الانتخابات النيابية اللبنانية جاءت وسط ظرف صعب يعيشه اللبنانيون، بسبب حالة من الانهيار الاقتصادي، ووصول الليرة اللبنانية إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار، فضلا عن الأزمة السياسية، والتداعيات التي خلفها انفجار مرفأ بيروت عام 2020.  

وكان الملف السوري وقضية اللاجئين السوريين في لبنان حاضرين في الانتخابات اللبنانية، فمع كل استقطاب سياسي في البلاد يتوقع اللاجئون السوريون نتائج سلبية على أوضاعهم، باعتبارهم في قلب الصراع السياسي والطائفي بين مختلف الفرقاء في لبنان.

وكان وزير العمل اللبناني مصطفى البيرم، المحسوب على حزب الله، قد تحدث، في تصريح سابق، عن اللاجئين السوريين، مؤكدا أنهم “باتوا عبئا، ولبنان لم يعد قادرا على أن يكون شرطيا لمصالح الدول الأخرى”.

وقال بيرم إنه “من غير المقبول أن يدفع اللبنانيون ثمن الصعوبات الاقتصادية من كيسهم، بينما يتلقى السوريون مساعدات مباشرة بالدولار”، حسب تعبيره.

فهل ستؤدي نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية، التي حملت خسائر للتحالف الحاكم في لبنان، المكون من حزب الله والتيار العوني، إلى تغير جذري في أوضاع السوريين في البلاد؟

لاجئون سوريون: “هذا ما نأمله من الانتخابات النيابية اللبنانية…”

وتعليقا على تصريحات وزير العمل اللبناني لا ينكر أسامة صمصام، وهو شاب سوري يعمل في محل ملابس في بيروت، أن “هنالك بعض الأسر السورية التي تتلقى مساعدات شهرية بالفعل، إلا أنها تعيش ظروفا صعبة بطبيعة الأحوال. فمع ارتفاع الأسعار وشح بعض المواد الأساسية لا تغير هذه المساعدات الكثير”.

متابعا في إفادته لـ”الحل نت”: “السوريون في لبنان يدفعون مصاريف أخرى، مثل الأجارات الباهظة، إضافة إلى المصاريف الإدارية. وليس لدى السوريين كثير من الخيارات في لبنان، مما دفع كثيرين منهم للتفكير بالهجرة غير الشرعية، لأن البقاء في هذا البلد يعني العيش في خوف من الترحيل، ومواجهة الواقع، الذي يزداد قسوة مع الأيام”.  

وحول الانتخابات النيابية اللبنانية يقول صمام: “ما أتمناه أن تؤدي نتائج هذه الانتخابات إلى تأسيس طبقة سياسية جديدة، لا تجعلنا نحن السوريين ورقة مساومة. يكفينا ماحل بنا حتى الآن”.

من ناحيتها تقول السيدة سعاد، وهي أم سورية لخمسة أطفال، تعمل في ورشة خياطة لبنانية: “أخشى أن تؤدي نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية إلى زيادة الضغط على السوريين. وما يهمني في الحقيقة هو أن يتم الاتفاق بين القوى السياسية حول وضعنا في لبنان، فالعودة مستحيلة إلى سوريا، وقد سمعنا بالمضايقات التي تعرض لها السوريون العائدون، والتي وصلت لدرجة اعتقالهم”.

وتؤكد في إفادتها لـ”الحل نت”: “زوجي كان معتقلا في سوريا، وهرب بعد إطلاق سراحه إلى لبنان. ونحن لا نجرؤ على العودة، خوقا من اعتقال زوجي مرة أخرى”.

وكانت السلطات في سوريا قد اعتقلت بعض العائدين من لبنان والأردن، بحسب منظمة “هيومان رايتس واتش”، التي أصدرت تقريرا، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تحدثت فيه عن مصير العائدين إلى سوريا، الذين “تعرض كثير منهم للاعتقال، أو تم تغييبهم قسريا، خلال السنوات الأربع الماضية”.

تفاؤل حذر بنتائج الانتخابات

أحمد القصير، الإعلامي سوري المقيم في لبنان، يؤكد لموقع “الحل نت” أن “نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية تبدو مريحة نوعا ما، فقد حققت القوى السياسية غير الموالية لحكومة الأسد، والمعارضة لحزب الله، إنجازات انتخابية مهمة، وعلى رأسها القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، لكنها في الوقت نفسه لم تنتصر بشكل كاسح على حزب الله”.

ويضيف القصير: “لايوجد شيء واضح إلى الآن حول انعكاسات الانتخابات اللبنانية على وضع السوريين في البلاد. وإذا نظرنا إلى البرامج الانتخابية، فلم تخصص الأحزاب اللبنانية حيزا كبيرا منها لمسألة اللاجئين السوريين، باستثناء التيار العوني، الذي يتحدث مرشحوه دوما عن ضرورة إعادة السورين إلى بلدهم”.

في هذا السياق كان اللواء أشرف ريفي، المرشح ضمن لائحة “إنقاد وطن” المعارضة، قد تحدث عن “تأثير الانتخابات النيابية اللبنانية على دور لبنان العربي في مواجهة المشروع الإيراني”.

 وقال، في تصريحات إعلامية، أن “حزب الله أحد أسباب التهجير في سوريا، ففد قاتل ضد الشعب السوري، ودفع أهالي القرى الحدودية السورية للهرب إلى لبنان”.

وأعرب ريفي عن “ارتياحه لنتائج الانتخابات النيابية اللبنانية، التي أسفرت عن تغيير نسبي في موازين القوى في البرلمان”.

مقالات قد تهمك: سجن رومية اللبناني: فرع لسجن صيدنايا السوري على الأراضي اللبنانية؟

“الانتخابات النيابية لن تغير شيئا

“لم يعد الوجود السوري، أو اتخاذ هذ الوجود ذريعة، مؤرقا للبنانيين. نعم، هم متأثرون به سلبا بشكل أو بآخر، لكن يبقى الفشل السياسي للحكومات السابقة هو السبب الأساسي لكل مشاكل لبنان”، بحسب المحامية عبير جوهر، العاملة في المجال الإنساني في إحدى المخيمات على الحدود اللبنانية- السورية.

وتضيف جوهر في حديثها لـ”الحل نت”: “جميع السياسيين هنا يدورون في دائرة الفشل السياسي نفسها، ولن يكون هناك تغيير حقيقي في نظام سياسي لم يتبدل فيه شيء منذ عشرات السنين، مهما كانت نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية”.

 وعن مستقبل اللاجئين السوريين تقول المحامية: “لن يتغير وضعهم بعد الانتخابات، فملف اللجوء عموما شأن عالمي وليس لبنانيا فقط، ويحتاج لحل عالمي. ولبنان في النهاية خاضع لقرارات المجتمع الدولي. ومع استمرار الجمود في الملف السوري سيبقى وضع اللاجئين السوريين في لبنان مجمدا”.  

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.