وسط تردي الأوضاع المعيشية والخدمية في عموم المحافظات السورية، سار نظام التعليم المفتوح على خُطى الجامعات الحكومية السورية، إذ رفع رسومه الدراسية تماما كما رفعت الجامعات السورية الحكومية الرسوم الدراسية قبل أسابيع، إضافة إلى زيادة رسوم السكن الجامعي.

اللافت أن 25 بالمئة من طلاب التعليم المفتوح في جامعة دمشق هم مستنفدون أو منقطعون، وبعد أن تحدّد رسوم الخدمات الجامعية لطلبة الإجازة في نظام التعليم المفتوح بمبالغ تصاعدية بحسب عدد مرات تقديم المقرر، زاد الأمر من الأعباء المادية، وبالتالي سيضطر الطالب إلى ترك دراسته، الأمر الذي سيكون له آثار سلبية كبيرة.

الطلبة وتردّي الواقع المعيشي

في السياق، حددت وزارة التعليم العالي رسم التسجيل للطلبة المستنفدين فرصهم المسموحة لهم في التعليم المفتوح بـ 35 ألف ليرة سورية لكل مادة في البرامج المقررة بالجامعات، على أن يُمنح الطالب عاما دراسيا استثنائيا في العام الدراسي 2023-2024 أو للعام الدراسي 2024-2025.

كما نصّت التعليمات التنفيذية لاستفادة طلبة التعليم المفتوح من مرسوم المستنفدين على أنه عند ترفّع الطالب إلى السنة الأعلى يتابع دراسته وفقا للقواعد المعتمدة في نظام التعليم المفتوح ولاسيما لجهة مدّة الإبقاء المحددة بـ”3″ سنوات في كل عام دراسي ويطالب بتسديد رسم المقرر المحدد بـ 35 ألف ليرة، مع اشتراط التسجيل في المواعيد المحددة.

في هذا الصدد قالت نائبة رئيس جامعة دمشق لشؤون التعليم المفتوح رغداء نعيسة لصحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس الثلاثاء، إن 25 بالمئة من إجمالي عدد الطلبة ضمن التعليم المفتوح هم من المستنفدين أو المنقطعين.

نعيسة، أردفت في حديثها أن اختصاصات التعليم المفتوح المتاحة في دمشق هي الدراسات القانونية بكلية الحقوق، والدراسات الدولية والدبلوماسية في كلية العلوم السياسية، والترجمة في اللغة الإنكليزية بكلية الآداب، وبرنامج الإعلام، والمحاسبة وإدارة المشروعات المتوسطة والصغيرة في كلية الاقتصاد، ورياض الأطفال بكلية التربية.

أحد طلاب جامعة دمشق نظام التعليم المفتوح قال في مداخلة هاتفية لموقع “الحل نت”، إن ارتفاع تكاليف التعليم والمصاريف اليومية أدى إلى خروج نسبة كبيرة من الطلاب من الجامعة. كما أن تفاقم الوضع الخدمي والاقتصادي في البلاد يزيد من الضغط النفسي على الطالب، مما يؤثر على العملية التعليمية بشكل عام.

الطالب ذاته، والذي فضل عدم ذكر اسمه، أشار إلى أن نسبة كبيرة منهم، ومن بينهم هو، يبحثون عن فرص للسفر خارج البلاد، خاصة أن نسبة كبيرة منهم يعملون خلال فترة دوامهم الجامعي، حتى يتمكنوا من إعالة أنفسهم وسط غلاء كل شيء وارتفاع تكاليف التعليم.

هذا وكانت “وزارة التعليم العالي” السورية، قد رفعت مؤخرا، رسوم مقررات المواد ابتداءً من الفصل الثاني للعام الدراسي 2022 – 2023.

وحدد القرار رسم الخدمات الجامعية من طلاب درجة الإجازة المسجلين في نظام التعليم المفتوح المستجدين والقدامى وفق التالي، 10 آلاف ليرة سورية، عن كل مقرر يقدمه الطالب لأول مرة، و15 ألف ليرة عن كل مقرر يقدمه الطالب للمرة الثانية، و20 ألف ليرة عن كل مقرر يقدمه الطالب للمرة الثالثة، و150 دولارا عن كل مقرر للطلاب العرب والأجانب.

