“هيئة تحرير الشام”: سعي حثيث للسيطرة التامة على إدلب

“هيئة تحرير الشام”: سعي حثيث للسيطرة التامة على إدلب

تعتقد “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا) أن الظروف باتت متاحة لها أكثر من ذي قبل لكي توسع نطاق سيطرتها داخل الساحة الجهادية في مناطق شمال غرب سوريا، وتروج لفكرة تغيير جلدها، فتستغل حادثة تصفية زعيم تنظيم “داعش” والذي يكنى بـ أبو إبراهيم القرشي، فترفع من وتيرة استهدافها لجماعة “حراس الدين” الجناح الأكثر تشددا منها التابع حتى الآن لتنظيم “قاعدة الجهاد”.

حيث تواصل “هيئة تحرير الشام” (جبهة “النصرة” سابقاً)، عبر “جهاز الأمن العام” (الذراع الأمنية للهيئة في إدلب)، ملاحقة قادة تنظيم “حراس الدين” المتشدد، والمُتهم بمبايعة “تنظيم القاعدة” في منطقة إدلب.

ادعاء تغيير جلد “تحرير الشام”

رغم اعتقال غالبية قادة الصف الأول في “حراس الدين”، إلا أن الهيئة مستمرة في حملتها الأمنية على الصعيد الإعلامي أقله، من أجل الاستمرار بتلميع صورتها في الإعلام وبالتالي أمام الدول الغربية.

“الجولاني” متزعم “تحرير الشام” يحاول منذ قرابة الـ3 أعوام وبالتحديد منذ هزيمة الباغوز (ريف دير الزور السورية) للزعيم المقتول لتنظيم “داعش” (أبو بكر البغدادي) تلميع صورة تنظيمه الذي انفصل عن “القاعدة”. فالجولاني بمواصلته لملاحقة قياديي “حراس الدين” وما يتصل بهم، يبغي توجيه رسائله إلى الغرب، أملا بتغيير صورته أمام المجتمع الدولي، وإتاحة المجال له للقيام بأنشطة مشابهة قد تساهم في رفع اسم تنظيمه عن قائمة الإرهاب الدولي، بحسب حديث الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد زغلول، لـ”الحل نت”.

الجولاني بات يشيع ادعاءه بانتهاء مفهوم “الجهاد العابر للحدود” وفك الارتباط مع “القاعدة”، وفي أواخر عام 2019 اعتبر الجولاني في كلمة بعنوان “حرب تحرر واستقلال” أن “الانتصار ضد النظام السوري قد تحقق وأن القتال في سوريا دخل مرحلة جديدة هى مرحلة مقاومة الاحتلالين الروسي والإيراني”، كما أعقب هذا الظهور حوار له مع “مجموعة الأزمات الدولية” في شباط/فبراير 2020، حيث أكد في المقابلة تخليه عن طموحاته الجهادية العابرة للحدود وأنه يركز فقط على حكم المنطقة الواقعة تحت سيطرته بالفعل. كما بث التنظيم رسالة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2020 مفادها الدعوة لإعادة تشكيل المستويات العسكرية للتنظيم لتدل على بدء “الهيئة” في إشاعة تصوره حول انتهاء النسق والمسار الجهادي للتنظيم والتحول لقوة مسلحة محلية معارضة.

في الـ27 من شباط/فبراير عام 2018 تشكلت نواة “حراس الدين” من عناصر “القاعدة” الذين عارضوا فكرة ابتعاد “هيئة تحرير الشام” عن أيديولوجية وفكر “القاعدة”، وذلك بعد اتخاذ الهيئة خطوات براغماتية بالامتثال للاتفاقات الموقعة في إطار عملية “أستانا”، إذ انشق هؤلاء العناصر عن “تحرير الشام”. وقد رأت عناصر الأخيرة في تنظيم “حراس الدين” تهديدا، وسعت إلى القضاء عليه، منذ بدء تأسيسه، بسبب امتلاكه قدرة على تعبئة وتجنيد مقاتلي “تحرير الشام”. ورغم حدوث العديد من الاشتباكات بين الطرفين، فإنها انتهت بوقف إطلاق النار في نهاية الأمر، بعد المعركة الكبيرة التي دارت بين الطرفين، في 3 حزيران/ يونيو 2020، لتعاود الهيئة التصعيد وتلاحق قيادات وأعضاء الحراس لاحقا.

استمرار ملاحقة “حراس الدين”

وفق تقارير صحفية فإن “جهاز الأمن العام” التابع للهيئة اعتقل مؤخرا، القيادي صدام أبو عدي، مسؤول الدراسات في “هيئة تحرير الشام”، الكائن في بلدة حربنوش القريبة من مدينة معرة مصرين، مع ثلاثة من أشقائه، بالإضافة لثلاثة أشخاص آخرين كانوا يتواجدون معه في المنزل، واقتادتهم إلى سجونها في مدينة إدلب”.

كذلك فإن “هيئة تحرير الشام” اعتقلت 17 قياديا من قادة الصفين الأول والثاني في تنظيم “حراس الدين” منذ تشرين الأول/أكتوبر عام 2020، أبرزهم شقران الأردني، وهو الرجل الثاني في التنظيم بعد “أبو همام الأردني”، القائد العام، و”أبو عبد الرحمن المكي”، الشرعي العام في التنظيم، و”أبو ذر المصري”، الذي نُصّب شرعي التنظيم خلفا للمكي، و”أبو هريرة المصري” نجل “أبو ذر المصري”، الأمني العام للتنظيم، و”أبو عبدالله السوري”، الإداري العام في التنظيم، وهو نجل “أبو فراس السوري” المتحدث السابق باسم “جبهة النصرة”، والذي قُتل بغارة للتحالف الدولي في نيسان/أبريل عام 2016 على أطراف مدينة إدلب.

تحاول “تحرير الشام” تقديم نفسها كـ”حركة محلية لا صلة لها بالأجانب”، وبالتالي تسعى للتخلص من هذا الملف بطريقة أو بأخرى، لذا فإنها تسعى إلى مخاطبة الأوروبيين والأميركيين.

جماعة “الجولاني” تريد أن تسيطر تماما على التنظيمات الجهادية الأخرى، وعملت سابقا على تخييرها ما بين التفكيك أو الانضمام، “لقد خلقت مساحة واسعة خلال السنوات الماضية ما بين تحرير الشام وباقي التنظيمات الجهادية في إدلب”، وفق زغلول.

وتابع بأن “تحرك تحرير الشام إلى تصفية باقي التنظيمات الجهادية في الشمال السوري جاء قبلها تجفيف الموارد المالية عنها، وكان ذلك جليا تجاه تنظيم حراس الدين”.

في الأعوام الأربعة الماضية، حصل تباعد بين “هيئة تحرير الشام” وتنظيم “القاعدة”، وذهب كل منهما في سبيله إيديولوجيا واستراتيجيا وتنظيميا. ففي نيسان/أبريل 2013، وخوفا من نزعة الهيمنة لدى تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، أصبحت “جبهة النصرة” التي تحولت لاحقا إلى “هيئة تحرير الشام”، الفرع الرسمي لتنظيم “القاعدة” في سوريا. لكن في تموز/يوليو 2016، وعلى إثر التدخل العسكري الروسي، غيّر “الجولاني”، زعيم “جبهة النصرة”، اسم التنظيم إلى “جبهة فتح الشام” وأعلن أنه لن يعود فرعا لتنظيم “القاعدة”، بحسب مركز “كارنيغي” لدراسات الشرق الأوسط.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.