بقعة “فيول” بطول 130 كم مصدرها سوريا.. دمشق تقلّل من خطرها وقبرص تحذّر من كارثة بيئية

بقعة “فيول” بطول 130 كم مصدرها سوريا.. دمشق تقلّل من خطرها وقبرص تحذّر من كارثة بيئية

أظهرت صور أقمار صناعية نشرتها الوكالة الإسبانية “Orbital EOS”، باستخدام منظومة مراقبة Sentinel-1″”، تبيّن أن كَمَيَّة التسرب النفطي في بانياس، أكبر مما كان متوقعًا، والتي تقدر بنحو 1000 كيلومتر مربع.

وقالت الوكالة (وكالة إسبانية للسلامة البحرية والإنقاذ) إنّ: «حجم البقعة النفطية المتسربة يشير إلى أنّها يمكن أن تغطي بسهولة شواطئ “أبوستولوس أندرياس”، “فاماجوستا”، “بروتاراس” في جزيرة قبرص التركيّة».

من جهته، أوضح موقع تتبع الناقلات “TankerTrakers” أن التسرّب على وشك تدمير كامل الساحل الشرقي لقبرص.

من أين بدأ الحادث؟

بتاريخ 24 أغسطس/آب 2021، قالت الحكومة السورية، إنّ: «حادثاً تسرب عرضياً وقع في خزان الوقود في محطة بانياس للطاقة الحرارية».

وفي اليوم التالي للحادث، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، أنّ البقعة وصلت إلى مدينة جبلة، على بعد حوالي 20 كيلومترًا إلى الشمال.

مضيفةً أنّ فِرقاً بدأت بتنظيف المناطق الصخرية بالساحل، باستخدام آلات الشفط والرمال، لامتصاص الوقود.

مدير المؤسسة العامة، “محمود رمضان”، صرح اليوم الثلاثاء، إنّ كَمَيَّة الفيول الذي سُرِّب من الخزانات إلى الأحواض الترابية المهترئة وصلت إلى 15900 طن، وأعيد منها 13000 طن إلى خزانات محطة “بانياس”.

بينما قال وزير الكهرباء السوري، “غسان الزامل”، لصحيفة “الوطن” المحلية، أمسِ الاثنين، إنّ «تقديرات الوزارة لكميات الفيول المتسربة هي ما بين طنين وأربعة أطنان، وزمن التسرب لم يتجاوز نصف ساعة، إذ تمت مباشرة التعامل مع الحالة من خلال إغلاق الفتحات المطرية في الحوض الترابي».

ووفقاً لتصريحات وزير الكهرباء، امتدت عمليات المسح حتى عمق 400 متر في البحر وحُددت المساحات التي طالتها مادة الفيول المتسربة، وتبين تركز المادة بشكل محاذٍ للشاطئ وعلى طول نحو 400 متر من المحطة وباتجاه بداية كورنيش “بانياس”.

الوزير السوري، أصر في تصريحاته على أنّه لا يمكن وصف ما حدث على أنه حالة تلوث بيئي، معتبراً أنّ استغلال الحادثة جرت من بعض وسائل التواصل الاجتماعي بشكل ملحوظ.

وأظهرت صور لعمليات تنظيف ساحل “بانياس” اعتماد العاملين على طرق يدوية، إذّ حاول العمّال تنظيف الشاطئ البحري من البقع النفطية باستخدام “الكريك” و”القفّة”، فيما باشر آخرون بتنظيف الشاطئ بخرطوم مياه، ويجمعون الفيول بأيديهم وينقلون المادة إلى أوعية معدنية (تنكة) وبلاستيكية.

وبعد الحادثة بثلاثة أيام، رفعت “الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية” (محروقات)، سعر مبيع طن الفيول إلى 620 ألف ليرة سورية، إثر حادثة التسريب، بعد أن كان 510 آلاف ليرة، بمعدل زيادة نحو 18.8%.

قبرص تناقض تصريحات دمشق

في غضون ذلك، أصدرت الحكومة القبرصية تحذيراً بشأن البقعة، بعد تلقيها صوراً حديثة من الأقمار الصناعية تظهر أن البقعة اتسعت في الحجم وتكاد تكون قريبة من منطقة “كيب أبوستولوس أندرياس”، الواقعة في “جمهورية شمال قبرص التركية”، وعلى بعد 130 كيلومترًا من بانياس.

وقالت إدارة صيد الأسماك والبحوث البحرية القبرصية، إنّ: «البقعة تبدو وكأنها لمعان نفطي وليس نفطاً خاماً، وتشير أشكال النماذج الكمبيوترية وبيانات الأرصاد الجوية إلى أنّ البقعة ستؤثر على المنطقة في غضون 24 ساعة».

وزير الزراعة والبيئة القبرصي، “كوستاس كاديس”، أعلن أنّ سلطات بلاده تراقب انتشار بقعة نفطية متسربة من السواحل السورية.

وكشف أنّ خُطَّة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالتلوث البحري من المنتجات النفطية، نشّطت فريق استجابة في مركز تنسيق “زينون” بمدينة “لارنكا” الواقعة على الساحل القبرصي.

ما الخطر الذي يشكّله التّسرُب؟

مع تضارب تصريحات المسؤولين في الحكومة السورية وقبرص التركية، تحدث (الحل نت)، مع أستاذ البيئة البحرية، “غسان ضيف الله”، والذي أوضح أنّه فور حدوث تسرُب نفطي، فإنّ أجزاءها تتبخر بنسبة 10% للنوع الثقيل، و70% من النوع الخفيف.

وكشف “ضيف الله”، أنّ التسريبات النفطية جميعها تؤدي إلى تلوث السواحل والشواطئ، أو المزارع والأراضي الزراعية في حال كان التسرب في المناطق البرية.

وما يزيد سُميّة المادة، هو امتصاص الماء لمستحلبات العناصر الثقيلة، مثل الرَّصاص والزئبق، ومع اختلاطه يصل إلى أعماق البحار ليسبب بذلك تلوثاً بيئياً للأحياء البحرية.

وبعد نحو أسبوع من حادثة التسرب النفطي، وإلى جانب التبريرات الرسمية التي تحدثت عن تصدع واهتراء في أحد خزانات فيول المحطة الحرارية، أعلنت الحكومة السورية عن تشكيل لجنة للتحقيق في الحادثة والوصول إلى الأسباب الحقيقية التي أدت إلى التسرب.

ويشترك في هذه اللجنة كل من شركات التوليد التابعة لوزارة الكهرباء والشركة السورية لنقل النفط وشركة مصفاة بانياس.

وتعدّ مادة الفيول التي تسربت، من أحد المشتقات النفطية الرئيسة وأثقلها، ويُستخدم لتدفئة المنازل، وكوقود للشاحنات والسفن، وبعض أنواع السيارات، ولتشغيل مولدات الكهرباء الاحتياطية في المكاتب، بالإضافة إلى محطات توليد الكهرباء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.