تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا والذي لم يتوقف حتى الآن باضطراب على مستوى العلاقات في العالم، حيث أدى إلى توتر شاب العديد من العلاقات الثنائية بين الدول الفاعلة عالميا وإقليميا، كما حدث ذلك مؤخرا بين روسيا وإسرائيل وتأثر بشكل واضح تجاه الملف السوري، بينما بقيت بعض الدول كسوريا ساحة لتصفية الحسابات.

وفي سياق توتر العلاقات الروسية- الإسرائيلية، قالت صحيفة “جيروزاليم بوست”، إن إسرائيل باتت أمام 4 سيناريوهات في سوريا معظمها سلبي بعد تدهور العلاقة مع روسيا، الأول هو أن يبقى كل شيء على حاله، أي أن تتعامل روسيا وإسرائيل إلى سوريا كملف مستقل ومنفصل، و الثاني هو أن تقوم موسكو بتغيير وجهة نظرها قليلا وتمنح إيران حرية أكبر في العمل في أجزاء من سوريا بما يشمل نقل المزيد من الصواريخ إلى سوريا أو نصب منظومات دفاع جوي إيرانية، والثالث تقديم منظومات دفاع جوي للجيش السوري لمواجهة إسرائيل.

أما السيناريو الرابع فهو، أن يمنح الكرملين حكومة دمشق المزيد من المعلومات الاستخباراتية أو المزيد من المساعدة في أشياء مثل الرادار أو كشف تفاصيل عملياتية للغارات الجوية الإسرائيلية أو تعزيز أنشطة من قبيل تسيير دوريات مشتركة مع الجيش السوري بالقرب من مرتفعات الجولان، ما يزيد من التعقيدات العملياتية لأي عملية إسرائيلية محتملة، أو البدء في بيع الأسلحة لإيران وسوريا.

أمن إسرائيل أولوية

الباحث في الشأن الروسي، سامر إلياس، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الخلافات بين الطرفين الروسي والإسرائيلي، هو خلاف ذو أبعاد تاريخية تتعلق بالسردية التاريخية الروسية للحرب العالمية الثانية، ولن يمتد للموضوع السوري، ولا يتصل بثبات الموقف الروسي من أمن إسرائيل، ما لم يؤثر ذلك في محاولة إعادة اللاجئين وإعادة إعمار سوريا، وتحويل سوريا لساحة حرب بين أطراف مختلفة، وفق التصريحات الروسية الأخيرة.

من الواضح أن توتر العلاقات بين الطرفين يتوقف في مواضيع محورية، ومن جانب آخر يرى مراقبون أن روسيا تراهن على تغييرات في تل أبيب كوصول حكومة جديدة للسلطة وذلك ما يدعوها لضبط النفس أيضا في انتظار ما يحمله الصيف القادم من تغييرات حكومية إسرائيلية تكون قادرة بعدها على انتزاع ما تريده من تل أبيب.

قد يهمك:تصعيد روسي ضد إسرائيل في سوريا.. ما حقيقة ذلك؟

إيران تزيد قوتها في سوريا بكل حال

إيران ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا استغلت الانشغال الروسي بزيادة وجودها في سوريا، وعملت خلال الشهرين الأخيرين على إعادة نشر قواتها وتغيير في مناطقها في ثلاثة مناطق رئيسية، في شرق سوريا، وفي محيط دمشق، وجنوب سوريا.

ويرى سامر إلياس، أنه بسبب انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا التي هي أكثر وجودية بالنسبة لها، على عكس سوريا التي هي ورقة جيوستراتيجية في صراع روسيا مع الغرب والتي يمكن أن ترميها في أي لحظة بعد حصولها على ثمن مناسب، فإن إيران زادت زادت من وجودها نتيجة الانشغال الروسي في أوكرانيا وحتى دون أن يكون هناك تدهور في العلاقات الروسية- الإسرائيلية.

فإيران تزيد من وجودها في سوريا، ودمشق الآن بحاجة ماسة لدعم اقتصادي وهذا يبرر الزيارة التي قام بها الأسد لطهران يوم أمس الأحد، من أجل الحصول على دعم اقتصادي في الوقود والمساعدات التي تأثرت كثيرا نتيجة نقصها من قبل روسيا.

إقرأ:قواعد لعب جديدة في سوريا بين إسرائيل وإيران

أين سوريا في مستقبل العلاقات الروسية- الإسرائيلية؟

من الواضح تماما أن روسيا استطاعت خلال السنوات الأخيرة المحافظة على علاقات الأطراف المختلفة بتوازنات دقيقة وصعبة، وخاصة في موازنة علاقاتها الاستراتيجية مع إيران وبشكل جيد، ومع إسرائيل وضماناتها بأمن إسرائيل وعدم جواز تهديده.

وحسب سامر إلياس، فإن روسيا ستواصل في الفترة المقبلة ذات التوجه، ومحاولة إمساك العصا من منتصفها والإيحاء على أنها على مسافة واحدة من إسرائيل وإيران، علما أنها تفضل تقليم أظافر إيران في سوريا، وفي نفس الوقت لا تريد أن تتحول سوريا لساحة حرب مفتوحة بين إسرائيل وإيران، وذلك من أجل المضي بمشروعها في إعادة اللاجئين وإعادة الإعمار وهو هدف اقتصادي بالدرجة الأولى، والوصول إلى حل سياسي مناسب لها.

قد يهمك:روسيا تتخلى عن نفوذها في سوريا بعد مأزق أوكرانيا؟

هناك خطوط يمكن القول أنها حمراء في العلاقات الروسية- الإسرائيلية وهي منفصلة عن أي توتر بين الطرفين، حيث أن هناك تفاهمات من الصعب تجاوزها، وفي الوقت نفسه تزداد القوة الإيرانية في سوريا وهو ما ترفضه إسرائيل وهو ما يفتح الباب لاحتمالات عديدة أحدها تحويل سوريا لساحة حرب بين الطرفين وهو ما لا يخدم المصالح الروسية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة