بعد أن كثفت القوات النظامية عمليات الدهم والاعتقال خلال شهر شباط/فبراير الفائت، واستهدفت عددا من مدن وبلدات درعا في الريفين الشرقي والغربي، وكان آخرها عملية دهم في مدينة جاسم استهدفت مدرسة، بحجة وجود أسلحة وذخائر عادت الأجواء في درعا للتوتر من جديد.

هدوء بعد معركة ساخنة

مع اقتراب دخول درعا عامها 11 في قيادة الاحتجاجات ضد الحكومة السورية، حصل تطور استثنائي، داهمت دورية أمنية للجيش السوري، مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، واشتبكت مع مقاتلين سابقين في المعارضة، ما أسفر عن مقتل شخص وعدد من الجرحى.

وقال محمد الجلم، أحد أعضاء اللجنة المركزية في جاسم، لـ”الحل نت”، إن القوات الأمنية داهمت منزل مصعب الحلقي في الحي الجنوبي الغربي، فجر يوم الثلاثاء الفائت، واشتبكت مع مجموعة من المقاتلين المحليين في المدينة، وردا على ذلك، حصلت مواجهات بالقذائف الصاروخية أدت إلى إعطاب آلية عسكرية تابعة لقوات أمن الدولة بضربة مباشرة.

وأوضح الجلم، أنه بعد احتدام الاشتباكات، وصلت تعزيزات عسكرية إلى محيط المدينة. حيث كانت الحكومة تحشد جنودها أمام المركز الثقافي بالمدينة، مقر فرع أمن الدولة حاليا.

في أعقاب هذا التطور الاستثنائي، لا سيما بالنظر إلى استخدام المسلحين للبنادق المتوسطة وقذائف “آر بي جي”. توصل المجتمعون في المدينة برعاية مركز المصالحة الروسي وبحضور زعماء العشائر وممثلي اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس لتسوية.

ووفقا للجلم، فإن التسوية قضت إلى ترتيب جديد، بتسليم خمسة من أعضاء عناصر الجيش السوري الذين اتهمهم المسلحون بالتعاون مع الدولة السورية داخل جاسم، مقابل وقف المداهمات على الكتل الإنشائية، خاصة بعد ضبط ومصادرة عدد من الأسلحة.

للقراءة أو الاستماع: ماذا وراء تصاعد عمليات الاغتيالات في درعا؟

تسوية فورية جديدة

ومن أجل إعادة الهدوء للمنطقة، بيّن الجلم، أنه بدأت مفاوضات جديدة، أمس الأربعاء، في الفرقة التاسعة بالقرب من مدينة الصنمين شمالي درعا بين وجهاء من مدينة جاسم مع ضباط من الجيش والأجهزة الأمنية في الفرقة التاسعة، وحضور قوات من اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس المدعوم من حميميم وقوات من الشرطة العسكرية الروسية.

وبحسب ادعاءات القوات الأمنية، فإنه يوجد في المدينة خلايا لتنظيم “داعش”. إذ سبق وزار وفد من الشرطة العسكرية الروسية المدينة في نيسان/أبريل 2021، للتحقيق بمزاعم وجود الخلايا، إلا أن أي تطور لم يحصل في هذا السياق.

وطلبت الحكومة السورية والشرطة الروسية تسليم 10 أشخاص من أبناء المدينة، أو تهجيرهم إلى شمال سوريا. وهو ما رفضه المجتمعون. في حين حمّلت قيادة الفيلق الخامس، تدهور الأوضاع للجنة المركزية في المدينة في حال عدم تنفيذهم لشروط المجتمعين.

وأكد الجلم، مقتل مدني وإصابة ثلاثة أطفال. في حين كان مدير التربية في درعا قد أصدر قرارا يقضي بتعليق العملية التعليمية في خمس مدارس ورياض أطفال في مدينة جاسم شمالي درعا نتيجة المواجهات العنيفة.

للقراءة أو الاستماع: بعد الإفراج عن فواز القطيفان.. من يقف وراء حالات الاختطاف في درعا؟

دلالات التصعيد في درعا

وفي السياق ذاته، أصدر مركز “جسور” للدراسات، دراسة حول التصعيد الميداني الحالي في محافظة درعا جنوبي سوريا. مشيرا إلى أن هذا التصعيد يأتي بعد ستة أشهر من توقيع لجنة درعا المركزية واللجنة الأمنية على اتفاق تسوية جديد برعاية روسية.

وعلى الرغم من توقف التصعيد في مدينة جاسم، إلا أنه يحمل دلالات عديدة أبرزها: إصرار الحكومة السورية على الحفاظ على استراتيجية أمنية. تركز على استعادة السيطرة الكاملة على محافظة درعا، من خلال إعادة احتكار العنف ونزع سلاح المنطقة بشكل دائم. وكذلك تحييد أي فرد يقف ضدها عن طريق التصفية أو الاعتقال.

وبما أن القدرات العسكرية والأمنية للحكومة في درعا ظلت غير كافية، على الرغم من أن جميع اتفاقيات التسوية المتعاقبة واشتراطات نقل السلاح فشلت في استعادة مصادر القوة والسلطة للمحافظة. وباستثناء قدرة اللجنة المركزية على وضع ظروف تمنع انتشار المفارز والحواجز في أماكن كثيرة، يتضح من ذلك قدرة مقاتلي المعارضة السابقين على استخدام السلاح واستهداف جنود القوات النظامية وتعزيزاتهم.

وعلى أية حال، لا يبدو أن الحكومة السورية راضية عن نتائج التصعيد في جاسم، وأنها تستعد للرد لاحقا. خاصة أنه لن يقبل بالوجهاء كمراقبين على الأجهزة الأمنية أثناء المداهمات. لأن ذلك يقوض قدرتها وأهدافها باعتقال أعضاء وقادة فصائل المعارضة السابقين والذين أصبحوا يشكلون خطرا حقيقيا عليها.

للقراءة أو الاستماع: أذرع إيرانية تقف وراء توتر أمني جديد في درعا 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.