قصفت طائرات مجهولة الهوية ليل الاثنين – الثلاثاء عدة مواقع في جنوب سوريا استهدفت ما يُعتقد أنهم تجّار مخدرات وأسلحة إيرانية، بعد عدة ساعات من إعلان الجيش الأردني إحباط مخططا لعشرات المتسلّلينَ من سوريا المرتبطين بفصائل موالية لإيران عبروا حدود الأردن ومعهم قاذفات صواريخ وألغام مضادة للأفراد ومتفجرات.

يبدو أن التّحول الكبير في محاولات اختراق آمن الأردن بإعداد كبيرة من المقاتلين ونوعية الأسلحة كما هي اشتباكات أمس الاثنين، من قِبل ميليشيات طائفية توجّهها إيران، جعل طهران تنتقل بشكل لا يحتمل التأويل إلى أعلى قائمة أعداء الأردن وجيشه وهويته، خصوصا أن هناك ترجيحات بأن القصف تم بطائرات الجيش الأردني.

ردّ أردني عنيف

الجيش الأردني وفق بيان له، فجّر مركبة محمّلة بالمتفجرات أثناء مقاومته أكبر عملية مسلحة عبر الحدود لتهريب الأسلحة والمخدرات في السنوات الأخيرة، حيث قال في وقت سابق إن المتسلّلين فرّوا عبر الحدود بعد إصابة عدد من أفراد الجيش في أحدث عمليات التوغل الكبرى منذ بداية الشهر والتي خلّفت جندياً أردنياً وما لا يقل عن عشرة قتلى من المهرّبين.

الأراضي السورية شهدت أمس أولى تجارب القوات المسلحة الأردنية، في مواجهة عسكرية مفتوحة، إذ انطلقت هذه المعركة في ساعات الفجر، حيث استهدفت شبكات تهريب المخدرات في الجنوب السوري. 

يُعد هذا الموقف هو الأول من نوعه الذي تتعامل فيه القوات الأردنية مع كميات من الأسلحة الأتوماتيكية والصاروخية، كما أشار بيان الجيش إلى تسجيل عدد من الإصابات الخفيفة والمتوسطة بين أفراد قوات حرس الحدود نتيجةً للاشتباكات. 

بعد اعتقال 8 من المهرّبين وكمية كبيرة من الأسلحة، تعرّضت قوات حرس الحدود الأردني، لإطلاق قذائف “آر بي جي” من داخل الحدود السورية، وإطلاق رصاص من قناصينَ، من جانبه، أكد وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة، مهند المبيضين أن الجيش الأردني “غيّر من قواعد الاشتباك، وتنوعت بالتالي أساليبه القتالية”.

ما يلفت هذه المرة، أن الرّد الأردني لم يقتصر على الاشتباكات داخل الأراضي السورية، بل تبعه غارات جوية استهدفت أكثر من موقع في ريف السويداء الجنوبي والجنوبي الشرقي؛ فالضربة الأولى كانت بالقرب من مدينة صلخد، والثانية بالقرب من قرية الشعاب، وأخرى استهدفت موقعا في قرية المتاعية بريف درعا.

الأسلحة الإيرانية عقّدت الوضع

من بين الأسلحة التي صادرها الأردن على حدوده مع سوريا صواريخ “107” إيرانية الصنع، وهذا ما أكد للقيادة الأردنية أن بلدهم هو المستهدف التالي بالمشروع الإيراني بعد سوريا، لا سيما وأن تحذيرات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الأسبوع الماضي خلال اجتماع في جنيف بأنه يتعين على طهران بذل المزيد من الجهد لكبح جماح الميليشيات التي تمولها والتي تنشط على طول الحدود السورية الأردنية، لم تؤخذ بعين الاعتبار.

كميات المواد المخدّرة بعد حصرها في عملية أمس الاثنين، بلغت 4 ملايين و 926 ألف حبة كبتاغون، و(12858) كفّ حشيش، فيما كان اللافت هو تهريب صواريخ مضادة للدروع وأسلحة رشاشة أوتوماتيكية، وقذائف “آر بي جي” وألغام ضد الأفراد، و سيارتَين محملة بمواد متفجرة.

وفق مصادر عسكرية ودبلوماسية خاصة لـ”الحل نت”،  فإن عمليات التهريب من سوريا إلى الأردن تُعد قضيةً معقّدة، كما أن الاتصالات الأخيرة بين عمّان ودمشق لم تسفر عن أي حلّ يُشير إلى تسوية المسألة، وبدلاً من ذلك، اتخذت هذه القضية منحى تصاعدياً وبشكل تدريجي، حيث تجاوزت الأوضاع السابقة التي كانت تسير عليها.

الغارات التي استهدفت العمق السوري، والتي تُعتبر الثانية بعد مقتل أكبر أباطرة المخدرات في سوريا، مرعي رويشد الرمثان الملقب بـ”أبو حمزة”، في أيار/مايو الفائت، أيضا استهدفت منزل شاكر الشويعر في قرية أم شامة جنوب شرقي السويداء، وهو من الضالعين في تجارة وتهريب المخدرات نحو الأراضي الأردنية، حيث أدت الغارة إلى مقتل أربعة أشخاص كانوا في المنزل، من بينهم هشام فضل الله جبور.

في حين أن الأنباء المتداولة عن مقتل ناصر السعدي في القصف الجوي غير صحيحة، حيث ضربت إحدى الغارات موقعاً قريباً من منزله في مدينة صلخد جنوبي السويداء، ولم تؤدي لخسائر بشرية، فيما استهدفت غارة المتاعية مصنعا للمخدرات يملكه أبو سليمان الكفري.

في ردّه على عما يحدث جنوب سوريا، قال الناطق باسم المصالحة السورية، عمر رحمون، إن القصف الأردني على بعض النقاط في ريفي درعا والسويداء بحجة مكافحة تهريب المخدرات بهذا التوقيت الحساس إنما هدفه حرف الأنظار عما يجري في غزة وخلط الأوراق وتوجيه الاتهام إلى سوريا وإيران و”حزب الله” لأهداف سياسية تخدم إسرائيل بالدرجة الأولى.

تأتي المواجهات المذكورة بعد 4 محاولات أعلنت عمّان إحباطها في غضون أسبوع واحد فقط، أدت حادثة منها إلى مقتل جندي أردني، بعدما اشتبكت قواتٌ من حرس الحدود مع مهرّبينَ حاولوا العبور من الجانب السوري إلى الأردن.

“حزب الله” في قلب المعادلة

يقول المسؤولون الأردنيون، مثل حلفائهم الغربيين، إن جماعة “حزب الله” اللبنانية المدعومة من إيران والميليشيات الموالية لإيران التي تسيطر على جزء كبير من جنوب سوريا كانت وراء زيادة تهريب المخدرات والأسلحة.

أسلحة الأردن وسوريا
إصابة جنود أردنيين إثر اشتباك مع مسلحين على الحدود مع سوريا – إنترنت

الأردن يعرف الدولة التي تقف وراء ذلك، فإيران هي التي ترعى هذه الميليشيات، وهذه أعمال عسكرية عدائية ضد الأردن على أراضيه، بحسب ما صرح به سميح المعايطة وزير الإعلام السابق الذي أطلعه المسؤولون على التطورات.

إيران و”حزب الله” يرون أن هذه المزاعم جزء من مؤامرات غربية ضد البلاد، فيما تنفي سوريا التواطؤ مع الميليشيات المدعومة من إيران والمرتبطة بجيشها وقواتها الأمنية.

ويقول خبراء الأمم المتحدة ومسؤولون أميركيون وأوروبيون، إن تجارة المخدرات غير المشروعة تموّل انتشار الميليشيات الموالية لإيران والقوات شبه العسكرية الموالية للحكومة التي نتجت عن أكثر من عقدٍ من الصراع في سوريا.

وتأتي الغارات التي شنّتها الطائرات الأردنية في الوقت الذي ناقش فيه العاهل الأردني، تعزيز دفاعات البلاد مع الجنرال الأميركي تشارلز براون، رئيس هيئة الأركان المشتركة، ويقول مسؤولون أردنيون إن الأردن حصل على وعود بمزيد من المساعدات العسكرية الأميركية لتحسين الأمن على الحدود، حيث قدمت واشنطن حوالي مليار دولار لإنشاء نقاط حدودية منذ بدء الأحداث في سوريا عام 2011.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات