يبدو أن النيران الكاوية للغزو الذي تتسبب به روسيا على أوكرانيا لم يصب فقط السوريين داخل البلاد، إذ إن آثار هذه الحرب التي شنها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وصل إلى اللاجئين السوريين خارج البلاد وحتى في أوروبا، خصوصا بعد أن قررت الدنمارك، المعروفة بسياساتها الصارمة للهجرة، قطع المساعدات الخارجية التي تصل السوريين؛ من أجل دفع تكاليف اللاجئين الأوكرانيين المتزايدة.

لا مزيد من المساعدات الدنماركية

لجأت الدنمارك، وهي دولة معروفة باتباعها سياسة اللجوء الصفري، إلى قطع المساعدات الخارجية، اليوم الاثنين، عن مالي وسوريا وبنغلاديش من أجل تحويل الأموال للاجئين الأوكرانيين.

وكانت الحكومة الدنماركية، قد خصصت ملياري كرونة (268.6 مليون يورو) للتعامل مع الأزمة، مع توقع وصول 20 ألف لاجئ أوكراني في الأشهر المقبلة في بلد يبلغ تعداد سكانه 5.8 مليون نسمة. ومن أجل تعويض نفقات الميزانية هذه، من المتوقع أن يتم جمع الأموال اللازمة للأوكرانيين. مع تخفيضات في الإنفاق على المساعدات الخارجية للبلدان الواقعة خارج أوروبا.

وقالت رئيسة الأنشطة الخيرية للكنيسة اللوثرية الدنماركية، بيرجيت كفيست سورنسن، إن هناك أزمة في الشرق الأوسط. وتحديات ضخمة في أفريقيا بسبب أزمة المناخ، وتداعيات الحروب التي أفرزت العديد من اللاجئين، ربما سيتأثرون بقرار الحكومة.

تظهر قائمة وزارة الخارجية الدنماركية للمشاريع، التي نقلها موقع “ريمكس” الأوروبي، أن بوركينا فاسو ستتلقى أيضا تخفيضات في مساعدات التنمية الدنماركية التي تم التعهد بها سابقا. فيما سيفقد بعض لاجئي الدول الفقيرة كسوريا الدعم المالي.

وبيّن الموقع، إن “الهدف الأساسي لاستراتيجية التنمية الخارجية للحكومة، هو أنه يجب مساعدة اللاجئين في مناطق النزاع. ولكن المبدأ الأساسي توفير الدعم للاجئين في المناطق القريبة. وأصبحت الدنمارك الآن بالفعل منطقة قريبة لبلد تشهد حربا، ويتبع ذلك مسؤولية خاصة”.

و،وفقا لوزير الهجرة الدنماركي، ماتياس تسفاي، فإنه من المتوقع أن يأتي المزيد من الأوكرانيين إلى البلاد، وفي حالة حدوث ذلك، يجب أخذ المزيد من أموال ميزانية التنمية الأجنبية.

سوريا التي مزقتها الحرب والمناطق المجاورة لها ستخسر 50 مليون كرونة بسبب القرار. وستخسر مالي، التي ابتليت بالجماعات الإرهابية، 70 مليون كرونة. كما ستخسر بنغلاديش، إحدى أفقر دول العالم، 100 مليون كرونا من المساعدات الدنماركية.

للقراءة أو الاستماع: ما أسباب تضييق تركيا على اللاجئين السوريين؟

حرب أوكرانيا تهدد الإمدادات الغذائية في سوريا

من سوريا والعراق ولبنان إلى السودان واليمن، يتساءل ملايين الأشخاص في الشرق الأوسط الذين انقلبت حياتهم بالفعل بسبب الصراع والنزوح والفقر، من أين ستأتي وجباتهم التالية. حيث تمثل أوكرانيا وروسيا ثلث صادرات القمح والشعير العالمية. والتي تعتمد عليها دول الشرق الأوسط لإطعام ملايين الأشخاص الذين يعيشون على الخبز المدعوم بأسعار معقولة. كما أنهم من كبار المصدرين للحبوب الأخرى وزيت بذور عباد الشمس المستخدم في الطهي.

حتى قبل الحرب في أوكرانيا، لم يكن الناس في سوريا يحصلون على ما يكفيهم من الطعام. والآن مع الاضطرابات التجارية الناجمة عن الصراع، أصبحت المزيد من السلع إما غير ميسورة التكلفة أو غير متوفرة.

مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، لما فقيه، قالت اليوم الاثنين،  “ببساطة، لا يستطيع الناس شراء الطعام بالنوعية أو الكمية التي يحتاجون إليها، وأولئك الموجودين في البلدان المتضررة من النزاعات والأزمات … باتوا في خطر أكبر”.

“بالنسبة لملايين واللبنانيين والسوريين وغيرهم ممن يعيشون في بلدان تعاني من الصراع والانهيارات الاقتصادية الكارثية والاحتياجات الإنسانية المتزايدة، فإن هذا سيكون بمثابة إيقاف دعم حياتهم، حسب تحليل صادر عن معهد “كارنيجي ميدل” الأسبوع الماضي.

كما صرحت جويس مسويا، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ونائبة منسق الإغاثة الطارئة للأمم المتحدة، بأن 14.6 مليون شخص في سوريا يعتمدون على المساعدة هذا العام، بزيادة 9 بالمئة عن عام 2021، و32 بالمئة من عام 2020.

الجدير ذكره، أنه في سوريا، حيث خلفت الحرب أكثر من 90 بالمئة من سكان البلاد يعيشون في فقر، تضاعف سعر منتجات مثل زيت الطهي – إذا تم العثور عليه – منذ اليوم الأول للحرب في أوكرانيا . وفي الأيام الأخيرة باتت أرفف الجمعيات التعاونية الخيرية والحكومية في العاصمة دمشق شبه فارغة باستثناء السكر والمناديل.

للقراءة أو الاستماع: أزمة جديدة تزيد عبء اللاجئين السوريين في تركيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.