ضمن سياق التدافع حول تشكيل الحكومة العراقية، وبعد الخطاب الغاضب لزعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، يوم أمس الاثنين، حول تعطيل قانون الأمن الغذائي من قبل غريمه “الإطار التنسيقي” بدعوة قضائية، وتوجيهه لهم جملة اتهامات بمحاولة تركيع الشعب، وتعطيل تشكيل الحكومة، رد “الإطار” تفصيليا على ذلك.

وقال في بيان تلقى موقع “الحل نت”، نسخة منه، إن “الإطار التنسيقي يؤكد التزامه للقيام بمسؤوليته الوطنية لحماية مصالح المواطنين، ويؤكد الحاجة اليوم إلى الكلمة المسؤولة أمام الله وأبناء شعبنا وأن لا نتسبب بما يؤدي إلى إثارة الفتنه، خصوصا في ظل تربص الأعداء الذين يريدون بالعراقيين السوء”.

وأضاف: “كما وأن الخطابات الانفعالية المتشنجة لا يمكن أن تكون حلا للمشاكل التي تعصف بالبلد، ولا تقدم خدمة للمواطنين وعلينا جميعا الالتزام بقوله تعالى(وما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد)”.

اقرأ/ي أيضا: مبادرة جديدة من تحالف الصدر تجاه “الإطار التنسيقي”: ما المُتوقّع؟

استعراض تفصيلي

واستعرض الإطار موقفه من قانون “الأمن الغذائي وقرار المحكمة الاتحادية العليا بخصوصه، قائلا إنه “ومن خلال الكتلة النيابية وحلفاءه كانوا مع تخصيص مبالغ مالية كافية لتأمين الخزين الغذائي ومفردات البطاقة التموينية، ودعم الفلاحين والحماية الاجتماعية وزيادة رواتب المتقاعدين وقروض الشباب”.

وأوضح أن “ذلك وفق ما جاء به وزير المالية أثناء استضافته في مجلس النواب لمناقشة التداعيات السلبية جراء القرار السيء الصيت برفع سعر صرف الدولار، حيث اقترح الوزير حينها ارسال مشروع قانون أمن غذائي طارىء وبتخصيصات مقترحه بحدود 6-9 ترليون دينار”.

لكن “الإطار تفاجئ بإرسال حكومة تصريف الأعمال مشروع قانون بتخصيصات بلغت 30 ترليون دينار، خالي من التعيينات أو دعم الحماية الاجتماعية، عكس ما يشاع الآن”، بحسب البيان، مشيرا إلى أن “الإطار قدر مشروع الأمن الغذائي بديلا عن قانون الموازنة، حيث لجأت إلية الحكومة لتفادي تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية الخاص بنفط إقليم كردستان”، وفقا للبيان.

وذكر أن، قوى الإطار سجلت اعتراضها على ما وصفته بـ”استخدام ظروف أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وعدم وجود خزين غذائي من القمح، بإضافة تخصيصات وأبواب صرف لا تمثل ضرورة ملحة إن لم تكن باب من أبواب الفساد وسوء استخدام للوفرة المالية وتبديد ثروة الشعب”.

يرى “الإطار” أنه من الخطأ المضي بتشريع هذا القانون، ويؤكد أن “حكومة تصريف الأمور اليومية ليس من صلاحيتها تقديم مشاريع القوانين”، مبينا أنه وبسبب إصرار من أسماهم بـ”القوم”، على القانون، “دفعنا من خلال كتلتنا النيابية التي شاركت اللجنة المالية اجتماعاتها إلى بذل جهود مضنية في تقليل الضرر من هذا القانون، وما يتسبب به من فساد وهدر للمال العام”.

وأشار إلى أنه “تم تصويت نواب الإطار في اللجنة المالية بالموافقة على القضايا غير الخلافية، وكنا بانتظار عرض المسودة النهائية لمشروع القانون ومن ثم تحديد جلسة للبرلمان للتصويت على مشروع القانون المذكور، بعد اكمال التعديلات المطلوبه حفاظا على المال العام”.

وحذر”الإطار” من التشكيك والطعن بقرارت المحكمة الاتحادية، بما يمثله من “تطور خطير يؤسس للفوضى وعدم الاستقرار”، مؤكدا على “احترام قرارات القضاء والحفاظ على سمعته، كونه يمثل أهم ركن من أركان الدولة، وأي مساس به يمثل تهديدا حقيقيا للدولة واستقرارها، وذلك تعقيبا على قرار المحكمة الاتحادية العليا، المتعلق بتفسير صلاحيات “حكومة تصريف الأمور اليومية” مشيدا وبالوقت ذاته بـ”القرارات المهنية والشجاعة للمحكمة الاتحادية، والتي تأتي ضمن نطاق الدستور والقوانين النافذه والمحافظة على النظام السياسي”

وعبر “الإطار”، عن دهشته بـ”بيان الحكومة المستقيلة وما تضمنه من أعذار واهية لتبرير تقاعسها في أداء واجباتها على مختلف الأصعده طيلة المرحلة الماضية، والتي شهدت أكبر موازنة في تاريخ العراق بلغت 133 ترليون دينار لعام 2021، لم يلمس منها المواطن سوى ارتفاع نسب الفقر والبطالة والتضخم وسوء الخدمات، وعدم تسديد مستحقات الفلاحين وعجز عن تأمين خزين غذائي للبلد أضافه إلى أستشراء الفساد بشكل غير مسبوق”.

وبين، إلى أن “هذا الفساد الذي تحاول جهات سياسية نافذة وداعمة لهذه الحكومة وتهيمن على مناصب ومواقع حساسة في الحكومة والوزارات والمحافظات تحاول التملص من المسؤولية وتتهم الاخرين جزافا”.

واستغرب “الإطار” ما يثار ضده من اتهامات بتعطيل تشكيل الحكومة، قائلا إنه “ضمن موجة الخطابات المضللة، فإن ما يثار من اتهامات للإطار بتعطيل تشكيل الحكومة يثير الاستغراب، كونه يصدر من قوى تدعي بأنها الفائزه وتمثل الأغلبية، لكن يبدو أنها فشلت في مشروعها الاستحواذي وتحاول تضليل الرأي العام الذي يتابع المبادرات والمقترحات المستمرة من الإطار التنسيقي”.

واستدرك أنه “منذ بدء الأزمة السياسية يسعى الإطار لإكمال الاستحقاقات الدستورية وفق قاعدة الحوار الوطني، والحفاظ على حقوق المكون الاجتماعي الأكبر من خلال تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا حسب الدستور”.

اقرأ/ي أيضا: اجتماع جديد للاطار التنسيقي بالعراق.. هل ينجح في حل الأزمة؟

مصلحة وطنية

وأردف أنه “في هذا السياق فقد أعلن الإطار موافقته ودعمه لمبادرة كتلة النواب المستقلين، واستعداده لقبول مرشحيهم لترؤس تشكيل الحكومة وفق المواصفات المتفق عليها من كفاءة وحيادية والاستحقاقات الانتخابية”.

واختتم “الإطار” بيانه بدعوة إلى “جميع القوى السياسية، وخصوصا لمن يتهم غيره بالتعطيل إلى تغليب المصلحة الوطنية والتخلي عن سياسة الاستحواذ والانفراد بالسلطة، والتعامل بإيجابية ومسؤولية مع مبادرة كتلة النواب المستقلين، لإنهاء الأزمة السياسية، وتشكيل حكومة جديده تعالج أزمات البلد وتخفف معاناة المواطنين”.

وكانت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد قدمت في وقت سابق، مشروع قانون الأمن الغذائي، وهو متعلق بالفترة الحالية، لعدم إقرار الموازنة المالية حتى الآن، حيث يخصص مشروع القانون أكثر من 35 تريليون دينار عراقي-24.1 مليار دولار، يمكن من خلالها أن تسير الحكومة أعمالها، إلا قوى الإطار اعترضت تمريره من خلال دعوة إلى المحكمة الاتحادية.

قضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الأحد، بعدم دستورية مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، فيما ردت على استفسار مقدم من قبل رئيس الجمهورية، برهم صالح، بشأن صلاحيات تصريف الأعمال اليومية للحكومة الحالية.

وقالت المحكمة إن “حكومة تصريف الأعمال هي الحكومة المتحولة من حكومة بكامل الصلاحيات إلى حكومة محدودة الصلاحيات، بحكم الحكومة المستقيلة، وهي المستثناة من الأصل، وهو ممارسة صلاحياتها كافة، ولها رخصة التصرف في كل ما يندرج تحت مقتضيات ديمومة الدولة واستمراريتها”.

وأكدت أن “مجلس الوزراء يعد مستقيلا ويواصل تصريف الأمور اليومية التي تضمن اتخاذ القرارات والإجراءات التي من شأنها استمرار عمل سير المرافق العامة بالنظام بديمومة الدستور، واستمرار تقديم الخدمات للشعب”.

وشددت على أن “هذا لا يدخل ضمن القرارات التي تنطوي على أسباب ودوافع سياسية، ذات تأثير كبير على مستقبل العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولا يدخل كذلك ضمنها اقتراح مشاريع القوانين وعقد القروض أو التعيين في المناصب العليا للدولة والأعضاء منها، أو إعادة هيكلة الوزارات والدوائر”.

ويأتي ذلك ضمن جولة من الصراع السياسي المحتدم بين تحالف “إنقاذ وطن”، بقيادة مقتدى الصدر، و”الإطار التنسيقي”، حول آلية تشكيل الحكومة المقبلة، الذي يسعى الصدر لحكومة “أغلبية”، لا تشترك قوى “الإطار” المقربة من إيران فيها، مقابل تمسك الأخير بمشروع حكومة “توافقية” يشترك الجميع فيها.

وبناء على تلك التطورات الأخيرة الذي تصدرته قرار المحكمة الاتحادية في المشهد السياسي العراقي، وجه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، خطابا غاضبا إلى العراقيين.

وقال الصدر في خطابه الذي تابعه موقع “الحل نت”، “لم أستغرب من الثلث المعطل وتعطيله لتشكيل حكومة أغلبية، فالمنتمون له لا وجود لهم بلا سلطة”، مشيرا إلى أنه “ولكن هل وصلت الوقاحة إلى تعطيلهم للقوانين التي تنفع الشعب، فلا حكومة أغلبية جديدة قد تنفعه ولا حكومة حالية تستطيع خدمته ونفعه”.

وأضاف أنهم “يستهدفون الشعب ويريدون تركيعه والأعجب من ذلك مسايرة قبائل أفعال الثلث المعطل المشينة من حيث يعلم أو لا يعلم”.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. رد حازم من “إنقاذ وطن” تجاه “الإطار التنسيقي”

أطماع دنيوية

الصدر أشار، إلى أن “السلطة أعمت أعينهم عما يعانيه الشعب من ثقل وخوف ونقص في الأموال والأنفس وتسلط المليشيات والتبعية ومخاوف التطبيع والأوبئة والفساد الذي ملأ أرض العراق بالسرقات والخطف والقتل، حتى صار ساسة العراق مثلًا يحتذى به بالفساد والرذيلة إلا من ثلة قليلة اضمحل أثرها ولا زال يقل”.

وخاطب الصدر “الثلث المعطل” مجددا في إشارة إلى “الإطار التنسيقي”، “إن وجدتم عذرا بينكم وبين الله وبينكم وبين الشعب في تعطيل تشكيل الحكومة، فأي عذر ترتجونه أمام الخالق والخلق في تعطيلكم لقمة الشعب وكرامته، فإن لم تتقوا الله، فاتقوا غضبة الحليم والمظلوم، وللمظلوم زأرة لن تكونوا بمأمن منها”.

ووجه الصدر سؤالا استنكاريا لـ”الإطار التنسيقي”، بالقول: “هل تظنون أن أفعالكم هذه ستجبرنا على التحالف معكم، كلا وألف كلا، فلن نعيد العراق لمربع المحاصصة والفساد والتوافق المقيت، وقد جثم التوافق على صدر العراق وشعبه سنوات طوال قد حصد الأخضر واليابس”.

وخطاب الصدر، جاء بعد يوم من اعترافه بالفشل في مسعى تشكيل “حكومة أغلبية”، معلنا التوجه إلى “المعارضة الوطنية”، وبعد أن أقرت المحكمة الاتحادية برفض قانون “الأمن الغذائي”.

ويأتي ذلك، بظل عدم توصل القوى السياسية إلى تفاهمات تفضي إلى تشكيل الحكومة، وذلك بعد فشل التحالف الثلاثي “إنقاذ وطن” بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية لمرتين متتاليتين، ما أدى إلى الاستمرار بتعطل تشكيل الحكومة لأكثر من 7 أشهر على انتهاء الانتخابات التشريعية في البلاد.

وحصل الفشل، نتيجة تعذر حضور ثلثي أعضاء البرلمان للجلسة، ما أدى إلى عدم اكتمال النصاب القانوني لعقدها، والذي يتوجب حضور 220 نائبا على الأقل من أصل 329 نائبا.

ووقف “الإطار التنسيقي” وراء فشل عقد الجلستين، بعد تحقيقه للثلث المعطل، وهو عدم حضور 110 نواب على الأقل للجلسة، وحينها لن تعقد بحسب الدستور العراقي.

وأدى تأخر انتخاب رئيس الجمهورية في العراق، إلى تعطل تشكيل الحكومة، إذ أن أهمية انتخاب رئيسا جديدا للجمهورية، يكمن في تمهيده في تكليف مرشح “الكتلة الأكبر” عددا في البرلمان بتشكيل الحكومة، بحسب الدستور.

ويستمر الخلاف السياسي في العراق، حول تمسك التحالف الثلاثي – يضم الكتلة الصدرية الأكثر عددا نيابيا بـ 73 مقعدا، وتحالف السيادة الذي يضم معظم القوى السنية بـ65 مقعدا، والحزب الديمقراطي الكردستاني 31 مقعدا، بمشروع تشكيل حكومة “أغلبية”.

فيما يصر “الإطار التنسيقي” – يضم أبرز القوى الشيعية المدعومة إيرانيا بـ81 مقعدا، بأن تكون حكومة “توافقية”، يشترك الجميع فيها، وهذا ما لم يقتنع زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، به حتى الآن.

بالمقابل، يستمر الخلاف بين الحزب “الديمقراطي” وحزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” بـ17 مقعدا، المقرب من إيران، حول أحقية منصب رئاسة الجمهورية الذي يشغله الاتحاد منذ ثلاث دورات رئاسية، فيما يحاول الديمقراطي الحصول عليه هذه المرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.