تهيمن الأوضاع الميدانية المتصاعدة في أوكرانيا على السياسة الدولية، خاصة مع بدء الهجوم الروسي فجر اليوم الخميس على أوكرانيا، واحتمالية زيادة التصعيد خلال الأيام القادمة، ما سيترك العديد من الانعكاسات السلبية على الكثير من الملفات الدولية العالقة، ومن بينها الملف السياسي السوري.

وأعرب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، عن قلقه في أن يؤثر الصراع حول أوكرانيا سلبا على حل الأزمة السورية، مضيفا خلال لقائه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه قلق من هذا الصراع، ولكنه يأمل ألا يكون للصراع حول أوكرانيا أثر سلبي على سوريا، حسب وكالة “سبوتنيك الروسية”.

ما المتوقع في الملف السوري؟

أشار بيدرسن خلال لقائه ب”لافروف”، إلى أنه من المقرر عقد جولة جديدة (سابعة) للجنة الدستورية السورية في 21 آذار/ مارس المقبل في جنيف.

ويخشى مراقبون أن يكون هناك تأثير للصراع الروسي – الأوكراني على هذه الجولة، ومسار اللجنة الدستورية بشكل كامل، على الرغم أن اجتماعات اللجنة الدستورية لم ينتج عنها أي حلول حتى الآن، إذ أن الأمور مرشحة للتصعيد في العلاقات بين روسيا والغرب من جهة، وحتى بين روسيا وبعض حلفائها في المنطقة من جهة أخرى.

ويرى الصحفي عقيل حسين، خلال حديثه لموقع “الحل نت”، أن اجتماعات اللجنة الدستورية لم تحمل أي جديد في أي جولة من جولاتها الـ6 الماضية، كما أنه لا يوجد من يعول على هذا المسار الذي تريده كل الدول المتدخلة في الملف السوري، من أجل تمرير الوقت الذي يحكم تعاطيها مع هذا الملف بشكل سلبي.

وأضاف حسين، أن تفجر الحدث الأوكراني، قد يؤدي إلى تحول حقيقي في مفاوضات اللجنة الدستورية، وربما يكون ذلك نحو الإلغاء الكامل لها، إلا إذا استمرت تركيا بالحفاظ على المستوى الحالي مع علاقاتها بروسيا، وبالتالي استمرار مسار اللجنة الدستورية، شكلا ودون أي مضمون.

إقرأ:ما تأثير الأزمة الأوكرانية على الغارات الإسرائيلية على سوريا؟

ما أثر ذلك على الحل في سوريا؟

من المؤكد أن تفجّر الأزمة الأوكرانية، على النحو الذي حدث فجر الخميس، سيؤدي إلى أزمة كبيرة في العلاقات بين روسيا والغرب، هذه الأزمة كانت بدأت بالظهور قبل انطلاق الهجوم العسكري الروسي ضد أوكرانيا.

ولقد عبّرت الدول الأوروبية الرئيسية عن مواقف حازمة تجاه التصعيد الروسي خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، بما فيها بريطانيا وألمانيا، والتي استجابت للطلب الأميريكي وأعلنت وقف خط الغاز “نورد ستريم 2″، بالإضافة إلى البدء بفرض عقوبات غير مسبوقة في تاريخ العلاقة بين الطرفين، من المرجح أن تتصاعد في الأيام القادمة.

ويرى عقيل حسين، أن التدهور في العلاقات الروسية الغربية نتيجة الأزمة الأوكرانية، سينعكس على التفاهمات الروسية الغربية في سوريا بكل تأكيد، لكن هذه الانعكاسات لن تكون مباشرة، ولن تحدث على الفور، بل سيعمد الطرفان إلى تأجيل اللعب بالورقة السورية إلى الوقت الذي يراه مناسبا، وفق تعبيره.مع التنويه إلى أنه ليس لدى الولايات المتحدة وأوروبا ما تخسره في سوريا على عكس الروس، لكن بالنتيجة سيؤثر على الحل في سوريا لكن ربما يكون التأثير إيجابيا، بمعنى قد يؤدي إلى عودة غربية أكبر للملف السوري تفرض على روسيا واقعا جديدا، بحسب حسين.

قد يهمك:هل يمتد توتر الأزمة الأوكرانية إلى سوريا؟

هل ما يجري من صراع في أوكرانيا يصب في مصلحة دمشق؟

يقول حسين، لموقع “الحل نت”، تلعب دمشق دائما على عامل الوقت واستفادت جدا من عنصر الزمن في معركة البقاء التي خاضتها، وهذا طبيعي لأن حسابات السلطة تختلف عن حسابات الشعوب، فالسلطة ليس لديها ما تخسره، وذلك خلال السنوات الماضية.

ولكن يرى حسين، أن الوضع اليوم مختلف، خاصة إذا ما تعثرت روسيا في أوكرانيا فإن هذا سيشجع السوريين في مناطق سيطرة دمشق على زيادة وتيرة احتجاجاتهم بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، وسيؤدي إلى تفجر الأوضاع لأن السوريين في هذه المناطق يدركون أن روسيا هي من تحمي دمشق، وبالتالي فإن هذا الحكومة السورية هي المتوترة اليوم وعامل الزمن يلعب ضدها هذه المرة.

إقرأ:بدأت الحرب.. بعد أشهر من التوترات روسيا تغزو أوكرانيا

لم يتضح بعد مدى التصعيد الذي من الممكن أن يحدث خلال الأيام القادمة، لكن روسيا لم تدخل في هذا الصراع لتنسحب منه بسهولة وسرعة، ودون تحقيق الحد الأدنى من الأهداف التي تسعى خلفها، وأهمها تفاهمات جديدة مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة، فيما يبدو أنها مرحلة جديدة من رسم خارطة جديدة قرب حدود الناتو، وستكون نتائج هذا الصراع هي التي ستحدد مدى انعكاساته سلبا أو إيجابا على الملف السوري برمته.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.