على مدار الأشهر الماضية، ساهمت قرارات الحكومة السورية السماح بتصدير بعض المواد الغذائية المنتجة في سوريا، بارتفاع أسعارها بشكل كبير داخل السوق المحلية، حيث دخل المستهلك المحلي في سوريا بمنافسة مع المستهلك الخارجي الذي تصله المواد السورية، في وقت فإن القوة الشرائية لسكان سوريا في أدنى مستوياتها.

قرارات السماح بالتصدير تأتي كذلك لمساعدة المنتجين على الربح واستعادة تكاليف الإنتاج، وذلك بعد فشل الحكومة في تقديم الدعم للمزارعين والتجار خصوصا فيما يتعلق بالمحروقات وحوامل الطاقة، كذلك فإن الحكومة تسعى من وراء زيادة حجم الصادرات رفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة، ولو على حساب المستهلك المحلي.

بحسب تصريحات عضو لجنة تصدير الخُضر والفواكه في سوق الهال، محمد العقاد لوسائل إعلام محلية مطلع الشهر الجاري، فإن سوريا تصدّر ما بين 200 إلى 300 طن يوميا من البطاطا فقط، كذلك فإن الحكومة ستسعى بحسب خبراء إلى تصدير موسم الحمضيات بشكل كبير، غير آبهة بالارتفاع المتوقع للأسعار في الأسواق الداخلية.

أهداف الحكومة

قرار السماح بتصدير العديد من المواد الغذائية على الرغم من أهميته بالنسبة لمنتجي هذه المواد، إلا أن انعكاساته السلبية كانت على المواطنين السوريين، حيث ارتفعت أسعار هذه السلع بنسب كبيرة نتيجة تصديرها بكميات كبيرة إلى خارج الأراضي السورية.

خبراء اقتصاديون، أكدوا أن الحكومة السورية “تنظر إلى دولار التصدير فقط”، حيث يتم تصدير الخضار والفواكه عبر الأردن، إلى السعودية والإمارات، في وقت فإن الحكومة لا تؤمّن أيّة حلول لارتفاع هذه المواد على الصعيد المحلي.

خبراء في الاقتصاد أكدوا أن منع تصدير مادة معينة من شأنه أن يخفّض سعرها في الأسواق، لكن ذلك سيكون على حساب خسارة المنتجين، أو عدم ربحهم بنسبة كافية على أقل تقدير، وهنا تقع المسؤولية على الحكومة بالطبع، في تأمين حاجة السوق ومن ثم السماح بالتصدير ودعم المنتجين بما يسمح لهم الاستمرار في خطوط الإنتاج.

الحكومة اعترفت في عديد المناسبات برغبتها تصدير المواد الغذائية من سوريا وعلى حساب استهلاك السكان، حيث وصف العقاد قبل أسابيع حركة الصادرات السورية من الخضار والفواكه إلى دول الخليج بأنها في “أفضل حالاتها”، متوقعّاً أن تتحسن أكثر في الأيام المقبلة، فيما وصف الحركة في الأسواق المحلية بـ”البطيئة جدًا”، بسبب “ضعف القدرة الشرائية للمواطن”.

لا يبدو أن الحكومة السورية لديها من الأدوات ما يمكّنها الحرص على الاستهلاك الغذائي للسوريين، فسياساتها تقوم فقط على رفد خزينة الدولة بالدولار، حيث أكد خبراء تحدثوا لـ”الحل نت”، أن تصدير أي مادة مصنّعة محلّيا عادة ما يتم بعد التأمين على كامل كميات الاستهلاك المحلي، إلا أن ما يحصل في سوريا العكس تماما.

فأسعار الخضر والفواكه، ارتفعت بنسبة تجاوزت 50 بالمائة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، متأثرة بارتفاع أسعار المشتقات النفطية، خاصة وأن الخضار تتعرض للنقل في مراحل عدة من الأراضي الزراعية إلى سوق الهال ومن ثم إلى أسواق البيع بالتجزئة، لذلك فإن المحروقات تدخل في تكاليف إنتاجها بشكل أساسي.

ارتفاع قادم

تقرير لموقع “بي تو بي” المحلي، نقل عن بعض الفلاحين توقّعاتهم، بارتفاع قادم في أسعار مختلف الخضار التي تُباع عادة خلال فصل الشتاء، وذلك مع بدء التحضير للموسم الزراعي المقبل للزراعات المحمية، حيث يتم تجهيز البيوت وزراعة الشتول المطعّمة وتحضير البذور والسماد وتعقيم الأرض وتحضير شرائح النايلون.

بحسب ما أكده الفلاحون، فإن “أسعار المستلزمات الزراعية تضع العقل في الكف والكثير من الفلاحين يمتنعون عن الزراعة أو يقلّلون زراعة عدد البيوت المحمية، نتيجة ارتفاع الأسعار ومن المتوقع أن يكون سعر كيلو البندورة فوق 10 الف ليرة سورية، حتى يتمكن المزارع من تسديد ثمن المستلزمات فقط ومن دون أن يربح”.

مع اقتراب فصل الشتاء، بدأت بعض الجهات تحذّر من الغلاء الكبير الذي قد يضرب أسعار الخضار والفواكه، مع بدء انخفاض درجات الحرارة، خصوصا في ظل ارتفاع تكاليف زراعة الخضار، بعد رفع الدعم الحكومي عن المشتقات النفطية، إذ إن زراعة الخضار في فصل الشتاء تحتاج لتكاليف أعلى.

تقرير الموقع المحلي، أشار إلى أن “تجهيز بيت بلاستيكي يحتاج في الدرجة الأولى إلى لفّة نايلون سعرها بحدود 10 ملايين ليرة، ويحتاج الى بذار ثمن الغرام أكثر من 4 ملايين ليرة حسب نوعية البذار ويحتاج الى تسميد وإلى تعقيم وإلى خيطان وسقاية، والى فلاحة أكثر من مرة وإلى عبوات للتسويق وأجور نقل وعمولة وأدوية و كمسيون”.

الحكومة السورية من جانبها، لم تضع أي خطة لتأمين الخضار خلال فصل الشتاء بأسعار مناسبة، الأمر الذي يهدد الموسم الزراعي، إذ من المتوقع أن تنخفض معدلات استهلاك الخضار في الشتاء إلى حدودها الدنيا، نتيجة عدم قدرة الشريحة الأكبر من السوريين على تحمّل هذه الارتفاعات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات