صناعة وتربية الدواجن في سوريا تعرضت إلى ضربة قاسية مؤخرا بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، ولفترة قريبة تكبد مربو الدواجن الصغار خسائر كبيرة، لا سيما بعد أن انخفض سعر كيلو المباع منهم للتجار بالمقارنة مع تكلفته، فدفع واقع الحال هذا المربي الصغير لإطلاق اتهام على ما يربيه بأنه يحاربه.

فروج مهرب؟

باتت لحوم الدجاج التي تزن ما بين 2-2.5 كجم تباع مقابل 5000 ليرة من مزارع الدواجن، فيما يباع الكيلو المذبوح والمنظف في السوق بـ 9500 ليرة، بهذا الفارق يظهر أن الفائز الوحيد هو التاجر “المسوق”، الذي يشتري الدجاج من مزارعه بسعر منخفض ويبيعها لمحال البيع بسعر مرتفع.

مربو الدواجن، عزوا في حديثهم لصحيفة “تشرين” المحلية، اليوم الأحد، انخفاض أسعاره لوجود فروج مهرب في الأسواق، قائلين: “على الرغم من التصريحات الأخيرة لوقف التهريب، إلا أن التهريب مستمر، ونتيجة لانخفاض الأسعار في البلدان المجاورة، بما فيها لبنان، وكمية التوريد الكبيرة، انخفضت الأسعار أيضا في سوريا، مما أسفر عن الخسارة الحالية للمربين”.

وأكد المربون، أن انخفاض الأسعار وارتفاع تكاليف الإنتاج دفع عددا كبيرا من المربين إلى التخلي عن التربية بسبب الخسائر الفادحة.

من جهته، قال أمجد أصلان، مدير مديرية دواجن اللاذقية، أنه من المتوقع ارتفاع أسعار الفروج قبل عيد الأضحى، ما يؤدي إلى تحسن في وضع المربين”، مستندا على أن  أسعار اللحوم البيضاء والحمراء عادة ما ترتفع في مثل هذه المناسبات.

وقال أصلان إن الأسباب الرئيسية للخسائر الحالية لمربي الدواجن، هي ارتفاع تكاليف الإنتاج، لا سيما الأعلاف والوقود، وأن الخسائر التي يتكبدها مربو الدواجن اليوم نتيجة لانخفاض أسعار الدواجن المهربة التي يقبل عليها المواطنين بسبب ضعف قدرتهم الشرائية، مشيرا إلى أن تكلفة إنتاج كيلوغرام من الفروج اليوم تبلغ نحو 8750 ليرة.

تسعيرة خاطئة

التسعيرة التموينية الحالية، وصفها أصلان بـ”الخاطئة”، لأن 6200 ليرة لا تعوض المربي بشكل عادل، وتزيد من الأعباء المفروضة عليه، وتساهم في استبعاد بقية المربين من عملية الإنتاج، لأن استمرار هذا السعر سيؤدي حتما إلى خروج المزيد من المربين من دورة التربية الجديدة.

وأكد أصلان، أن الغاية من زراعة أفواج جديدة في المداجن، هو تدخل جيد لصالح الزبون في السوق، متوقعا أن تتغير أسعارها بعض الشيء مع اقتراب عيد الأضحى مع بدء موعد تسويق الأضاحي.

إلى ذلك، أشار ماهر صالح، رئيس لجنة مربي الدواجن، إلى أن تكلفة إنتاج الدواجن بالعملات الأجنبية، لكنها تباع بالليرة السورية، وهذا أدى إلى غياب التسعير المتناسب مع تكلفة المنتج، وبالتالي تكبد المربين خسائر كبيرة، حيث بلغت تكلفة إنتاج  الكيلوغرام من الفروج 7800 ليرة سورية، في حين تباع من أبواب المداجن بـ 5300 إلى 5400 ليرة، أي أن الخسارة تتراوح بين 2000 و2500 ليرة للكيلوغرام الواحد في المتوسط.

وتابع صالح، أن “واقع الحال يؤثر على المربين وقدرتهم على التربية، ونتيجة لذلك سيكون هناك نقص في العرض وارتفاع كبير في الأسعار”، موضحا أن تهريب الفروج من الحدود اللبنانية عبر منطقة القصير أدى إلى انخفاض الأسعار وخسارة للمربين.

هل يختفي الفروج في سوريا؟

وفي معرض حديثه عن اعتلالات السوق، بيّن رئيس لجنة مربي الدواجن، أن نقص الوقود، ونفور الكثير من السكان المحليين من شراء الدواجن المحلية، والرغبة في تناول الخضار لتوافرها طيلة فصل الصيف، بالإضافة لعدم وجود هيئات رقابية فاعلة، أدى إلى أن المواطنين لم يلحظوا الانخفاض في أسعار الفروج سواء الحي أو المشوي، فعندما ينخفض سعر كيلو الدجاج الحي من 9000 إلى 5000 ليرة، ويبقى سعر الدجاج المشوي بين 34 و38 ألف ليرة، فذلك يتطلب رقابة تموينية صارمة.

وقال صالح، إن نسبة المربين الذين تركوا عملية التربية والإنتاج قبل شهرين كانت 80 بالمئة تقريبا، وقد ارتفعت الآن إلى 90 بالمئة بعد مسارات قاتلة، ولم يتبق سوى 10 بالمئة من المربين في الخدمة حاليا.

واقترح صالح، تحسين القدرة الشرائية للمواطنين من خلال رفع الأجور، وتقديم مساعدات حكومية فعلية للمواد الخام المستخدمة في التصنيع، وذلك لإنقاذ المربين الباقين في الخدمة.

الجدير ذكره، أن تدهور الأوضاع المعيشية في سوريا نتيجة السنوات الماضية لما مرت به البلاد، وكذلك انخفاض مستويات الرواتب ودخل المواطنين مقارنة بالواقع المعيشي، أدى إلى انخفاض القوة الشرائية عند شرائح واسعة من المواطنين وتراجع الطلب على الفروج.

ومؤخرا، وبعد دخول دفعة من الفروج المهرب من لبنان إلى سوريا، وهذه العوامل الكثيرة وجهت ضربة جديدة وشديدة لمربي الدواجن، ومع استمرار ارتفاع تكاليف الإنتاج ودخول الفروج المهرب، حتما سيؤدي ذلك إلى إجبار المربين على خفض الأسعار لتقليل الخسائر التي سيواجهونها في ظل غياب الدعم الحكومي والرقابي من دخول البضائع المهربة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.