رصد- الحل العراق

 أعلن الرئيس العراقي برهم صالح، عن عادل عبد المهدي قد أبدى موافقتَه على تقديمِ استقالتِه طالباً من الكتلِ السياسيةِ ريثما يتم التفاهمَ على بديلٍ مقبول وبما يمنعُ حدوثَ فراغٍ دستوري. مؤكدً انحيازه إلى جانب المتظاهرين ومطالبهم المشروعة.

وقال صالح في كلمة متلفزة إلى الشعب العراقي: «أخاطبُكم في هذه اللحظاتِ التاريخيةِ العصيبة، وأبدأ حديثي المباشر بالتأكيدِ مرةً أخرى على انحيازي اليكم، بمشاعري وعواطفي وجهودي وبكلِّ ما املكُ من مساحةٍ ودورٍ وقوةٍ استمدُّها منكم، ومن نهوضِكم الوطني المجيد».

وأضاف صالح، «أنتم أيها الشبابُ الاملُ والصحوةُ والضمير والصوتُ الوطني العالي، الذي نؤكدُ عبره ومن خلالِه مجدَنا الوطني ونواجه به التحديات ونكافحُ فسادَ المفسدين ونردّ كيد الأشرار».

مؤكداً بالقول: «معكم في تظاهراتِكم السلمية ومطالباتِكم المشروعة، ومعكم في رفعِ الحيفِ ومحاربةِ الفسادِ، ومعكم بإنصافِ القطاعاتِ المظلومةِ والمهمّشة من أبناء العراق.. ومعكم وأنتم ترفعون الرايات والأعلام العراقية عالياً لكي يبقى الوطنُ وطنَ جميعِ العراقيين وأن تكون تظاهراتُكم سورَ الوطن وسياجَه المنيع، معكم بسلميتِكم.. وضد أي قمع واعتداء».

وخاطب صالح كل من المتظاهرين والأجهزةَ الأمنية قائلاً: «هم أخوانُكم، هم أنتم وأنتم هم، لستم فريقين متخاصمين، أنتم تعبّرونَ عن مطالبِكم وهم يحفظونكم ويحفظون الأمنَ والنظامَ، أمنَ بلدِنا وشعبِنا».

ودعا رئيس الجمهورية إلى «دعمُ القوات الأمنية، التي سيكون من صالحِ الجميع أن ينجحَ المتظاهرون في التعبير بحريةٍ وسلام عن مطالبِهم، وأن تنجحَ قواتُنا الأمنية بمهماتِها في حفظِ الأمنِ العام ومنعِ من تُسوّلُ له نفسُه اختراقَ التظاهرات والإساءةَ لها».

مشيراً في ذات السياق، إلى أن «هذه الأخوّة ما بين المتظاهرين وقوى الجيش والأمن، هي التي ساعدت على أن تتحولَ هذه التظاهرات الكبيرة إلى احتفاليات عظيمة بالوطنية العراقية، وبارتفاع الأعلام الوطنية والنشيد الوطني في الشوارع والساحات بعزم ملايين الشبان، بإرادة العوائل الكريمة في بغداد والمحافظات والتي شاركت وجسدت المعاني العميقة لوحدة الشعب بأبهى صور الوحدة والتآخي والتضامن».

 وذكر صالح في معرض كلمته: «ليس هناك حلٌّ أمني، القمعُ مرفوض، واستخدامُ القوةِ والعنفِ مرفوض»، كاشفاً أن «الحلُّ في الإصلاح. الحلُّ في تعاونِ الجميعِ من أجلِ حفظِ الأمنِ العام ومواجهةِ المجرمين الذين يريدون سوءاً بالعراق، والتاريخُ يعلّمنا أن صوتَ الشعبِ أقوى من أيِّ صوت، وإرادةُ الشعبِ هي الأمضى، ومستقبلُ العراق هو هدفُنا جميعا لأن يكونَ مستقبلاً مشرقاً وكريما».

وطالب الرئيس العراقي، من الحكومة أن «تكون حكومةَ الشعب كما أشار إلى ذلك الدستور ورسخته تضحياتُ العراقيين»، والقيام بـ «إجراءاتٌ سريعة تقتضيها المسؤوليةُ القانونية لمحاسبةِ المجرمين والمقصرين في استخدام العنفِ المفرط أثناءَ الاحتجاجاتِ الأخيرة، وتقديمِهم للعدالة عبر القضاء وحسمِ هذه الملفات بأقصى شعورٍ بالمسؤولية، والعملِ بحرصٍ شديدٍ ودقيق لمنعِ أية محاولةٍ للانفلات الأمني».

وجدد صالح، تأكيده مرةً أخرى على «أهميةُ أن يكونَ السلاحُ بأيدي الدولة.. نتوقعُ عملاً مضاعفاً من الحكومةِ ومؤسساتِها للشروعِ بتنفيذٍ فعلي لمبدأ حصرِ السلاح بيدِ الدولة، الدولةِ وحدها، وليس بأيدي جهاتٍ منفلتة وخارجة عن القانون، لا أمنَ ولا اطمئنانَ من دون هذا، من دون احتكارِ الدولة وحدها للسلاح، هذا يساعدُنا في ضبطِ الأمن وفي تفادي معاركَ واقتتالٍ ما بين جماعاتٍ مسلحة كلما تنافرت هذه الجماعات واختلفت».

وتوجه صالح إلى البرلمان بالقول: «هو صوتُ الشعب وقاعدتُه التمثيليةُ الوطنية ينبغي أن يكونَ أولَ من يتصدى لمطالبِ المتظاهرين، ويعمل على تنفيذها تشريعياً ورقابياً كما يعمل على محاسبة المقصرين والفاسدين»، مؤكداً هنا أنه «تمت المباشرة بإحالة ملفات فسادٍ إلى القضاء للبتِّ فيها وفق القوانين والأحكام السارية، هذا الموضوع حساس وله أولوية متقدمة، يجب التعامل مع قضايا الفساد الكبرى بمنتهى الشفافية والإخلاص للقانون والحقوق العامة.

وأشار رئيس الجمهورية، بأنه «باشر فعلاً وعملاً متواصلاً من أجل قانونِ انتخاباتٍ جديد، مقنعٍ للشعب، ويعالج مشكلاتِ القانونِ السابق، ويسمحُ بانتخاباتٍ أكثر عدلاً وأشدَّ تمثيلاً لمصالحِ الشعب بما في ذلك حق الترشح للشباب، وبما يحمي أصواتَ الناخبين ويمنعُ محاولات التلاعبِ والتزوير، واستبدالِ المفوضيةِ بمفوضية مستقلةٍ حقاً، ومن رجالِ القضاءِ والخبراء، وبعيدةٍ تماماً عن التسييس والمحاصصةِ الحزبية».

 وتوقع صالح، بأن الأسبوع المقبل سيشهد «تقديمَ مشروعِ القانونِ الذي نعمل عليه بالتعاون ما بين دوائرِ رئاسةِ الجمهوريةِ وعددٍ من الخبراءِ المختصين والمستقلين إضافةً إلى خبراءِ الأمم المتحدة»، مبيناً أنه يقوم «برعايةِ حوارٍ وطني للعمل من أجلِ معالجة الاختلالات البنيوية في منظومة الحكم وفق السياقات الدستورية والديمقراطية، يلبي للعراقيين مطلبهم في حكم رشيد يتجاوزون فيه العلل وثغرات التجربة الماضية».

وأبدى صالح، موافقته «كرئيسٍ للجمهورية على انتخاباتٍ مبكرة باعتمادِ قانونِ الانتخاباتِ الجديد والمفوضيةِ الجديدة للانتخابات، فشرعيةُ الحكمِ تأتي من الشعب، ولا بديل لذلك»، معلناً أن «رئيسُ الوزراء قد أبدى موافقتَه على تقديمِ استقالتِه طالباً من الكتلِ السياسيةِ التفاهمَ على بديلٍ مقبولٍ وذلك في ظلِّ الالتزامِ بالسياقاتِ الدستوريةِ والقانونيةِ وبما يمنعُ حدوثَ فراغٍ دستوري».

لافتاً إلى أن «الوضعَ القائم غير قابلٍ للاستمرار، نحن فعلاً بحاجةٍ إلى تغييراتٍ كبيرة لابدَّ من الإقدامِ عليها، لقد وضعتنا مطالبُ الشعبِ العراقي على المحكّ.. وفي الملماتِ والشدائدِ يظهر الصادقون والمخلصون ورجالُ الوطن الحقيقيون.

وأوضح الرئيس العراقي، أن «المسؤوليةَ تُلزمنا جميعاً بحمايةِ الوطنِ من العبثِ ومن سوءِ نوايا العابثين مثلما تلزُمنا بالتخلّصِ من الفسادِ والمفسدين، لذلك أدعوكم وأدعو أنفسَنا الى حمايةِ وطنِنا والحفاظِ على سلمية التظاهرات لكي نستطيعَ جميعاً تحقيقَ المطالبِ المشروعة والنهوضَ بالعراق معافى. مبدياً بذل قصارى جهده من «أجلِ تنفيذِ المطالبِ الحقّة».

وختم صالح حديثه بالقول، «لا فضلَ لأحدٍ بهذا الانصاف، إنه مسؤوليةٌ وأمانة، وإلا فلا خيرَ في موقعٍ مهما كان رفيعاً وكبيراً، إن لم يُنصف مظلوماً وينقذْ فقيراً من فقرِه ويحمي بلداً ويعزّ ابناءَه، العراق يستحق منا الكثير».

وتسببت الموجة الثانية من الاحتجاجات الشعبية المندلعة منذ 25 من تشرين الأول الجاري، بمقتل 239 شخصاً وإصابة ما لا يقل عن ثمانية آلاف آخرين بجروح متفاوتة.

تحرير- سيرالدين يوسف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.