ارتفاع رسوم الجامعات الحكومية

الأسبوع الماضي، قامت “وزارة التعليم العالي” برفع الرسوم الدراسية ضمن الارتفاعات الحاصلة للمواد ومستلزمات العملية التعليمية والتدريسية في سوريا. وحددت، وفق تقارير محلية سابقة، رسم تسجيل طلاب درجة الإجازة و دراسات التأهيل والتخصص والدراسات العليا للسوريين ومن في حكمهم بـ 8 آلاف ليرة سورية، يسدد عند إعادة الطالب بعد الاستنفاد ولمرة واحدة وعند إعادة تسجيل الطالب المنقطع عن الدراسة.

كما وحددت الوزارة 2800 دولار، كرسم تسجيل من طلاب درجة الإجازة للعرب والأجانب، و4 آلاف ليرة سورية، كرسم سنوي يستوفى من جميع الطلاب المسجلين في الجامعة، و28 ألف ليرة، كرسم شهادة لكل درجة جامعية يدفعه الطالب السوري ومن في حكمه عند التسجيل في سنته النهائية، أما الطلاب العرب أو الأجانب فيدفعون 2400 دولار رسم الشهادة.

القرار حدد رسم التقدم إلى الامتحان التكميلي لكل مقرر بـ12 ألف ليرة سورية، ورسم التقدم إلى الامتحان من خارج الجامعة لكل مقرر بـ 16 ألف ليرة، ورسم المصدقة البديلة عن المصدقة الأصلية المفقودة بـ24 ألف ليرة، ورسم المصدقة البديلة عن المصدقة الأصلية المفقودة للمرة الثانية بـ 60  ألف ليرة، وللمرة الثالثة بـ 200 ألف ليرة.

القرار رفع أيضا رسم الاعتراض على النتيجة الامتحانية لكل مقرر إلى 8 آلاف ليرة سورية، على أن يُعاد الرسم إلى الطالب إذا ثبتت صحة الاعتراض، و12 ألف ليرة رسوم كشف العلامات للنسخة الأصلية، إضافة إلى العديد من الرسوم التي شملت خدمات وتقديم وثائق جامعية عدة.

طبقا للقرار الوزاري، يستوفى سنويا من الطلاب السوريين ومن في حكمهم في الكليات النظرية 15 ألف ليرة من الطالب المستجد “غير الراسب” وفي الكليات التطبيقية 25 ألف ليرة، وبالنسبة للطالب الراسب مرة واحدة في أثناء مدة دراسته الجامعية كلها حتى التخرج في الكليات النظرية يستوفى 30 ألف ليرة وفي التطبيقية 50 ألف ليرة.

بينما الطالب الراسب مرتين في أثناء ما تبقى من دراسته الجامعية حتى التخرج يستوفى 45 ألفا في النظرية و75 ألف في التطبيقية، و60 ألفا من الطالب الراسب للمرة الثالثة في الكليات التطبيقية و100 ألف ليرة، والراسب 4 مرات يدفع 75 ألف ليرة في الكلية النظرية و120 ألف ليرة في التطبيقية.

كذلك، يستوفى سنويا من طلاب دبلوم التأهيل التربوي 75 ألف ليرة، ومن طلاب دبلوم وماجستير التأهيل والتخصص 120 ألف ليرة. وطلاب الدراسات العليا فإنه يستوفى في الكليات النظرية 120 ألفا من طلاب درجة الماجستير و180 ألفا من طلاب درجة الدكتوراه.

في الكليات التطبيقية يستوفى 150 ألف ليرة من طلاب درجة الماجستير أو من في حكمها و300 ألف ليرة من طلاب الدكتوراه. هذا وكان مجلس التعليم العالي قد رفع رسوم التعليم “الموازي” لهذا العام، وحددت 1.2 مليون ليرة من طلاب كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، و900 ألف من طلاب كليات الهندسة بمختلف فروعها وكليات الفنون الجميلة، و700 ألف من طلاب كليات الزراعة والطب البيطري، و500 ألف من طلاب باقي الكليات والمعاهد العليا الأخرى.

في سياق متّصل، وعلى الرغم من  تردّي الخدمات في السكن الجامعي بجميع الجامعات السورية، غير أن وزارة التعليم العالي رفعت رسوم السكن الجامعي لـ 88 ألف ليرة، أي بما يعادل زيادة بنسبة 300 بالمئة عن رسوم العام الماضي.

تأتي هذه الارتفاعات، وسط تراجع مستوى التعليم بسوريا، فضلا عن تزايد معاناة طلبة السكن الجامعي من منظومة خدمات متردية، إذ لا يتوفر الكهرباء أو مياه ساخنة، ولا حمامات نظيفة، وعقود الإصلاح والصيانة التي يتم الحديث عنها كل عام لا تنفذ غالبا، بجانب معضلة ازدحام الطلبة في الغرف.

ترتيب جامعة دمشق العالمي

خلال الفترة الماضية انتشرت أنباء حول تقدّم تصنيف جامعة دمشق بـ 368 مرتبة ضمن مؤشر “ويبومتريكس” الذي نشره الموقع العالمي، الأمر الذي أثار موجة انتقادات ساخرة من قبل المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرينَ أن التصنيف الجامعي لا يزال في أواخر الترتيب العالمي.

حيث حلّت جامعة “دمشق” وفق التصنيف العالمي بالترتيب الـ 3108، بعد أن كانت في المرتبة 3458 عالميا، في حين تصدرت الترتيب الأول في الجامعات السورية، وفقا لتصنيف “ويبوميتركس“، مقارنة مع التصنيف السابق الصادر خلال شباط/فبراير الماضي.

نشرُ هذا الخبر على السوشيال ميديا أثار موجة انتقادات واسعة من قِبل المتابعين، فكتب أحدهم بشكل ساخر من تراجع مستوى الجامعات منذ تردي الأوضاع الخدمية والمعيشية في سوريا، قائلا “منيح انو لسا بالسلم، مين ضل ورانا بالترتيب؟؟؟ أكيد جامعة الهنود الحمر اللي بياكلوا لحوم البشر.. كانت من 50 سنة في مقدمة جامعات العالم، يا حيف”.

لم يكن وضع الجامعات السورية قبل عام 2011 أفضل، مقارنة بالوقت الحاضر، حيث كانت الجامعات تعاني من نوع من الفساد والتجاوزات بشكل كبير، من تلقي الرشاوى إلى الابتزاز الجنسي للطالبات، سواء من قبل الكوادر التعليمية، أو من قبل أصحاب النفوذ وخاصة مسؤولي المؤسسات العسكرية من الضباط والعمداء في إطار تقديم الخدمات، والتسهيلات لطلبة الجامعات مقابل خدمات جنسية، أو مادية أو ما شابه.

بطبيعة الحال يعود كل ذلك إلى المنظومة الفاسدة بالدرجة الأولى في سدة الحكم بدمشق، التي أعطت اليد العليا للمؤسسات العسكرية ومسؤولي “حزب البعث العربي الاشتراكي”، على التحكم وفرض السُلطة على جميع مفاصل المؤسسات الحكومية وحتى القطاع الخاص إن صح القول.

بعد عام 2011 تراجع مستوى التعليم في الجامعات السورية بشكل كبير. كما ووفق ما جاء في تقرير لصحيفة “البعث” المحلية مؤخرا، أن واقع الحال هو أن الجامعات السورية رغم عمرها الطويل لم تنجح حتى اليوم في ممارسة دورها الحقيقي في المجتمع كما ينبغي، وبقي شعارها الرنان “ربط الجامعة بالمجتمع” مجرد كلام يُعاد في كل مناسبة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات