أكثر من 50 يوما مرّوا على انطلاق الاحتجاجات الشعبية في السويداء، في وقت استمرت التظاهرات المطالبة بالتغيير السياسي وفق القرار الأممي المتعلق بسوريا رقم 2254، في وقت وجّه المتظاهرون في آخر وقفاتهم رسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد، فيما يتعلق بالتفجير الذي شهدته مدينة حمص قبل أيام.

الاحتجاجات في السويداء بدأت تأخذ أشكالا عدّة، حيث أن إضافةً للمظاهرات التي تشهدها المحافظة خلال أوقات النهار، عمد ناشطون إلى تنظيم وقفات احتجاجية خلال أوقات المساء للتأكيد على مطالبهم، والاستمرار في المظاهرات حتى تحقيق هذه المطالب.

الانتفاضة في السويداء، أربكت السلطات في دمشق التي ما تزال تبحث عن طريقة لمواجهة هذه الاحتجاجات، خاصة في ظل عدم توجه الحكومة لمواجهة الاحتجاجات باستخدام العنف، فبدأت تلجأ لأساليب أخرى، كخلق حالة موالية في شوارع السويداء.

وقفات مسائية

أمس الأحد نظّم أهالي المحافظة الجنوبية وقفة احتجاجية خلال المساء، رفعوا خلالها الشموع إلى جانب لافتات تحمّل الرئيس السوري بشار الأسد المسؤولية عن تفجير الكلية الحربية في حمص، إضافة إلى المسؤولية عن مقتل مدنيين في محافظة إدلب التي شهدت هجوما عنيفا من قبل قوات الجيش السوري خلال الأيام القليلة الماضية.

تفجير حمص الذي وقع في الكلية الحربية بمحافظة حمص، كان له حضورٌ في المظاهرات مؤخرا، حيث اتهم المتظاهرون السلطات السورية بافتعال التفجير، كذلك وقف المتظاهرون دقيقة صمت على أرواح ضحايا تفجير الكلية في حمص، وذلك في مظاهرة في بلدة امتان جنوبي السويداء السبت.

أيضا تجمع اليوم مئات المتظاهرين في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، مطالبين كالعادة بتطبيق القرار الأممي 2254، ورفع المتظاهرون لوحات تؤكد على سلمية الاحتجاجات، كما دعوا المكونات السورية للالتحاق بهم، وكالعادة العنصر النسائي كان الفاعل والمحرّض الرئيسي في الساحة من خلال الهتافات الجديدة التي تطالب بمجتمع خالٍ من الاستبداد والفساد.

عدد قتلى هجوم المسيّرات الذي استهدف الكلية الحربية في حمص، الخميس الفائت، ارتفع إلى 123 قتيلا بحسب بيانات رسمية، فيما يُتوقع أن يرتفع هذا العدد جراء العدد الكبير في الإصابات الناجمة عن الهجوم، الذي لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عنه حتى الآن.

منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في السويداء قبل نحو شهر ونصف، لم تعمد السلطات السورية سَلك طريق العنف لمواجهة المتظاهرين، فلم تكن هناك مواجهات مع قوات الأمن، على غرار ما حدث عام 2011، عندما كان الرصاص أول ما استخدمته السلطة لقمع المحتجين في درعا ومن ثم باقي المدن السورية.

التعامل مع السويداء مؤخرا كان مختلفا تماما، فعلى الرغم من عدم تجاوب السلطة مع أي من مطالب المحتجين المتعلقة بالسياسات الاقتصادية أو التغيير السياسي، لم يكن هناك توجيهٌ للبنادق نحو المتظاهرين، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أسباب تغيير السلطة لسياساتها في التعامل مع التظاهرات المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد.

قد يهمك: “كيف حتدبروا حالكم عالغدا“.. نقاش الطبقة “المسحوقة” اليوم في سوريا 

منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء، عمدت السلطات السورية كذلك إلى مواجهة المظاهرات عبر استمالة بعض وجهاء المحافظة، أو حتى استخدام العنف بأيادي غير حكومية، أو خلق فئة موالية لتعزيز فكرة الانقسام بين الأهالي.

هذه المساعي لم تنتهِ بهدف إثارة الانقسام في السويداء، على المستويين الديني والاجتماعي، خاصة في ظل عدم اتجاه السلطة لاستخدام العنف والحل الأمني لمواجهة المحتجين، وقد سعت دمشق خلال الأسابيع الأخيرة إلى خلق الفئة الموالية في المدينة، فهل تنجح.

استمالة بعض الوجهاء

المحاولات بدأت عبر استمالة بعض وجهاء السويداء، أو تحريك الفئة الحزبية لحشد الموالين، هذه المحاولات قابلتها وتيرة متزايدة في الاحتجاجات المطالبة بالتغيير السياسي ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

بحسب تقرير لشبكة “السويداء 24″، فإن تلك المحاولات بدأت من “الشيخ معن صافي في ريف دمشق، إلى وئام وهاب في لبنان، وصولا إلى حسن الأطرش في السويداء، وأخيرا الشيخ عبد الوهاب أبو فخر، الذي تلى بياناً قبل أيام، باسم الهيئة الروحية للمسلمين الموحدين، يُعلن فيه وقوفه مع قائد الوطن”.

هذه الإعلانات لم تلقَ أي تفاعل في شوارع المحافظة، إذ تؤكد مصادر محلية أن هذه الجهات مستحدثة، ولا تحمل توقيع أي مرجعية من المرجعيات الروحية الرئيسية في محافظة السويداء، “فحتى شيخ العقل يوسف جربوع، فشلت كل محاولات السلطة باستقطابه لتصدير موقف منه ضد الحراك الشعبي، وإن كان موقفه لا يُلبي تطلعات الشارع، لكنه لم يقف ضده”.

الأهالي بدورهم في استغرابٍ من هذه المحاولات، فسياسة الحكومة خلال السنوات العشرة الأخيرة، استنفذت جميع الفئات الموالية للسلطة، خاصة فيما يتعلق بالجانبين السياسي والاقتصادي، حيث وصلت نسبة السوريين الذين يقبعون تحت خط الفقر إلى 90 بالمئة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات