مع الانخفاض الكبير في قيمة الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع معدلات التضخم، فإن أي هزّة سياسية أو عسكرية في الدول المحيطة بسوريا، تنعكس بشكل سلبي ومباشر على الأوضاع المعيشية في البلاد، إذ يعاني الأهالي مؤخرا من حجّة “الحرب في غزة” التي يستخدمها التّجار كمبرّر لرفع أسعار السلع والخدمات.

في الحقيقة أن أسباب ارتفاع الأسعار في سوريا تكاد لا تنتهي، سواء أكانت هناك حرب أو لا، فالمواطن اعتاد على الارتفاع الدوري لأسعار مختلف السلع والخدمات، أمّا الحجّة الجديدة فإن التجار يردّدونها كجملةٍ جديدة كي لا يضطروا لتكرار الحُجج القديمة المتعلقة بانخفاض قيمة الليرة السورية وارتفاع تكاليف الإنتاج وغيرها من أسباب انفجار الأسعار.

أسعار الخضار والفواكه سجّلت هذا الأسبوع ارتفاعا مفاجئا وصلت نسبته إلى عشرين بالمئة، وسط حديث بعض التجار عن أن سبب الارتفاع هو “التصعيد العسكري والحرب على غزة” ما أثار حفيظة السوريين، في حين علّق مسؤولون حكوميون على موجة الارتفاع الأخيرة.

تعليق حكومي

في إطار التعليق الحكومي على هذه التبرير، نفى عضو لجنة “مصدّري الخضار والفاكهة” بدمشق محمد العقاد، أي أثر للحرب أو التوتر الأمني على الأسعار، لافتا إلى أن سبب ارتفاعها يعود لنهاية المواسم الزراعية، وخاصة موسم حوران الذي يرفد السوق بمعظم أصناف الخضر.

العقاد، طالب خلال تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن” المحلية، باعتماد نشرة سوق الهال بتحديد الأسعار، موضحا أن فرق الأسعار الكبير بين سوق وآخر يعود “لطمع التجار فقط ولا مبرر لهذا الفرق بالأسعار، وليس لتكاليف النقل هذا الفرق الكبير بسعر كل كيلو خضر وفاكهة” حسب قوله.

الحكومة اعترفت في عديد المناسبات برغبتها تصدير المواد الغذائية من سوريا وعلى حساب استهلاك السكان، حيث وصف العقاد قبل أسابيع حركة الصادرات السورية من الخضار والفواكه إلى دول الخليج بأنها في “أفضل حالاتها”، متوقعّاً أن تتحسن أكثر في الأيام المقبلة، فيما وصف الحركة في الأسواق المحلية بـ”البطيئة جدًا”، بسبب “ضعف القدرة الشرائية للمواطن”.

قد يهمك: “استثمار حكومي”.. كهرباء الفنادق في سوريا للإنارة وليس للتدفئة

بالحديث عن ارتفاع أسعار الخضار والفواكه، فقد سجلت ربطة البقدونس ارتفاعا من 500 إلى 1000 ليرة سورية، وكيلو الخس وصل إلى 5 آلاف ليرة، وربطة الفجل إلى 1000 ليرة، وربطة البصل إلى 1500 ليرة، وكيلو الملفوف 3 آلاف ليرة، وربطة السبانخ 600 ليرة، فيما وصل سعر كيلو الباذنجان إلى 5 آلاف ليرة، وكيلو البطاطا 7 آلاف ليرة، وكيلو الخيار بحدود 8500 ليرة والبندورة 5 آلاف ليرة، والفليفلة 4500 ليرة.

تأثيرات محتملة

خلال الأيام الماضية، أشارت تقارير محلية إلى أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار بعض أصناف الخضار، هو قرار الحكومة بالسماح لتصديرها إلى خارج سوريا، في حين ردّ خبراء على هذه التقارير بحتمية توجه المنتجين نحو التصدير، لكن ذلك لا يعفِ الحكومة من المسؤولية عن الفوضى بالأسعار.

بالعودة إلى التأثيرات المباشرة للتصعيد في غزة على الأوضاع المعيشية في سوريا، فإن مراقبين أكدوا أن استمرار الحرب بين “حماس” والقوات الإسرائيلية قد يؤدي إلى امتداد المواجهات إلى لبنان أو سوريا، بالتالي فإن التصعيد العسكري المتواصل سيُلقي بظلاله بالتأكيد على كافة دول المنطقة.

وباعتبار أن سوريا تمتلك الاقتصاد الأكثر هشاشة بين الدول المجاورة، فإنها مرشّحة بقوة لتكون أكثر عرضة لمزيد من الانهيار الاقتصادي وتراجع الأوضاع المعيشية، وذلك فيما إذا قررت القيادة السورية الانخراط بشكل مباشر أو غير مباشر في الصراع الدائر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات