في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا، تتواصل الجهود، لإجراء محادثات بين الأطراف المعنية بالملف السوري في واشنطن يوم غد، الخميس، من أجل البحث عن خيارات التوصل إلى تفاهم سياسي ينهي الاستعصاء الحاصل بسوريا، في ظل تعنت روسي وتمسك بالملف السوري بغية تحقيق مصالح موسكو الاستراتيجية في المنطقة بالانطلاق من سوريا.

أهمية الاجتماع على الملف السوري؟

بحسب صحيفة “الشرق الأوسط“، فإنه من المقرر أن يستضيف مسؤول الملف السوري في الخارجية الأميركية إيثان غولدريش، مبعوثي عدد من الدول الأوروبية والعربية والاتحاد الأوروبي، إلى اجتماع تنسيقي في واشنطن الخميس، حيث يبدأ بتقديم المبعوث الأممي غير بيدرسن إيجازا سياسيا، على أن يقوم المبعوثون لاحقا بعقد جلسة تشاورية لـ “ضبط الإيقاع” وبحث الوضع الميداني في سوريا ومواقف الدول العربية “التطبيعية” وتأثيرات الحرب الأوكرانية على كل ذلك.

وبحسب المعلومات نقلا عن صحيفة “الشرق الأوسط”، فإن بيدرسن سيقدم عرضا سياسيا للأوضاع السورية، وسيؤكد نيته المضي قدما في رعاية اجتماع اللجنة الدستورية في جنيف، بدءا من 21 آذار/مارس الحالي، بمشاركة وفدي الحكومة و”هيئة التفاوض” المعارضة والمجتمع المدني.

وضمن هذا السياق، وحول مدى أهمية هذا الاجتماع، يقول المحامي حسن الحريري، وهو عضو في اللجنة الدستورية، إن “هذا الاجتماع مهم وعلى مستويين، الأول كونه يتزامن مع الحرب التي شنتها القوات الروسية على أوكرانيا”، وأما على صعيد المستوى الآخر، توقع عضو اللجنة الدستورية خلال حديثه لـ “الحل نت”، أن يكون لهذه المحادثات “نتائج إيجابية” فيما يتعلق بالصراع السوري.

وأشار في حديثه، إلى أن “التدخل الروسي في النزاع في سوريا، كان له أثر سلبي على مطالب المعارضة السورية”، وفق قوله.

قد يهمك: مسودة دستور سوري في آذار.. ما حقيقة ذلك؟

تبعات الاجتماع على الملف السوري

المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، قال منتصف الشهر الفائت، إنه يأمل في انعقاد الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في شهر آذار/مارس، وأضاف بيدرسن في تصريحات للصحافيين بعد اللقاء الذي جمعه ووزير الخارجية السورية، فيصل المقداد، أنه كان لدينا لقاء طويل ناقشنا خلاله كافة الجوانب المتعلقة بالأزمة السورية، بالإضافة إلى التركيز على الحاجة لجهة إنجاز تقدم في ما يتعلق بمسار اللجنة الدستورية.

أما سياسة “خطوة مقابل خطوة” التي يتبناها بيدرسن، فهي تتلخص في أن تُقدم الدول الغربية على رفع أو تخفيف بعض العقوبات عن حكومة دمشق، مقابل دفع موسكو؛ دمشق لتنازلات من شأنها أن تحرز تقدما في مسار عملية الحل السياسي، بالإضافة إلى إجراءات بناء ثقة متبادلة تخص وقف النار وتبادل الأسرى والمساعدات الإنسانية والعقوبات، ووصولا لتنفيذ القرار 2254.

لكن يبدو وبعد الحرب الأوكرانية والانقسام الغربي-الروسي، أنه قد تطرح أسئلة حول مدى واقعية المضي قدما في سياسة “خطوة بخطوة” حاليا، وفق مراقبين.

الأكاديمي والباحث السياسي، ياسر نجار، يرى بأن “هذا الاجتماع يهيئ الظروف المناسبة نوعا ما، لتنشيط العمل السياسي في الملف السوري، ويخلق فرصة لإعادة إبراز أهميته على أجندات الدول الأخرى”.

وأضاف نجار، خلال حديثه لـ “الحل نت”، أنه “رغم الغزو الروسي لأوكرانيا، فقد قصف مواقع مدنية بين الحين والآخر في شمال سوريا”.

ورجح نجار، إلى أن التصعيد الروسي في أوكرانيا قد يضع روسيا أمام عوائق تؤدي إلى عدم الاستمرارية بالطريقة والقوة نفسها في سوريا.

وبحسب تقارير إعلامية، فإنه وفي القسم الثاني من اجتماع يوم غد، الخميس، يتناول المبعوثين الغربيون التطورات السورية الأخرى، بينها الوضع الإنساني والعسكري والاقتصادي. وحسب مسؤول غربي، فإن الحرب الأوكرانية أظهرت مدى اعتماد روسيا عسكريا على قاعدة “حميميم” السورية في استراتيجيتها بالعالم.

ويطرح المسؤول الغربي تساؤلات، حول هذه المحادثات، “في حال تحولت حرب أوكرانيا إلى استنزاف، هل تستطيع روسيا الاستمرار في انخراطها ذاته في سوريا؟ ما مستقبل التنسيق العسكري بين روسيا وإسرائيل في سوريا؟ ما مستقبل اتفاق منع الصدام بين روسيا وأميركا شرقي سوريا؟”.

وأن التصعيد الروسي-الغربي في أوكرانيا لم يعكس توترا ميدانيا شرقي سوريا حتى الآن، حسب المسؤول الغربي، الذي يطرح المزيد من الأسئلة: “هل نشهد في المرحلة المقبلة قيام إيران بملء الفراغ العسكري الذي يمكن أن تتركه روسيا في سوريا؟ هل يمكن أن تقوم طهران بتقديم مساعدات اقتصادية إضافية إلى سوريا بسبب انشغال روسيا وإمكانية المكاسب الاقتصادية في حال توقيع الاتفاق النووي بين طهران والغرب؟ هل هذا أحد أسباب زيارة مدير الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك إلى طهران حاليا؟”.

“شهر المحاسبة”

في غضون ذلك، نشرت السفارة الأميركية في دمشق، اليوم الأربعاء، تغريدة عبر حسابها الرسمي على منصة “تويتر” أعلنت فيها، بأن شهر آذار/مارس الجاري سيكون “شهر المحاسبة”، مشيرة إلى أن الإفلات من العقاب “سينتهي” في سوريا.

وذكرت السفارة أن الرئيس السوري الحالي، بشار الأسد، قد ارتكب على مدى الـ11 عاما الماضية جرائم عديدة ضد السوريين، من تعذيب واعتقالات، وأوضحت السفارة أيضا، “أنها ستسلط الضوء على كيفية قيام السوريين والمجتمع الدولي بمتابعة المساءلة عن هذه الجرائم”.

فيما كانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، أصدرت في كانون الثاني/يناير الفائت، تقريرها السنوي الـ11 على التوالي، والذي عرض بشكل مفصل وشامل ممارسات انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا خلال عام 2021.

وبحسب تقرير الشبكة الحقوقية، الذي حمل عنوان “انهيار الدولة وتفتيت المجتمع”، فقد قتل 1271 مدنيا بينهم 299 طفلا، و104 ضحايا بسبب التعذيب، و2218 حالة اعتقال تعسفي، بالإضافة إلى حوالي 86 ألف نازح قسريا.

وأضاف التقرير الحقوقي، بأن هناك تراجعا في حجم بعض الانتهاكات من حيث العدد، إلا أن الشعب السوري في جميع المناطق ما زال يتعرض لانتهاكات تعتبر في كثير منها الأسوأ في العالم، كما أن أثر الانتهاكات لا يقاس مجردا في هذا العام بمعزل عن تراكم فظيع لعشر سنوات ماضية استمرت فيها عمليات ارتكاب الانتهاكات.

قد يهمك: فرنسا تدعو إلى صفقة سياسية في سوريا.. ما مضمونها؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.