تشير التحركات الإيرانية ولا سيما أنها تتزامن مع اندلاع الصراع الأوكراني، والتقدم الذي يتم إحرازه في المفاوضات النووية، إلى أن أنشطة إيران السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية بدأت بالتصاعد منذ بداية 2022 بالتنسيق مع الحكومة السورية.

وفي حال توقيع الاتفاق النووي مع الغرب، لن تفوّت إيران هذه الفرصة، إذ من المتوقع أن يتضاءل اهتمام روسيا بالأزمة السورية، بينما ستستغل إيران حاجة البلاد للمساعدة والدعم، لتوسيع نفوذها وبسط نفوذها في مجالات عديدة.

استكمال المشروع

يقول الباحث في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان، لـ”الحل نت”، إن إيران لديها مشروع وهذا المشروع مستقر ومحدد الأهداف ومتعدد وقوي الأدوات. “ما يحصل الآن من الهجوم الروسي على أوكرانيا والانشغال الإقليمي والدولي وتأثيراته، يترك فرص كثيرة جدا أمام إيران ولن تتردد في استغلالها”.

https://twitter.com/admalraqi1/status/1498688593790971909?s=20&t=CE5XutakA7F9EOjJIW_dIA

وبيّن علوان، أن إيران أعلنت موقفا من الحرب على أوكرانيا لا ينسجم مع روسيا. بالتالي واضح أن هناك غزل إيراني للغرب، وأن الاتفاق النووي بين إيران والغرب يبدو أنه تقدم أشواطا كثيرة. وفق تعبيره، وأضاف “أمام إيران فرصة كبيرة لتوسيع نفوذها الميداني والأمني والعسكري والاقتصادي في سوريا، مع الانسحاب الجزئي الذي بدأت روسيا تقوم به من سوريا”.

كما كشف علوان، أنه ربما يتطور إلى شكل أكبر يعطي فرصة أوسع لإيران. وبنظر الباحث، فإن الانشغال الروسي والملف النووي والانشغال الإقليمي والدولي، كل هذه العوامل اجتمعت لتعطي فرصة لإيران، وتتوافق هذه الفرصة مع رغبة الحكومة السورية التي كانت تتماشى بشكل كبير جدا مع الضغوطات الروسية، وتراها ليست في صالحها.

ويضيف علوان، أن “الآن يلجأ النظام بشكل كامل إلى الحضن الإيراني، الذي يضمن بقاء النظام بنفس العقلية الأمنية الحالية التي هو عليها”.

للقراءة أو الاستماع: “فضيحة في طهران”.. 100 مسؤول إيراني يقعون بشباك جاسوسة إسرائيلية

التحرك بعيدا عن روسيا

من جهته، لا يستبعد المحلل في الشأن الروسي، ديمتري بريجع، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الإيرانيين بسبب مواقف الروس، وبسبب العملية العسكرية التي تحدث في أوكرانيا، يمكن أن يغيروا موقفهم. ويحاولوا زيادة نفوذهم في منطقة الشرق الأوسط، ويمكن أن يحدث هذا الشيء في المستقبل القريب.

وربط بريجع، ازداد النفوذ الإيراني بشكل عام في سوريا، بكيفية محاولة روسيا تهديد الغرب وأخذ موقفا أكثر صارمة تجاه أوكرانيا. فضلا عن تغذية الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للقادة الإيرانيين باتخاذ مواقف أكثر ضراوة بالملف النووي أو بملفات تحركاتهم في منطقة الشرق الأوسط كسوريا ولبنان واليمن.

وأضاف المحلل الروسي، أنه من الواضح بأن الإيرانيين يعني حاليا يسيطرون على عواصم عربية عدة. والواضح أن التوسع الإيراني يمكن أن يزداد؛ ولكن ضمن خريطة معينة، وخصوصا في سوريا. وذلك بسبب التواجد الأميركي والروسي والتركي أيضا.

وأشار بريجع، إلى أن إيران منذ سنوات تعاني عدم استطاعتها التقدم والتحرك بحرية، بسبب إحساس القوات الروسية بخطر تواجد “المليشيات الإيرانية”، التي يمكن أن تشكل مشكلة للروس في سوريا وخصوصا المليشيات أو الشركات الأمنية الخاصة كـ “فاغنر”.

ويعتقد بريجع، أن توسع النفوذ الإيراني في سوريا سيكون بحدود معينة. ولن يستطيعوا التوسع في الأماكن التي يسيطر عليها الروس؛ لأن الروس لديهم تعاون أيضا مع إسرائيل.

للقراءة أو الاستماع: زيارة علي مملوك لطهران: لقاء اعتيادي أم تنسيق شامل على خلفية الأزمة الأوكرانية؟

مؤشرات التوسع الإيراني في سوريا

خلص تقرير لمركز “جسور للدراسات”، إلى أن هنالك مؤشرات تدل على أن النفوذ الإيراني في سوريا ازداد منذ بداية العام 2022، أولها زيارة رئيس الأمن القومي، علي مملوك، لطهران في 27 شباط/فبراير الفائت، ولفته إلى الحاجة الملحة لتعزيز التنسيق الأمني ​​بين الطرفين، والاستعداد لأي تأثير محتمل للنزاع الأوكراني على البلاد.

أما المؤشر الآخر وفق تقرير “جسور”، فهو الخلايا الأمنية للمليشيات الإيرانية العاملة في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”. وارتفاع درجة الخطر الأمني ​​الذي تقدمه لقوات “التحالف الدولي” والقوات الأميركية على وجه الخصوص. وهذا يدل على تطلعات إيران لإعادة توسيع وجودها شرقي الفرات على حساب روسيا.

وما يظهر أن إيران استغلت تراجع التنسيق بين روسيا وإسرائيل اللتين لجأتا إلى استخدام الصواريخ الأرضية بدلا من الضربات الجوية خلال الشهر الماضي، هو نقل أسلحة وأنظمة استطلاع ودفاع جوي وطائرات مسيرة من العراق إلى سوريا ولبنان في شباط/فبراير الماضي. فضلا عن توسع في النشاط العسكري للمليشيات الإيرانية في درعا والسويداء جنوبي سوريا.

وبشكل غير مسبوق منذ التدخل الإيراني في سوريا، باتت الوفود الاقتصادية والتجارية تجتمع بشكل متكرر على الأراضي السورية. بما في ذلك تأكيدات رئيسي وشمخاني لعلي مملوك على ضرورة تسهيل وتسريع تنفيذ مذكرات التفاهم المشتركة في المجال الاقتصادي. مشيرين إلى أن إيران “حريصة على ضمان المشاركة الفعالة في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا”.

للقراءة أو الاستماع: احتجاجات على دعم طهران لغزو أوكرانيا.. إيران مُستعمرة روسيّة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة