الشركات الأمنية في سوريا.. مخالفات قانونية مرعبة لحماية مصالح روسيا وإيران

منذ عام 2013، برز في سوريا نشاط الشركات الأمنية الخاصة بترخيص وموافقة من الحكومة السورية، وقد عمدت كلّ من روسيا وإيران إلى الاستثمار بهذه الشركات بهدف تجنيد الشباب واستخدامهم فيما بعد بنشاطات إرهابية مشبوهة إن كان داخل سوريا أو خارج حدود البلاد.

تعدّد الشركات الأمنية واستخدام كلّ من روسيا وإيران هذه الشركات لحماية نفوذها في البلاد سبب فوضى واسعة، كما أن تعاون هذه الشركات كان السبب بتورط الحكومة السورية في أعمال إرهابية خارج الحدود السورية، باعتبار أن هذه الشركات مرخّصة من قبل وزارة الداخلية السورية فيما يشترك عناصرها بأعمال عسكرية عابرة للحدود لصالح موسكو وطهران.

كذلك فإن هناك شركات مرخّصة من وزارة الداخلية، وتُدار من قبل جهات إيرانية، وتعمل على تجنيد الشباب في سوريا برواتب مغرية، كما عملت بعض هذه الشركات بالتعاون مع ميليشيا “فاغنر” الروسية، على إرسال عناصر الشركات للقتال في ليبيا وأوكرانيا، ما يعني تورّط دمشق بهذه العمليات.

تعديلات بالقوانين الناظمة

ومع بدء التحولات الميدانية المتعلقة بالميليشيات الإيرانية، واحتمال توجّه إيران إلى حرق بعض الميليشيات التابعة لها والمتمركزة في سوريا، يبدو أن دمشق تريد إعادة هيكلة هذه الشركات، وذلك نتيجة تداخلها بالعديد من الميليشيات الإيرانية الموجودة على الأراضي السورية، فاتجهت إلى تعديل القوانين الناظمة لعمل هذه الشركات.

قبل أيام، أقرّ “مجلس الشعب” السوري تعديل قانون شركات الحماية والحراسة الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2013، وأصبح قانونا. وحسب المشروع الذي وافق عليه المجلس في جلسته الإثنين الفائت، فإنه “يُحظر على شركة الحماية والحراسة الخاصة التعامل مع شركات خارجية، وأن تكون فرعاً لشركة عربية أو أجنبية”.

المشروع حدد الشروط الواجب توافرها في العامل والحارس بالشركة، وهي أن يكون “متمتعا بالجنسية العربية السورية أو من في حكمه منذ خمس سنوات على الأقل، وأن يتجاوز الـ 18 عاما من عمره”، فضلاً عن شروط أخرى، كما منعت التعديلات “نقل ملكية الشركات أو التنازل عن الترخيص الممنوح لها كليا أو جزئيا إلا بموافقة مسبقة من وزير الداخلية شريطة أن تتوفر في المالك الجديد أو المتنازل له الشروط ذاتها الواجبة للترخيص”.

اشتراط الجنسية السورية على من يدير هذه الشركات يؤكد بطريقة أو بأخرى، أن هذه الشركات كانت تُدار في معظم الأحيان خلال السنوات الماضية من قبل أشخاص أجانب وغالبا هم من الروس والإيرانيين، إلا أن هذا التعديل قد لا يضمن عودة إدارة هذه الشركات إلى السوريين، خاصة وأن العديد من الأجانب الذين عملوا في المجال العسكري والأمني في سوريا قد حصلوا منذ سنوات على الجنسية السورية.

قد يهمك: “ليست محصّنة من الحرب“.. طريق السلام في غزة يمرّ عبر سوريا؟

دمشق تسعى من خلال هذه التعديلات إلى أن تكون المسيطرة على عمل هذه الشركات نتيجة الفوضى الناتجة عن انتشارها، لكن متابعون لعمل هذه الشركات أكدوا أن التعديلات الجديدة لن تغير من تبعيتها لروسيا وإيران، خاصة وأن السوريين الذين يديرون هذه الشركات أصبحوا على علاقات جيدة جدا مع روسيا وإيران.

بالتالي فإن اشتراط الجنسية السورية على مديري هذه الشركات لن يغيّر من واقع طريقة إدراتها أو تبعيتها، كذلك فإن عملية فكّ التنسيق بين هذه الشركات وميليشيا “فاغنر” أو بعض الميليشيات الإيرانية، لم تعد بيد دمشق بصرف النظر عن القوانين التي تصدرها، حيث أصبح لهذه الشركات نفوذا واسعا في سوريا وتنسيقا مباشرا مع روسيا وإيران، كما أن الرواتب التي تدفعها للعناصر تُعد رواتب مغرية للانتساب لها في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها البلاد.

تأثيرها على المجتمع

إن السماح بإنشاء هذه الشركات بل وإصدار المراسيم والقوانين لتنظيم عملها من قبل الحكومة السورية، ساهم بشكل واسع باختراق المجتمع السوري، كما ساعد ذلك إيران وروسيا على تجنيد الشبّان السوريين للقتال خدمة لمصالحهما خارج الحدود السورية، كل ذلك جرى بموافقة وتسهيل من قبل دمشق.

جميع شركات الأمن الخاصة تتبع لوزارة الداخلية السورية، ضمن فرع شركات الحماية الخاصة في الوزارة والذي تأسس عام 2013 بموجب المرسوم 55. سجلات العام 2019 للشركات العاملة بدمشق، تشير إلى أن 78 شركة أمنية خاصة مرخّصة تعمل في سوريا.

المرسوم 55  الناظم للشركات الأمنية الخاصة يصنّف الشركات إلى فئات؛ الأولى بما يزيد عن 800 حارس، وتتراوح الثانية بين 500 إلى 300، والثالثة أقل من 300 موظف، وتحذر دمشق من التعامل مع أي شركة أمنية غير مرخّصة، وتضع شروطاً لقبول ترخيصها، كأن تكون محدودة المسؤولية، لها سجل تجاري.

إلى جانب سعي إيران وروسيا لتنفيذ مصالحها خارج الجغرافية السورية، فإن هذه الشركات توفّر كذلك الحماية للأثرياء وبعض رجال الأعمال في البلاد،  كما توفر مرافق وخدمات وقائية والحماية للقوافل التجارية والتحويلات النقدية الكبيرة، ومنذ 2013 ازداد نشاطها وأقامت علاقات مع مجموعات روسية أو إيرانية، ورافقت قادة عسكريين رفيعي المستوى أو مواقع حراسة للقوات الروسية، بما في ذلك المنشآت النفطية في القامشلي والحسكة ودير الزور.

كذلك فقد أشرفت هذه الشركات على حماية القوافل الدينية القادمة إلى سوريا من إيران، فضلا عن مشاركة بعض المجموعات إلى جانب الميليشيات الإيرانية، ومن أبرز الشركات العاملة مع القوات الروسية شركة “المهام للحماية والحراسات الأمنية”، والمملوكة لمجموعة القاطرجي.

أما شركة “سند للحراسة والأمن”، التي يقع مقرّها في دمشق فلها علاقات مع القوات الروسية، وتقوم بخدمات حراسة للمنشآت النفطية التي تسيطر عليها روسيا بشكل مباشر، مثل حقول التيم والورد والشعلة النفطية في دير الزور، في حين تعمل شركة “الصياد” مع القوات الروسية لملاحقة خلايا “تنظيم الدولة” في البادية السورية.

أم الجانب الإيراني فيُشرف على شركة “القلعة للحماية والحراسة”، حيث تنشط هذه الشركة في مدينة البوكمال قرب دير الزور،، وترافق قوافل الحجّاج الإيرانيين والعراقيين الداخلين إلى سوريا، ويدير الشركة ضباطٌ سابقون في الجيش والمخابرات السورية تحت إشراف “الحرس الثوري” الإيراني.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات