رغم تكبد تنظيم داعش خسائر كبيرة في الفترة الحالية في سوريا والعراق، إلا أن هذا لا يعني هزيمته النهائية.

فالتنظيم قابل للتنشيط طالما أن لديه العديد من الاستراتيجيات وخاصة وجود النسوة فيه، فهن قاومن بشكل دموي حتى وهن داخل مخيمات الاعتقال، فقبل اعتقالهن كانوا برتبة “قائدات كتائب” في التنظيم حيث عمليات القتل والتجنيد وتنفيذ عمليات إرهابية تعدى خطرهن سوريا والعراق إلى أوروبا وأميركا، ويعتقد أنه لا تزال غالبيتهن طليقات في الدول الغربية.

لماذا هن أخطر النساء؟

وفق ما ذكره المرصد السوري، فإنه في مخيم “الهول” في محافظة الحسكة، حتى الآن وصل عدد جرائم القتل على يد نساء “داعش” إلى أكثر من 154شخص، ويتخوف مدير المرصد، “رامي عبد الرحمن”، في تصريح سابق لوسائل الإعلام، من تحول المخيم إلى “قنبلة موقوتة مع ازدياد عمليات القتل والفوضى داخل المخيم.

كذلك، حذرت مجموعة منظمات دولية في مقدمتها الأمم المتحدة والمفوضية الأوربية، من خطر استمرار نساء داعش في المخيمات لفترة أطول، فيما حذرت تقارير أميركية حديثة من احتمال تحولهن إلى نسخة أكثر دموية من التنظيم الإرهابي، مستقبلا.

فيما ذكر في تقرير لموقع “صوت أميركا”، أن هؤلاء النسوة يفرضن قوانين تنظيم “داعش” في المخيم، حيث يحكمن على النساء اللواتي يخالفن تلك القوانين بالقتل، فيما تؤكد نساء من المخيم أن معظم حالات القتل في المخيم تجري على يد “الحسبة”، وهي شرطة دينية أنشأها التنظيم الإرهابي إبان سيطرته على مناطق في سوريا والعراق.

ويقول الصحفي المصري، كريم شفيق المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، ” أن وجود نساء في تنظيم إرهابي، حالة ذات راهنية خاصة، حيث تحتاج إلى أكثر من دراسات وأبحاث، نظرية وتحليلية، بهدف فهم الشروط المؤسسة لحدوثها وتفاقمها؛ إذ تعكس الفتيات والنساء اللواتي ذهبن إلى تنظيم داعش الإرهابي تفاوتات شديدة ومعقدة، سواء من حيث الأعمار أو الجنسيات، والخلفيات الاجتماعية والثقافية وحتى في الانتماء الطبقي.

ويلفت شفيق خلال حديثه لـ “الحل نت”، كذلك البيئات الحاضنة لهن، ناهيك عما تعرضن له من أفعال وسلوكيات أو صدمات، شكلت وعيهن داخل الأسرة أو المجتمع، بينما وضعت عائقاً أمام مسعاهن الوجودي في الحياة، ربما يعد هذا مؤشرا يدل على مدى خطورة نساء داعش.

وتقدر أعداد المتواجدين داخل مخيم “الهول” بنحو 30972 عراقيا، و11136 امرأة وطفلا أجنبيا من حوالي 60 دولة أخرى في مخيمات شمال شرقي سوريا، ضمن أقسام شديدة الحراسة من قبل قوات سوريا الديمقراطية.

ورغم هزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي إلا أن النساء قامت بتنشئة جيل جديد من دولة الخلافة على حساب الأطفال، وقد برز ذلك بشدة عبر عدة تقارير مصورة، حين كانت تؤكد على إعادة إحياء التنظيم والأمر ذاته مع أطفالهن كانوا يتوعدون كل من يخالف الشريعة الإسلامية.

وحسب الاستخبارات الألمانية، فإن تحركات نساء داخل أوروبا وخاصة ألمانيا، نجحن في تجنيد أوروبيين. وأوردت بيانات مجموعة “غلوبسك” للأبحاث (سلوفاكيا)، حيث أن قرابة  13 بالمئة من مقاتلي داعش الأجانب في سوريا والعراق من النساء.

