الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي لا يزال مستمرا منذ خمسة أشهر، ألقى بظلاله على مختلف الفعاليات الدولية، حتى بات الشاغل لمعظم دول العالم، والتي تعمل بشكل متوازن على دعم أوكرانيا من جهة، ومحاولات إيجاد حل يوقف هذا الغزو.

“قمة العشرين” والغزو الروسي

اليوم الجمعة، انطلقت أعمال قمة مجموعة العشرين في مدينة بالي الإندونيسية، بمشاركة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الروسي سيرغي لافروف.

ويشمل جدول أعمال اليوم الجمعة، اجتماعا مغلقا بين كبار الدبلوماسيين من دول مجموعة العشرين بما في ذلك الصين والهند والولايات المتحدة والبرازيل وبريطانيا وكندا واليابان وجنوب إفريقيا، فضلا عن محادثات ثنائية على الهامش.

و أعلنت ريتنو مارسودي، وزيرة خارجية إندونيسيا، في افتتاح القمة، أن نظام متعدد الأقطاب هو الحل للتحديات العالمية، مضيفة أن العمل على إنهاء الحرب بأسرع ما يمكن يعد مسؤولية الجميع، وأنه يجب على أن على مجموعة العشرين أن تكون منارة لحل التحديات.

وطالبت الوزيرة، المجتمعين في قمة الـ20 بوقف الحرب في أوكرانيا بحضور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وفي سياق متصل، أشار مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، يوم أمس الخميس، إلى أنه من المهم منع أي “اضطراب أو تعطيل” لجدول أعمال مجموعة العشرين، مع ضمان عدم حدوث أي شيء يمكن أن يضفي الشرعية على “المعاملة الوحشية” الروسية لأوكرانيا، بحسب تقارير صحفية.

إقرأ:احتمالات نهاية الغزو الروسي لأوكرانيا

تصعيد كلامي

الرئيس الأميركي، جو بايدن، أعلن يوم أمس الخميس، مواصلة بلاده التنسيق مع بريطانيا لدعم الشعب الأوكراني ومحاسبة روسيا، قائلا “أتطلع لمواصلة التعاون مع الحكومة البريطانية”.

تصريحات بايدن، جاءت بعد إعلان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون استقالته من زعامة حزب المحافظين، داعيا إلى اختيار زعيم جديد سريعا بعد ضغوط جبارة واستقالات طالت حوالي 59 وزيرا ونائبا ومسؤولا بفريقه الحكومي.

ويعتبر جونسون، أحد أقوى داعمي أوكرانيا في مواجهة العملية العسكرية التي تشنها روسيا منذ 24 شباط/فبراير الماضي، حيث كان قد تعهد قبل أيام بتقديم مليار جنيه إسترليني أخرى كدعم عسكري لأوكرانيا، بما يرفع إجمالي الدعم العسكري والاقتصادي إلى 3.8 مليار جنيه إسترليني هذا العام، بالإضافة لإرسال المزيد من أنظمة الدفاع الجوي والطائرات بدون طيار ووضع 1000 جندي بريطاني في حالة تأهب حتى يمكن نشرهم بسرعة.

من جهته، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في اجتماع مع زعماء الفصائل في مجلس الدوما، أمس الخميس، أن روسيا لم تبدأ حتى الآن أيا من مهامها الجدية في أوكرانيا، قائلا “يجب أن يعلم الجميع أننا، بشكل عام، لم نبدأ أي شيء جدي بالفعل”، بحسب تقارير صحفية.

قد يهمك:روسيا بين فكيّ كماشة في أوكرانيا

احتمالات نهاية الغزو لأوكرانيا

دعوات اليوم في قمة العشرين، في إندونيسيا، من أجل وضع حد للغزو الروسي لأوكرانيا، لم ينجح فيما سبق هذه الدعوات أي مبادرة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

تقارير سابقة لـ”الحل نت”، أوضحت من خلال آراء بعض المختصين، الاحتمالات التي يمكن بموجبها، أو بموجب أحدها إنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا.

