لم يعد غريبا أن يرتفع سعر سلعة غذائية جديدة في الأسواق السورية، إذ تأقلم الناس هناك مع مسلسل ارتفاع الأسعار، لكن ما يثير الدهشة هذه المرة هو وصول أسعار التوابل والبهارات إلى ملايين الليرات السورية، وهو أمر لم يتوقعه السوريون يوما.

نتيجة لما سجلته أسعار التوابل والبهارات في أسواق “البزورية” من موجات ارتفاع متتالية وغير مسبوقة منذ بداية العام الجاري حتى وصلت إلى أرقام قياسية فاقت قدرات المواطن بكثير، وبالتالي النكهة اللذيذة والطعم الطيب غابت عن موائد غالبية السوريين.

البهارات بالملايين

في السياق، ذكر تقرير لموقع “غلوبال نيوز”، يوم أمس الإثنين، أن أسعار التوابل أصبحت الآن مسعرة بالملايين السورية، وهي سابقة لم تشهدها سوريا من قبل. وفي جولة على محال سوق “البزورية” بالعاصمة السورية دمشق، تبين أن سعر كيلو الزعفران السوري وصل إلى 10 ملايين ليرة سورية، والزعفران الإيراني 30 مليون ليرة، وكيلو العصفر 200 ألف ليرة، والهيل أيضا 200 ألف.

التوابل والبهارات بالملايين

فيما وصل سعر أوقية القرنفل إلى 50 ألف ليرة، والكاري إلى 35 ألف ليرة، فيما وصل أوقية الكمون إلى 25 ألف ليرة، والبابريكا 10 آلاف، وملح الليمون 5 آلاف ليرة. وتعتبر هذه الأسعار “خيالية”  بالنسبة إلى رواتب ومداخيل السوريين التي تتراوح وسطيا ما ​​بين 200 و250 ألف ليرة، وهو ما يعني أنهم إما سيقننون من شراء هذه المواد أو يعزفون عن أغلبها.

بدورهم، أكد أصحاب محلات بيع التوابل والبهارات للموقع المحلي أن نسبة ارتفاع الأسعار تجاوزت 200 بالمئة مقارنة بالعام الماضي سواء المستوردة أو المحلية مثل الكمون، وحذروا من وجود أنواع تعتبر مغشوشة بطرق مختلفة وتكتسب رواجا في الأسواق لأنها تباع بسعر أرخص في ظل ضعف القوة الشرائية هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة.

البائعون أشار إلى أن من بين أسباب ارتفاع الأسعار خضوع البهارات لقائمة المستوردات عن طريق المنصة وهو سبب مباشر للارتفاع، فغالبا يتم استيرادها من الصين وإندونيسيا والهند إضافة إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بين الحين والآخر.  كذلك تدهور سعر الصرف بين الحين والآخر.

يضاف إلى ذلك ما أسموه بالمدفوعات الخارجية التي يتكبدها التاجر حتى تصل السلع إلى المحلات لكنهم مع ذلك توقعوا بأن تنخفض الأسعار بنسبة قليلة خلال الأيام القادمة نتيجة استقرار أسعار الصرف الذي ساهم في انخفاض أسعارها نسبيا بالجملة بينما بقيت على حالها في محلات البيع بالمفرق. بمعنى أنه في حال ارتفع سعر الدولار مقابل الليرة السورية فإن هذه السلع ستتخذ اتجاها تصاعديا كغيرها من السلع المتواجدة في الأسواق.

تخضع لسعر الصرف

رئيس جمعية حرفيي المحامص والموالح بدمشق عمر حمود أوضح من جهته أن عملية تسعير التوابل والبهارات تخضع لسعر الصرف كون أغلبها مستوردة، مؤكدا أن التجار ملتزمون برفع الأسعار عند ارتفاع سعر الصرف، لكنها تتجاهل خفضها عند انخفاضه، مكتفيا بضرورة تشديد الرقابة على الأسواق لحماية المستهلك من جشع بعض التجار.

حمود لفت إلى أن الجمعية دعت “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية” لإصدار نشرة بأسعار البهارات والتوابل لتوحيد الأسعار. غير أن الوزارة السورية يبدو أنها تتجاهل العديد من الدعوات، وكلها تساهم في نشر فوضى الأسعار بالأسواق.

في تصريح مماثل أشار رئيس جمعية حماية المستهلك بدمشق عبد العزيز المعقالي إلى أن ثمة فوضى كبيرة تعم الأسواق، وهذه الأسعار غير منطقية مطالبا “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” بأن تأخذ دورها الصحيح للحد من هذه الظواهر.

المعقالي أشار إلى أن الاجتماع الحكومي الأخير طالب بتخفيض الأسعار من خلال مجموعة من الحلول التي تم اقتراحها وبناء عليه يجب على التجار أن يخفضوا أسعارهم. لكن مع غياب الرقابة الحكومية الحقيقية، فإن هذه الفوضى ستظل قائمة.

يبدو واضحا أن ارتفاع الأسعار أصبح كابوسا يلاحق السوريين بشكل يومي، حتى يكاد يصل إلى جميع ما يستهلكونه من أغذية وسلع، وما يستفيدون منه كخدمات، فالغلاء الذي يصفونه بـ”الفاحش”، جعل من مستلزمات المائدة عبئا ثقيلا على معظم العائلات السورية، في ظل ثبات الأجور والرواتب وضعف قدرتها الشرائية.

الشراء بـ”الأوقية”

بالنظر إلى ارتفاع أسعار البهارات والتوابل كغيرها من المواد، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى شرائها بنصف الأوقية بعد أن كانت من الأساسيات على المائدة. وبحسب تقرير سابق نشره موقع “أثر برس” المحلي، فإن أسعار التوابل والبهارات سجلت في أسواق دمشق أرقاما مرتفعة جدا، حيث بلغ سعر أوقية الماجي بنوعيها 6000 ليرة هذا يعني أن الكيلو منها بأكثر من 28 ألف ليرة، بينما وصل سعر بهارات الكبسة إلى أكثر 50000 للكيلو والأوقية منه 9000 ليرة.

أما بهارات الشاورما فسجلت هي الأخرى نحو 54 ألف للكيلو والأوقية منه بـ 10 آلاف ليرة سورية؛ والفلفل الأبيض سجل 56 ألف للكيلو أما الفلفل الأسود بنحو 55 ألف للكيلو والأوقية منه بنحو 12 ألف، فيما سجلت البهارات السبعة أو كما نطلق عليها المشكلة 50 ألف للكيلو.

الموقع المحلي نقل عن أصحاب المحال التجارية المختصة ببيع التوابل والبهارات قولهم إن حركة السوق ضعيفة، حيث دفع ارتفاع أسعار التوابل إلى الاقتصار على شراء كميات قليلة، تتناسب مع حاجة الناس وقدرتهم الشرائية وبعضهم اقتصر على الشراء بـ 2000ــ 3000 مهما كانت الكمية.

في ظل التخبط الكبير والارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، يتساءل السوريون حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار، في وقت تتهم فيه وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” التجار بعدم الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الجهات الحكومية، ليكون رد التجار الدائم بأنه نتيجة الارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، فضلا عن النقص الحاد في موارد الطاقة والمحروقات.

الأسواق السورية، تشهد ارتفاعات متواصلة في أسعار المواد الغذائية والأساسية، تزيد انعدام القدرة الشرائية للمواطنين، وتحديدا بعد القرار الرئاسي برفع الرواتب بنسبة 100 بالمئة وما تلاه من قرار ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وتدهور الليرة السورية.

في ظل لهيب الأسعار بشكل عام، ما سيجعل المطابخ السورية تفتقر إلى البهارات والتوابل، كما أبعدت موائد نسبة كبيرة من السوريين عن أشهر الأكلات مثل “الزعتر واللبنة وحتى المكدوس”، وبالتالي ستفقد مطابخ المواطنين تدريجيا العديد من الأصناف الغذائية التي اعتادوا على تناولها، أو خلطها في مأكولاتهم سواء على الإفطار أو الغذاء أو العشاء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات