قصف “الحوثي” لإسرائيل جزء من خطة “حزب الله”: تحليل يكشف القصة الكاملة

قصف “الحوثي” لإسرائيل جزء من خطة “حزب الله”: تحليل يكشف القصة الكاملة

أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، استخدامه منظومة “سهم” للدفاع الصاروخي ذو المدى الطويل، بهدف اعتراض صاروخ “أرض أرض” الذي تم إطلاقه من منطقة البحر الأحمر؛ وتأتي هذه الخطوة عقب تقارير أولية تفيد بإطلاق صاروخ اعتراضي فوق منتجع إيلات، الواقع على ساحل البحر الأحمر، حيث سُمع دوي انفجار في المنطقة، وفقا لتقارير نقلتها صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية.

قبل إعلان إسرائيل عن تدخله بساعات، كشف “الحوثيون” في اليمن عن إطلاق دفعة كبيرة من الصواريخ البالستية والصواريخ المجنّحة، إلى جانب عدد من الطائرات المسيّرة، استهدفوا بها مواقع في إسرائيل، وهدد المتحدث العسكري باسم “الحوثيين”، يحيى سريع، تل أبيب بتنفيذ المزيد من الضربات ما لم تتوقّف هجماتها على غزة، وأشار إلى أن هذه الدفعة هي الثالثة التي يشنّها “الحوثيون” على إسرائيل.

هنا، يربط محللون الهجمات التي نفّذها “الحوثيون” على إسرائيل بالتوترات التي تشهدها المنطقة والتفاعلات الإقليمية والدولية، والانتقادات الفلسطينية التي وجّهت لـ “حزب الله” اللبناني، بأنه لم يقم بدور كافٍ في دعم قضيتهم، وبناء على هذا التحليل، يُعتقد أن تلك الهجمات “الحوثية” لا يمكن أن تتم بدون دعم أو إذن من إيران، التي تبذل جهدًا لاستغلال التوترات في المنطقة من أجل تعزيز تأثيرها ونفوذها على الدول العربية.

لعبة الدعاية والمزايدة

تساءل الصحفي اليمني، بشير الحارثي، عن المواقع الاستراتيجية العسكرية التي استهدفها “الحوثيون” بصواريخهم ومسيّراتهم في إسرائيل، وما هي الأضرار التي لحقت بإسرائيل من تلك الهجمات، والسؤال الأبرز بنظره ما هي الفائدة التي حصل عليها الفلسطينيون من قصف “الحوثي” وتصريحاته باستهداف إسرائيل، منوّها في آخر حديثه، إلى أن الإجابة على هذه الأسئلة تُظهر حقيقة الكذب والدعاية الإعلامية لـ “الحوثي” ومن يروّجها، حيث امتهان الكذب والتضليل هو نهج الجماعة و”محور المقاومة” بقيادة المرشد الإيراني، علي خامنئي، وفق وصفه.

رجل يمني يرفع ملصقاً عليه صور زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي (يسار) وزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله (يمين) في صنعاء، اليمن. (تصوير محمد حمود/ غيتي)

منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى”، برع “الحوثيون” في استثمار القضية الفلسطينية؛ حيث نظّموا عمليات جباية واسعة نهبوا خلالها أموالًا هائلة من اليمنيين تحت الإكراه، وذهبوا لتنظيم مناورات وتمارين عسكرية في صنعاء وخارجها. 

لكن؛ في الحدود القصوى كان أعلى ما يفعلونه من أجل فلسطين رشق أعلام ومجسمات إسرائيلية صنعوها بأيديهم ونصبوها في محيط صنعاء، واستغلت الميليشيا الأحداث في غزة، لتنظيم عمليات تجنيد في مناطق سيطرتها، وكان الادّعاء هذه المرة أن التجنيد يصبّ في جانب نصرة القضية الفلسطينية، ثم ما لبثت أن دفعت بالمجندين الجُدد نحو الجوف ومأرب.

وتدرك المليشيا “الحوثية” مدى ارتباط الوجدان اليمني والعربي بالقضية الفلسطينية؛ إذ إنها القضية الجامعة التي لا يختلف بشأنها العرب، وهو ما جعلها ترفع طبقة العزف على هذا الموّال لاستغلال عواطف اليمنيين وسلبهم أموالهم، أو الدفع بهم إلى المهالك تحت يافطة مقاتلة إسرائيل.

كما أنها تدرك أكثر من غيرها، أن المهام الموكّلة إليها ضمن الأجندة الإيرانية ليس بينها إسرائيل؛ وإنما جعل اليمن قاعدة عسكرية إيرانية لتهديد المملكة العربية السعودية ودول الخليج عامة والملاحة الدولية، وفي هذا التوقيت المهمة المناط بها هي للتغطية على تخاذل “حزب الله” اللبناني، في نصرة “حماس” بغزة.

“طريق التفافي”

كان زعيم الجماعة “الحوثية” عبد الملك الحوثي، زعم أن جماعته ستنخرط في الحرب إذا ما تدخّلت الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب إسرائيل بشكل مباشر، وكانت تقارير أميركية وإسرائيلية ومصرية تحدثت قبل أيام عن هجمات سابقة جاءت من جنوب البحر الأحمر، وذكرت المصادر المصرية أن مقذوفات انفجرت في منطقتي نويبع وطابا المصريتين.

متظاهر يمني يحمل صاروخًا مزيفًا خلال احتجاج نظم لإظهار الدعم للفصائل الفلسطينية في قتالها ضد إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 في صنعاء، اليمن. (تصوير محمد حمود/ غيتي)

في المقابل، ومنذ بدء الحرب في غزة ردا على هجوم “حماس”، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، شهدت الساحتان اللبنانية والسورية تبادلا للقصف والاستهداف مع الجيش الإسرائيلي، لكن هذه الحوادث لم تأخذ طابعا تصعيديا، على مستوى الجغرافيا أو حتى بإحداث ضرر مادي أو بشري على الطرف المقابل.

وبقيت التطورات بين الجيش الإسرائيلي من جهة، و”حزب الله” والجانب السوري من جهة أخرى، ضمن إطار القذائف والصواريخ المتبادلة، على عكس ما أشارت إليه نبرة البيان الذي تلاه الناطق باسم “الحوثيين”، مهدّدا بمواصلة القصف بالصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة.

الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني، ماجد عزام، ذكر لموقع “الحرة”، أن الرّد من “الحوثي لا يشكّل خطرا حقيقيا في الوقت الحالي، بينما يؤكد عزام أن ما حصل لحفظ ماء الوجه و طريقٌ التفافي على الرد الحقيقي. بمعنى آخر أن  ما حصل بناءً على مطالب طهران وبالاتفاق مع نصرالله.

تحرك جماعة “الحوثي” ومن خلفها إيران، جاء في أعقاب انتقادات وجّهتها قيادات من حركة “حماس” إلى “حزب الله” اللبناني، حيث قالت إن ردّ الحزب الموالي لإيران في نصرة غزة التي تتعرض لهجمة إسرائيلية شرسة منذ سبعة وعشرين يوما كان مخيبا ودون المطلوب.

ويقول المحلل العسكري، عبد الله حلاوة، لـ”الحل نت”، إن “حزب الله” أظهر حتى الآن أنه ليس بصدد تغيير قواعد الاشتباك الحالية بما يقود إلى حرب واسعة مع إسرائيل، وأن جُلّ تحركاته تنصبّ على رفع عتب، أمام حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” اللذين يُعدّان أحد ركائز ما يسمى بـ “محور الممانعة” الذي تقوده طهران.

تورط الحوثيون في الحرب بين إسرائيل و”حماس”

“الحوثيون” في اليمن، و”حزب الله” في لبنان، و”حماس” و”الجهاد الإسلامي” في فلسطين، جميعهم جزءٌ من تحالف غير رسمي تحت لواء إيران وتسميه “محور المقاومة”، ويضم مجموعات أخرى في العراق وسوريا، كانت مشغولة أيضًا باستهداف القوات الأميركية في تلك البلدان، ولم تنخرط بالحرب مع إسرائيل طيلة السنوات السابقة وحتى خلال الأحداث الأخيرة، رغم رفعهم شعار معادة إسرائيل.

أنصار يمنيون لحركة الحوثي يحضرون تجمعاً في شارع الستين بالعاصمة صنعاء، (تصوير محمد حمود/ وكالة الأناضول)

“حزب الله” في لبنان الذي صمت أمينه العام طيلة 27 يوما من حرب غزة، نشر ثالث مقطع استعراضي لزعيمه حسن نصر الله يوم أمس الثلاثاء، مما أثار جولة أخرى من التكهنات بأن “حزب الله” ربما يخطط لإعلان الحرب على إسرائيل يوم الجمعة، حيث من المقرر أن يتحدث نصر الله في الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي في ذلك اليوم.

وحتى في الوقت الذي يغرق فيه اليمن في أسوأ أزمة إنسانية وصراع مع الحكومة الشرعية، يصرّ الحوثيون المدعومين من إيران على خوض رحى الحرب على بُعد أكثر من 1000 ميل، لإنقاذ مثلهم الأعلى “حزب الله”.

ومن عجيب المفارقات أنه بينما يشنّ “الحوثيون” حرباً ضد إسرائيل، فإن بلدهم اليمن يمرّ بأزمة يومية متفاقمة ويعيش شعبه في ظروف يُرثى لها. فمن الصراع مع الحكم إلى انتشار وباء “الكوليرا” والمجاعة وارتفاع معدل الوفيات، يواجه اليمن محنة في جميع النواحي. ومع ذلك، فقد أعطى “الحوثيون” الأولوية لمهاجمة دولة تبعد 2600 كم وليس لتقديم الدعم للفلسطين، بل لإنقاذ سمعة نصرالله ومن خلفه إيران.

ووفقاً لتقرير صادر عن “اليونيسف”، فإن أكثر من 23.4 مليون شخص، من بينهم 12.9 مليون طفل، في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية في اليمن هذا العام، ويفتقر أكثر من 17.8 مليون شخص، بما في ذلك 9.2 مليون طفل، إلى إمكانية الحصول على مياه الشرب الكافية وخدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية.

قصف “الحوثي” لإسرائيل جزء من خطة “حزب الله” تحليل يكشف القصة الكاملة
كتابات مناهضة لإسرائيل على الحائط في 27 أكتوبر 2023 في صنعاء، اليمن. (تصوير محمد حمود/ غيتي)

ومنذ آذار/مارس 2023، سجّلت اليمن ثاني أكبر عدد من حالات الحصبة في العالم، يأتي ذلك في الوقت الذي يواصل فيه “الحوثيون” حظر العديد من اللقاحات بما في ذلك لقاح الحصبة في شمال اليمن.

لكن من الواضح، أن حبّ إيران و”حزب الله” أغلى لدى “الحوثيين” من ضمان أن يعيش شعب اليمن في سلام وكرامة، وبينما يعيش مواطنوها حياتهم في ظروف رهيبة إلى حدّ لا يمكن تصورّه، قرّرت الجماعة المقربة من طهران خوض الحرب التي عكف عن خوضها حليفها في “محور المقاومة” بسبب أهدافه الجيوسياسية والاقتصادية.

0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات حول سياسة

جديداستمع تسجيلات سابقة