الكاتب الأميركي، توماس فريدمان، كان قد تحدث بعد نحو شهر على انطلاق الغزو لأوكرانيا، عن وجود احتمالات لنهاية الحرب، أبرزها ما أطلق عليه، “كارثة مكتملة الأركان”، يرتكب خلالها بوتين مجازر غير مسبوقة في أوكرانيا، واستمرارها سيؤدي إلى حرب تشمل أوروبا، ولكن في هذه الحالة لا بد من إيقاف بوتين أو ستتحول أوروبا لأفغانستان أخرى.

كما تحدث فريدمان، عن تسوية أسماها بـ”التسوية القذرة”، تشمل وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الروسية مقابل تنازل أوكرانيا رسميا عن المناطق الأوكرانية الشرقية الواقعة الآن تحت سيطرة روسيا، إضافة إلى تعهد رسمي صريح من كييف بعدم الانضمام إلى “الناتو”.

طه عبد الواحد، الباحث في الشأن الروسي، قال لموقع “الحل نت”، في وقت سابق، إن التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية لن تكون سهلة أبدا ولن تتم بسرعة، فالأمر معقد للغاية، وهناك تناقض كبيربين ما يريده كل طرف من المفاوضات.

أما نصر اليوسف، الباحث والخبير بالشأن الروسي، قال لموقع “الحل نت”، في وقت سابق، إن الروس يعولون على أن الغرب سيشعر بالملل من تقديم المساعدات لأوكرانيا، نتيجة للضرر الحاصل من حصار الطاقة ونتائجه كارتفاع الأسعار والتضخم، إضافة لما ستفرزه الانتخابات القادمة في الدول الغربية، والتي قد تبرز فيها أحزاب راغبة بدفع أوكرانيا للتفاوض مع الروس، بحسب تعبيره.

وأضاف اليوسف، أن مسألة إقليم دونباس، يمكن أن يفاوض الروس بشأنها، أي أن لا تكون الجمهوريتان في الإقليم مستقلتين تماما، بل أن تكونا في إطار اتحاد كونفدرالي مع أوكرانيا، وهذا هو الاحتمال الأكبر.

وبحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فإن أحد الاحتمالات، هو وقف إطلاق النار والذي يمكن أن يلجأ إليه بوتين من طرف واحد على اعتبار أن عمليته العسكرية قد اكتملت، وهذه حيلة يمكن أن تستخدمها روسيا في أي وقت، إذا أرادت الاستفادة من الضغط الأوروبي على أوكرانيا للتنازل والتخلي عن بعض أراضيها مقابل سلام افتراضي.

فيما اعتبر نصر اليوسف، في وقت سابق، بأنه لا يمكن الجزم بما يريده الغرب بشكل كامل، لكن هناك تصريح واضح لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، يقول فيه أنه يجب “ألا نسمح لبوتين بالانتصار”، إضافة للتصريحات الأميركية حول تزويد الولايات المتحدة لأوكرانيا بالسلاح شريطة عدم استخدامه في العمق الروسي، وهذا يعني أن هناك تمكين في الظاهر من قبل الغرب لأوكرانيا بتحرير أراضيها وما يعني بطبيعة الحال هزيمة روسيا.

وختم اليوسف، أن العقلية الروسية، وعقلية بوتين ستجعله يقدم على كل ما يمكن تصوره من فظائع لقاء عدم الهزيمة، “خاصة فيما يتعلق بشبه جزيرة القرم، فلن يتخلى عنها الروس مهما كلف الأمر ما دام النظام الحالي في السلطة، سواء بقي بوتين أو خرج من الحكم في انتخابات 2024”.

إقرأ:خسارات روسية متلاحقة في أوكرانيا.. ماذا بعد؟

لا تزال معالم احتمالات نهاية الغزو الروسي لأوكرانيا غير واضحة حتى الآن، وذلك بسبب التباينات والاختلافات بين الدول الغربية بشكل أو بآخر، والهمجية الروسية المستمرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.