شكل جديد من الهيمنة الإيرانية على سوريا، أشارت إليه طهران، فيما يبدو أنها مرحلة جديدة من النفوذ الإيراني بسوريا. مسؤولون إيرانيون، ادعوا بشكل دائم أن العلاقات الإيرانية- السورية، علاقات استراتيجية، ومستمرة بالتطور في جميع المستويات، وأن إيران مستعدة لنقل خبرتها الطويلة في مواجهة العقوبات إلى سوريا، وفق السفير الإيراني في دمشق، مهدي سبحاني.

وقال سبحاني، في حديث لقناة العالم الإيرانية، إن العلاقات بين البلدين على مستوى عال وممتاز، ويمكن القول أن البلدين طالما دعم أحدهما الآخر في مختلف المحافل السياسية، مؤكدا على تصميم بلاده ألا تقتصر العلاقات بين البلدين على المستوى السياسي والاستراتيجي والعسكري فقط، إنما ستشمل القطاعات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية، على طريق التمدد الواسع لإيران، والذي يعتبر تأكيدا للدور الخبيث والسلبي للجانب الإيراني.

ماذا وراء عرض إيران على سوريا نقل خبرتها إليها؟ ما الذي تخطط له إيران؟

سبحاني أكد خلال لقائه، أن بلاده ستبذل كل ما لديها لمساعدة سوريا، بما في ذلك المجال الاقتصادي، مشيرا إلى ان  إيران مصممة على تحقيق إنجازات مهمة في فترة ما بعد الحرب، كتلك التي حققتها في أثناء فترة الحرب والمواجهة العسكرية، وفق قوله.

ولكن، للباحث في الشأن الإيراني، وجدان عبد الرحمن، رأي آخر، في حديثه لموقع “الحل نت”، حيث اعتبر أن إيران، منزعجة من التقارب لبعض الدول العربية مع دمشق، وتخشى أن تجد نفسها قد خسرت الكثير فيما يتعلق باقتسام كعكة إعادة الإعمار في سوريا، لذلك تسعى من خلال هذا العرض إلى محاولة الهيمنة قدر المستطاع على الاقتصاد السوري.

أما سبحاني، في حديثه لقناة “العالم”، تحدث عن إنجازات، حققتها المعارض والوفود الإيرانية التي زارت سوريا، حيث أوضح أن 164 شركة إيرانية شاركت في المعرض الإيراني التخصصي الذي أقيم مؤخرا في سوريا، مشيرا إلى أن هدف إيران من المعرض أن يطلع التاجر والمستثمر الإيراني على الوضع في سوريا، وأن يتأكد بأن الأمور باتت على ما يرام.

الباحث في الشأن الإيراني، محمد خيري، رأى خلال حديثه لموقع “الحل نت”، أن إيران مبدئيا بهذا العرض ترغب إيران في توطيد علاقاتها مع الحكومة السورية، من عدة نواحي وأبرزها تعزيز التموضع العسكري الإيراني في سوريا خاصة بعد خسائر إيران وميليشياتها في سوريا إزاء الضربات العسكرية التي طالت تمركزات “الحرس الثوري” في بعض المناطق السورية.

وأضاف خيري، أن إيران لها خبرة تاريخية في مسألة الالتفاف على العقوبات من ناحية أنها خضعت لعقوبات منذ نجاح الثورة الإيرانية من الولايات المتحدة الأمريكية، ثم العقوبات التي سبقت توقيع اتفاق 2015، ثم عقوبات الضغوط القصوى بعد الانسحاب الأمريكي من “الاتفاق النووي”، وبالتالي فهي تعي جيدا طرق الالتفاف على العقوبات الدولية من أجل تجنب تجويع شعبها، وبالتالي العرض الإيراني لسوريا قد يساهم في تخفيف وطأة العقوبات المتعلقة بقانون “قيصر” وكذلك العقوبات الأوروبية.

إقرأ: هل يتبع الأسد الأسلوب “الكوري الشمالي” الفاشل لانتشال البلاد؟

هل نجحت إيران بمواجهة العقوبات المفروضة عليها حتى تنقل تجربتها لسوريا؟

تحاول إيران التي تعاني من العديد من المشاكل الاقتصادية، كالتضخم المالي الكبير، وارتفاع الأسعار، وانخفاض سعر العملة المحلية، أن تهرب من ذلك من خلال إيجاد سوق جديدة لها لتصريف منتجاتها غير النفطية من جهة، ونقل الكثير من الشركات الإيرانية للعمل في سورية، لتجعل من سوريا موردا اقتصاديا لها.

ويرى وجدان عبد الرحمن، أن إيران لو نجحت بمواجهة العقوبات المفروضة عليها، لما كان الحال كما هو عليه الآن بالنسبة للمواطنين الإيرانيين، الذين يعانون من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية، ولما شهدت إيران خلال الأعوام الأخيرة احتجاجات شارك فيها جهات محسوبة على الحكومة، كالقضاة، والجيش والممرضين ومختلف القطاعات الحكومية، والشعبية، بالإضافة لإفلاس العديد من الشركات الإيرانية.

أما خيري، فيرى، أن نجاح إيران في مواجهة العقوبات المفروضة عليها، مسألة مشكوك فيها، خاصة وان العقوبات الاقتصادية تسببت في أزمة اقتصادية كبيرة، وانهارت العملة المحلية الإيرانية، “هناك تظاهرات تخرج من وقت لآخر تنادي بتحسين الأوضاع وصرف الرواتب والمعاشات المتأخرة، وبالتالي لا يمكن أن نقول بأن التفاف إيران على عقوبات أمريكا نجحت بنسبة 100 بالمئة”.

لذلك يرى كل من عبدالرحمن، وخيري، أن نقل هذه التجربة الإيرانية، في مواجهة العقوبات المفروضة على سوريا، من الممكن ان تخفف تبعات بعض العقوبات بطرق الالتفاف عليها، لكنها لن تحل المشكلة بشكل كامل، كما ان إيران هي المستفيد بالدرجة الأولى من هذه العلاقة وهذا العرض، والمواطنون السوريون لن يشعروا بتحسن في الأوضاع الاقتصادية إلا بنحو لا يكاد يذكر.

قد يهمك: قرار حكومي جديد يدعم نفوذ إيران في الاقتصاد السوري

وسبق أن قدمت كوريا الشمالية، في وقت سابق من الشهر الحالي، على لسان سفيرها في دمشق، مون جونغ نام، نصيحة لوزارة التجارة الداخلية السورية، حول تجربة بلاده في تجاوز الحصار عليها وترقية معيشة أبنائها. وسط إشادة سورية رسمية بالتجربة الكورية الشمالية، في تجاوز الحصار المفروض عليها، وترقية معيشة الشعب الكوري في ظل الضغوطات.

إقرأ: تدهور اقتصادي جديد في إيران.. أزمة الأسعار ليست المشكلة الوحيدة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.