قوة وبقاء داعش مرتبط بنسوة التنظيم؟

وكشفت التحقيقات أن المواطنة أليسون فلوك-إكرن (42 عاما) دربت نساء وأطفالاً على استخدام بنادق إيه كيه 47 والقنابل اليدوية وأحزمة ناسفة، فضلاً عن قيادة كتيبة “نسيبة” النسائية، حسب وسائل إعلام غربية.

ووفقا لأحد الشهود، فإن “إكرن” خططت وجندت عناصر لقيادة هجوم على جامعة بالولايات المتحدة، والتخطيط لهجوم بتفجير سيارة في مرآب سيارات تحت الأرض بمركز تسوق، وعلى أثر ذلك قررت السلطات احتجازها ومحاكمتها لاحقا.

وكانت تعيش فلوك إكرن في كانساس، وسافرت إلى ليبيا 2011، ولا أحد يعرف كيف تأثرت بفكر التنظيم وقررت الانضمام إليهم، التي قامت بالسفر فيما بعد إلى سوريا مع زوجها القناص في “داعش” قبل قتله في غارة، لتتزوج آخر من عناصر التنظيم وهو متخصصا في الطائرات المُسيرة قتل أيضاً في 2017، ومن ثم استقرت في الرقة بعد زواجها من مسؤول بالتنظيم قبل إعادتها لبلادها للمحاكمة، أي مما كسبها خبرات ومهارات كبيرة خلال تواجدها في التنظيم، وربما قد هي دربت العديد من النسوة على هذه الخبرات.

وبالعودة إلى الصحفي المصري، فإن اصطفاف المرأة وبروزها الجهادي في الحالة الداعشية حدثاً ملفتاً واستثنائياً، منذ عمد قادة التنظيم إلى تجنيد فتيات في لواء “الخنساء”، أحد ألوية التنظيم، المسؤول عن فرض تطبيق الشريعة الإسلامية وعدم مخالفته، وممارسة النساء القوة والقمع ضد المخالفات لأفكارهن، ما فرض أدواراً مغايرة للمرأة في الحالة الجهادية.

ويردف الصحفي المتخصص في الجماعات الإسلامية، أن انضمام المرأة للتنظيم جعلتها تضطلع بمسؤوليات أوسع داخل الأجندة الأيدولوجية والعملياتية للتنظيم، كما وضعتها في بؤرة النشاط الذي كان في السابق خافتاً وهامشياً، مثلما كان الحال مع تنظيم القاعدة، مثلا، ومن ثم، قام التنظيم بتوظيف المرأة الحربي في الجهاد، بصورة تقطع مع ما سبقه من تنظيمات إسلاموية متطرفة.

وأن أهم أسباب لجوء “داعش” لضم النساء إلى صفوفه، كونهن قادرات أكثر في تنفيذ عمليات التنظيم الإرهابية وخاصة في المدن، حيث لهن قدرة كبيرة على التهرب من إجراءات التفتيش والكشف الأمني، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، وأشارت الصحيفة أنهن يمتلكن حس الدعاية وجذب المستهدفين لأفكار التنظيم، فعادة النسوة يملكن أسلوب أسلس وهن أسهل للوقوع في اعتناق فكر الدولة الإسلامية.

وبحسب خبراء، طالما نشاط نساء داعش مستمر فإن الخطر قائم على أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، وخاصة أنهن يتحركن في عدة دول، فحين هجم خلايا التنظيم مؤخراً على سجن غويران/ الصناعة بالحسكة في سوريا، فإن أقسام عدة داخل مخيم الهول، احتفلن في اليوم الثاني صباحا بما أقدم عليه التنظيم من عجمات على “قسد” ومحاولة فك أسر رفاقهم الإرهابيين، لذا هؤلاء النساء كيف عرفوا بهجمة التنظيم بهذه السرعة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.