على عكس ما يذكره الإعلام الرسمي للنظام الإيراني الذي يتبنى فكرة “المقاومة” و”الموت لأميركا وإسرائيل”، قال الأمير الإيراني المنفي، إنه من أجل مواجهة التهديدات الإسلامية المتطرفة مثل وكيل إيران “حماس” في غزة، يجب على العالم قطع مصدر دعمهم من طهران. 

ففي ظهور غير خاضع للرقابة على قناة “سكاي نيوز أستراليا”، يوم الثلاثاء الفائت، كرر رضا بهلوي دعوة المجتمع الدولي للتمييز بين الشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية، قائلا: إن ما يريده شعب إيران “مختلف تماماً” عن النظام “الراديكالي” في بلادهم. 

تمويل التطرف يصل إلى أوروبا

وفي حديثه مع الإعلامي البريطاني الشهير بيرس مورغان، قال بهلوي، إن العالم لا يمكن أن يتجاهل الفيل الموجود في الغرفة – في إشارة إلى أن النظام الإيراني – فهي المحرك الرئيسي وراء مجموعة واسعة من الصراعات، موضّحا أنه منذ تأسيس الدولة في عام 1979، قامت طهران بإثارة العداء وعدم الاستقرار الإقليمي والتحريض على الحرب، من خلال دعم الجماعات الإرهابية. 

امرأة إيرانية ترفع يدها المرسومة التي ترمز إلى الدماء في طهران، 4 نوفمبر 2023. (تصوير مرتضى نيكوبازل / غيتي)

علاج التطرف الذي يغذي الجماعات الإرهابية برأي بهلوي، هو وضع حدٍّ له من مصدره، وهو النظام الإيراني، موضحا أنه “لطالما طلبت من المجتمع الدولي، بما في ذلك وسائل الإعلام، عندما يتحدثون عن إيران، أن يحددوا أنهم يتحدثون عن النظام في إيران، وليس عن الشعب”. 

الدعم الرئيسي والتمويل الرئيسي الذي يأتي لهذه الجماعات الإرهابية يجب أن يكون له أثر مالي، وليس سرّا أن النظام في طهران كان وراء معظم هذه الجماعات، وقد موّلها، وسلّحها، واستخدمها، فهم وكلاؤه بالمنطقة.

وشدّد بهلوي، على التهديد الذي يشكله ذلك على الغرب، بما في ذلك الكشف الأخير في صحيفة “التايمز” البريطانية، عن أن طهران تدعم الاحتجاجات الجماهيرية المؤيدة لفلسطين في لندن، و تأجيج الاضطرابات في أوروبا، وأضاف: “اليوم نسمع هذا الصوت المشؤوم للإسلاميين المتطرفين الذين يحاولون تشكيل مستقبل مختلف للبلدان حتى في أوروبا، العلاج هو وضع حدّ للمصدر الكامن وراء هذا التطرف”.

وبالإضافة إلى شبكتها من الوكلاء في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، تبيّن أيضاً أن إيران تزوّد روسيا بالأسلحة في غزوها لأوكرانيا، مما يدل على اتساع التهديد الذي تشكله النخبة المروّجة للحرب في النظام. فمنذ منتصف عام 2022، أفادت التقارير أن إيران زوّدت روسيا بعدد كبير من المركبات الجوية بدون طيار، والتي تم نشرها على نطاق واسع لاستهداف البنية التحتية والمدن المدنية.

وقد تحدث ولي العهد السابق، الذي ناضل منذ فترة طويلة من أجل إيران علمانية وديمقراطية بدلاً من استعادة النظام الملكي، مراراً وتكراراً عن كيفية إنهاء النظام الإيراني الحالي وإنشاء حكومة جديدة في إيران تعيش بسلام. 

يذكر أن بهلوي يتمتّع بقاعدة مؤيدة كبيرة في إيران وخارجها، ولا يعقد أي تجمّع دون أن يردد الناس شعاراتِ إعجابٍ بالملوك البهلويين، الذين كانوا روّاداً في قيادة إيران إلى التحديث، كما كشف مسؤول في “الحرس الثوري” الإيراني هذا الأسبوع، أن المتظاهرينَ المسجونينَ عبّروا عن رغبتهم في عودة الأمير المنفي إلى إيران.

الإيرانيون أكثر جرأة الآن

أدلى بهلوي بهذه التصريحات وسط صراعٍ متصاعد في الشرق الأوسط، اندلع في 7 تشرين الأول/أكتوبر الفائت، عندما شنّ مسلحو حركة “حماس” المدعومة من طهران هجوماً متعددا على مستوطنات إسرائيلية، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص واحتجاز أكثر من 240 رهينة، فيما وقُتل آلاف الفلسطينيين في القصف الانتقامي الإسرائيلي في أخطر صراع منذ سيطرة “حماس” على القطاع في عام 2007.

المشجعون الإيرانيون يحملون أحرفًا تشكل اسم مهسا أميني احتجاجًا على الحكومة في مباراة كرة القدم – غيتي

في ظل هذه الأحداث، يحاول النظام الإيراني تلقينَ الشعب مفاهيم معادية لإسرائيل، وتبدأ محاولاته منذ السنوات الأولى في المدارس الابتدائية حيث يجب على الطلاب أن يهتفوا “الموت لإسرائيل والولايات المتحدة” قبل الذهاب إلى الفصل كل صباح. 

منذ اندلاع الحرب، تم تنفيذ حوالي 40 هجوما أيضا على القواعد الأميركية في العراق وسوريا، حيث يستغل النظام الفرصة لتوسيع الصراع إلى ما هو أبعد من غزة. 

ومع ذلك، وسط موجة المسيرات المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، يعترف المتشددون في إيران بأن عامة الناس في إيران ليس لديهم رغبة وقابلية كبيرة للقضية الفلسطينية، إذ لم تشهد إيران أي تعبير شعبي عن التضامن مع الفلسطينيين، باستثناء الجماعات الموالية للنظام، على الرغم من حقيقة أن طهران هي الداعم الرئيسي لـ “حماس”.

منذ العملية التي شنّتها “حماس” والتي أطلق عليها اسم “طوفان الأقصى”، أصبح الإيرانيون أكثر جرأة بشأن ابتعادهم عن رواية النظام عن الصراع، حيث أطلقوا وسوماً مثل #IranStandsWith Israel أو رددوا شعارات حول الطريق الذي يجب على النظام أن يسلكه. 

هذه التوجهات ظهرت مؤخرا في إيران ولا سيما في الأحداث العامة، مثل مباريات كرة القدم، التي باتت مكانا جيدا لرؤية المزاج العام الحقيقي للإيرانيين، الذين يستخدمون مثل هذه الأحداث لترديد شعارات ضد دعاية النظام المؤيدة لـ “حماس”.

ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، أشعل أشخاص النار في لوحة إعلانية مؤيدة لـ “حماس” في مدينة مشهد الدينية، حيث ينحدر المرشد الأعلى والرئيس إبراهيم رئيسي، حيث أصبح إشعال اللوحات الإعلانية التي تروج للخطوط الدعائية للنظام وسيلة أخرى يعبّر بها الإيرانيون عن رغبتهم في التّحرر من حكم الثيوقراطية الإسلامية. 

ويقف عدد كبير من الإيرانيين أيضاً إلى جانب شعب إسرائيل، لكنهم لا يجرؤون على التعبير عن آرائهم علنا خوفا من انتقام النظام، إذ يرى الكثيرون داخل إيران أنه حان الوقت للتحرر من النظام الحالي، ليس فقط من سيطرته على كيفية ارتداء الملابس، بل وأيضاً من القيود المفروضة على الطريقة التي يجب أن يفكروا بها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات