مع تصاعد الحرب الروسية في أوكرانيا، وتصاعد ردود الأفعال المستنكرة والمدينة لها، تسعى دمشق لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية من وراء دعمها المثير للجدل والسخرية بين أوساط السوريين، فكانت دمشق من بين قلة قليلة رفضت إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وعملت دمشق، خلال الأيام الماضية على محاولة إظهار تأييد شعبي وإعلامي سوري للغزو الروسي لأوكرانيا، من خلال مسيرات طلابية في الجامعات السورية، وتعليق لافتات في الشوارع تدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى استعدادها لإرسال مقاتلين لدعم القتال الدائر في أوكرانيا.

مسيرات طلابية جامعية

اعتادت دمشق، على توظيف الجامعات في العديد من المناسبات السياسية، مستغلة قدرتها على إجبار الطلاب الجامعيين على تنفيذ ما يطلب إليهم عبر الأجهزة الأمنية.

فقد نقلت شبكة “شام” المحلية، أن طلاب وأساتذة جامعة دمشق، وبمشاركة مركز جامعة دمشق وحزب نفذوا ما قالوا أنها وقفة تضامنية، يوم أمس الخميس، مع روسيا وشعبها بمواجهة السياسات الأمريكية الغربية الرامية إلى تقويض أمنها واستقرارها، حسب وصفهم.

وفي نفس السياق، نقل الموقع عن مصادر إعلامية مؤخرا، الكشف عن تعميم صادرعن جامعة البعث في حمص يجبر الطلاب بالحضور إلى اجتماع بزعم مناقشة اعتراضات الطلاب وشددت على حضور أكبر عدد من الطلاب لمناقشة جميع الآراء، حسب كلامها، وسط سخرية وجدل من طريقة النظام في حشد التأييد لروسيا.

ويرى سامر الياس، الباحث في الشأن الروسي، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن ما تقوم به دمشق من إجبار طلاب الجامعات على التظاهر دعما للغزو الروسي لأوكرانيا، لا يعدو عن كونه نوعا من “النفاق الرخيص” حسب تعبيره، مضيفا أن الجانب الروسي ليس لديه الكثير ليقدمه لسوريا.

وتعتزم دمشق، إقامة وقفات مماثلة ضمن عدة مؤسسات لا سيما التعليمية في مناطق سيطرة الحكومة، تحت عنوان دعم روسيا، إضافة إلى أن شوارع العاصمة دمشق عجت بانتشار لوحات إعلانية كبيرة، في عدد من الشوارع الرئيسية في المدينة، حملت صورا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأخرى للرئيس بشار الأسد، مع عبارات دعم لروسيا في حربها على أوكرانيا، ما أثار انتقادات لاذعة حتى من قبل الموالين للنظام، حسب شبكة “شام”.

ماذا تنتظر دمشق من روسيا بعد دعمها؟

يعيش السوريون اليوم مأساة اقتصادية حقيقية، بسبب الانهيار الاقتصادي الكبير، وانهيار سعر صرف الليرة السورية، حيث بات ما يزيد عن 80 بالمئة من السوريين يحتاجون للمساعدة.

ويعتقد سامر الياس، أن الجانب الروسي، سيواصل دعم دمشق بجميع الأحوال، لكن فقط دبلوماسيا وسياسيا، في المحافل الخارجية، لأنه يرى في سوريا ورقة في يده يمكنه التفاوض عليها عندما يجد الثمن المناسب، أما من الناحية الاقتصادية فلن تحصل دمشق على أي مكاسب، وحتى الناحية السياسية، فهي رهن بصفقات أكبر بين روسيا والولايات المتحدة، لم يحن وقتها حتى الآن بين البلدين.

كما أوضح الياس، أن الحكومة السورية، تريد الإيحاء أنها والشعب السوري يساعدون روسيا، لكن في الحقيقة ليس لديهم ما يقدمونه عدا موضوع تجنيد مقاتلين مرتزقة للقتال إلى جانب رسيا في أوكرانيا.

إقرأ:مقاتلون سوريون في أوكرانيا.. ما الحقيقة؟

ماذا تحتاج روسيا من سوريا؟

في تطور جديد، في الغزو الروسي لأوكرانيا، أيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم، جلب ما أسماهم “متطوعين” من الشرق الأوسط، للقتال إلى جانب روسيا في إقليم دونباس، فيما قال وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن عددهم يبلغ نحو 16 ألف، وفق تقارير صحفية.

وفي الفائدة التي تحصلها روسيا من سوريا، قال سامر الياس، أن روسيا تستفيد من الدعم السوري في الإيحاء بأن هناك مجموعة من الدول والشعوب التي تدعم حربها في أوكرانيا، ومن بينها سوريا، مضيفا أن روسيا تسوق ذلك داخليا، على أنها قامت بدعم شعوب في مناطق مختلفة في محاربتها للإرهاب، وهي اليوم تدعم روسيا في معركتها ضد النازيين الجدد.

وأشار الياس، إلى أن روسيا تولي الدعم السوري لها وغيره، أهمية أمام الشعب الروسي، خاصة بعد أن تحولت روسيا إلى دولة منبوذة عقب التصويت الذي جرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أدانت فيه نحو 142 دولة غزوها لأوكرانيا.

أما حكومة دمشق، فتسعى دائما لتثبت أركان سلطتها، بأي شكل، وتقول أن لها حلفاء أقوياء في العالم، كروسيا والصين وإيران، وما تسميه محور المقاومة والممانعة.

قد يهمك:هل تساهم الحرب في أوكرانيا في تغيير موازين القوى في سوريا؟

إن استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا، سيؤدي إلى المزيد من الانعكاسات السلبية على مختلف دول العالم، وعلى روسيا نفسها التي ستواجه في المستقبل تهم بارتكاب ضباطها لجرائم حرب في أوكرانيا، فهناك الكثير من القضايا التي تنتظر روسيا، وبالتالي لن تكون دمشق بعيدة عن ذلك، وربما ستكون الورقة التي ستضحي بها روسيا للتخلص من بعض ما تتحمله من مسؤولية عما يجري اليوم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.