إلى الانهيار نتيجة ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، لتتحول المطالب بعد أيام إلى دعوات للتغيير السياسي ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

منذ اندلاع الاحتجاجات وعلى الرغم من تركيز المتظاهرين على مطلب التغيير السياسي وفق قرار “مجلس الأمن” الدولي 2254، كانت الدول، لاسيما تلك المعنية بالملف السوري، مترددة بشأن الإعلان عن موقف صريح من مظاهرات السويداء، إلا أن بعض هذه الدول ومن بينها بريطانيا خرجت أخيرا عن صمتها فيما يخص ما يجري في المحافظة الجنوبية.

في هذه الأثناء واصل المئات من أهالي السويداء تظاهراتهم اليومية، للتعبير عن مطالبهم المتعلقة بالتغيير السياسي، حيث شهدت مدينة صلخد جنوب السويداء وقفة احتجاجية مساء أمس الأحد، طالب المتظاهرون من خلالها تطبيق القرار الأممي، كذلك تجمع المتظاهرون وأزالوا تمثالا للرئيس السوري السابق حافظ الأسد.

شبكة “السويداء 24” المحلية، نشرت العديد من الصور والتسجيلات المصورة لعشرات الأشخاص، ممن تظاهروا أمس الأحد في ساحة “الكرامة” وسط مدينة السويداء، ورفعوا لافتات كتب عليها عبارات من قبيل، “بدنا يحكمنا القانون مش عصابة كبتاغون”، مؤكدين على استمرار الحراك حتى تحقيق مطالب الأهالي.

موقف بريطاني

بالعودة إلى ردود الأفعال الدولية، فقد أعلنت المبعوثة البريطانية إلى سوريا آن سنو، التزام بلادها بتطبيق القرار الأممي 2254، والمتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا. وذلك في تصريحات نشرتها عبر حسابها على منصة “إكس” (تويتر) سابقا.

خلال منشورها على المنصة الإلكترونية، قالت سنو، إنها تحدثت مع الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في سوريا الشيخ حكمت الهجري، ضمن سلسلة اتصالات مع المنخرطين بالحركة الاحتجاجية في المحافظة، وأكدت أن بريطانيا تراقب الوضع من كثب.

قبل بريطانيا كان للأردن تعليق رسمي على الاحتجاجات الشعبية في السويداء، حيث اعتبر الملك الأردني عبد الله الثاني، قبل أيام أن مظاهرات السويداء عادت بسوريا إلى مرحلة عام 2011، محذرا في الوقت نفسه من موجة لجوء جديدة نحو الأردن، وقد جاءت هذه التصريحات خلال مشاركته في “قمة الشرق الأوسط” العالمية في مدينة نيويورك الأميركية.

خلال حديثه عن الوضع في سوريا، شكك عبد الله الثاني في قدرة نظيره بشار الأسد على قيادة البلاد، وأردف قائلا “أعتقد أن الرئيس السوري لا يريد أن يحدث ذلك، ولا يريد صراعاً مع الأردن.. لا أعرف مدى سيطرته على البلاد، إننا نقاتل كل يوم على حدودنا لمنع دخول كميات هائلة من المخدرات إلى بلادنا”.

قد يهمك: رغم تدهور الوضع المعيشي.. سوق “المؤونة المفرزة” ينتعش في سوريا

تصريحات الملك الأردني وتعليقه على الاحتجاجات في السويداء، جاء بعد أيام قليلة من إطلاق المتظاهرين هناك مطالب جديدة تتعلق بالتواصل مع الأردن، والتي جاءت على لسان “دار طائفة الموحدين الدروز”، وتتعلق بحركة المرور من الأراضي السورية نحو الأردن.

مطالب الأهالي لا تزال مركّزةً على تطبيق الانتقال السياسي للسلطة وفق قرار “مجلس الأمن” الدولي رقم 2254، كما رفعوا لافتات رفضوا من خلالها استمرار حكم الرئيس السوري بشار الأسد، وكان لافتا مشاركة جميع فئات أهالي المدينة من رجال ونساء من مختلف الأعمار.

منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء في السادس عشر من شهر آب/أغسطس الماضي، عمدت السلطات السورية إلى مواجهة المظاهرات عبر استمالة بعض وجهاء المحافظة، أو حتى استخدام العنف بأيادي غير حكومية، أو خلق فئة موالية لتعزيز فكرة الانقسام بين الأهالي.

هذه المساعي لم تنتهِ بهدف إثارة الانقسام في السويداء، على المستويين الديني والاجتماعي، خاصة في ظل عدم اتجاه السلطة لاستخدام العنف والحل الأمني لمواجهة المحتجين، وقد سعت دمشق خلال الأسابيع الأخيرة إلى خلق الفئة الموالية في المدينة، فهل تنجح.

استمالة بعض الوجهاء

المحاولات بدأت عبر استمالة بعض وجهاء السويداء، أو تحريك الفئة الحزبية لحشد الموالين، هذه المحاولات قابلتها وتيرة متزايدة في الاحتجاجات المطالبة بالتغيير السياسي ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

بحسب تقرير لشبكة “السويداء 24″، فإن تلك المحاولات بدأت من “الشيخ معن صافي في ريف دمشق، إلى وئام وهاب في لبنان، وصولا إلى حسن الأطرش في السويداء، وأخيرا الشيخ عبد الوهاب أبو فخر، الذي تلى بياناً قبل أيام، باسم الهيئة الروحية للمسلمين الموحدين، يُعلن فيه وقوفه مع قائد الوطن”.

هذه الإعلانات لم تلقَ أي تفاعل في شوارع المحافظة، إذ تؤكد مصادر محلية أن هذه الجهات مستحدثة، ولا تحمل توقيع أي مرجعية من المرجعيات الروحية الرئيسية في محافظة السويداء، “فحتى شيخ العقل يوسف جربوع، فشلت كل محاولات السلطة باستقطابه لتصدير موقف منه ضد الحراك الشعبي، وإن كان موقفه لا يُلبي تطلعات الشارع، لكنه لم يقف ضده”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات