وسط المتغيرات والتحركات والزيارات الأخيرة والمرتقبة، لا سيما زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن القريبة جدا إلى المنطقة، ووسط جمود واستعصاء المباحثات النووية الإيرانية، خاصة وقد عملت إيران على تخصيب اليورانيوم في انتهاك لأحد برامجها النووية مؤخرا، الأمر الذي يضعف ويحد من فرص توقيع اتفاقية نووية جديدة مع إيران.

إغلاق نافذة إحياء “الاتفاق النووي”

في سياق المباحثات النووية الإيرانية، وعدم التوصل إلى صيغة توافقية بعد، حتى بعدما تم نقل مقرها من فيينا إلى العاصمة القطرية، الدوحة، انتقدت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، نهج إيران بتأجيل مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، وحذرت من أنه لم يتبق سوى أسابيع قليلة على إغلاق نافذة فرصة إحياء الاتفاق النووي.

وأردفت كولونا لنواب البرلمان في بلادها، إن الوضع الحالي لم يعد مقبولا، لأن طهران استخدمت تكتيكات التأخير، وفي محادثات الدوحة عادت إلى المواقف المتفق عليها سابقا، مع الاستمرار في الوقت نفسه ببرنامجها النووي.

وتابعت كولونا: “نافذة الفرصة ستغلق في الأسابيع المقبلة. لن تكون هناك صفقة أفضل مما هو مطروح على الطاولة حاليا”، وفق تقارير صحفية.

وعلى طرف آخر، أشار مسؤول أميركي كبير في مقابلة مع وكالة “رويترز”، إلى أنه لم يتم تحديد موعد نهائي محدد لمحادثات إحياء الاتفاق النووي.

في غضون ذلك، أكد المسؤول الأميركي ذاته، أن فرص التوصل إلى نتيجة في هذه المفاوضات تتضاءل يوما بعد يوم، ولم تنقل طهران أي اقتراحات جديدة لواشنطن في المفاوضات غير المباشرة بالدوحة.

قد يهمك: إيران تزيد تخصيب اليورانيوم.. إعلان لوفاة الملف النووي؟

“سياسة تضيع الوقت”

في وقت سابق، أكدت واشنطن والاتحاد الأوروبي انتهاء جولة المفاوضات غير المباشرة، بين إيران والولايات المتحدة التي عقدت في الدوحة، مؤخرا، دون إحراز أي تقدم.

وكان منسق شؤون المفاوضات الأوروبي إنريكي مورا هو الوسيط في هذه الجولة، في حين جلس كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري والمبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران روبرت مالي في غرفتين منفصلتين.

في سياق مواز، يعتقد المحلل السياسي الإيراني، مهدي عقبائي، أن “استئناف إيران المفاوضات مرة أخرى في بلد جديد وبرغبتها قادمٌ من عدة منطلقات، وهي: العقوبات مستمرة على طهران، والمأزق الاقتصادي يفرض عليها مزيدا من الضغوط، خاصة مع صدور قرار من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد طهران، يمهد لإحالة القضية إلى مجلس الأمن”.

وأضاف عقبائي، في حديثه السابق لـ”الحل نت”، أنه “من الطبيعي أن تلجأ طهران في كل هذه الظروف مرة أخرى إلى سياسة الخداع والتستر لكسب الوقت. وبالفعل فقد سرّبت مؤخرا أنباء عن استعدادها للتراجع عن مطالبتها بسحب الحرس الثوري الإيراني، من قائمة الإرهاب؛ ولكن فإن الهدف وراء كل هذا، هو محاولة الالتفاف على هذه الموجة بالإيحاء أن إيران مستعدة لتقديم تنازلات، حيث تم استخدام نفس السياسة عدة مرات بسبب سياسة التهدئة والاسترضاء المتّبعة من جانب الغرب”.

وفي إطار استراتيجية سياسة إيران، قال المحلل السياسي، مهدي عقبائي، “دعونا لا ننسى ما قاله حسن روحاني، الرئيس السابق ورئيس مجلس الأمن القومي التابع للنظام الإيراني، الذي اعترف بصراحة في مذكراته: كان الهدف الرئيسي من نشاطنا الدبلوماسي، أولا، خلق فرص لاستكمال التكنولوجيا وقدرة الدولة الموثوقة على تخصيب اليورانيوم، وثانيا، بناء الثقة وتبديد الاتهامات والشكوك”.

لذلك، وبحسب اعتقاد عقبائي، “ليس لطهران أي غرض أو هدف سوى خداع المجتمع الدولي، وكسب الوقت من الضجة التي أحدثتها بشأن استعدادها لاستئناف المفاوضات. إذا كانت تريد التفاوض حقا، فلماذا لم تتفاوض منذ سنوات عديدة”.

وأضاف عقبائي، ضمن حديثه الخاص لـ “الحل نت”، عدم تنازل إيران عن أمرين رئيسيين، حيث قال: “لن تتنازل إيران عن أولويتين سواء نجحت المفاوضات أم لا، أحدهما مشاريعه النووية- حتى ولو بطرق غير مشروعة- والآخر تدخله في المنطقة، وبسط نفوذها قدر المستطاع”.

زيادة تخصيب اليورانيوم

الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، قالت في تقرير لها مؤخرا، أن إيران زادت من مستوى تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة متطورة في منشأة فوردو الموجودة تحت الأرض، بحسب وكالة “رويترز” للأنباء.

وأضاف التقرير السري الموجّه للدول الأعضاء، أن الوكالة تحققت من أن إيران بدأت في تغذية مجموعة تتألف من 166 من أجهزة الطرد المركزي من طراز “آي آر 6″، بغاز سداسي فلوريد اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 5 بالمئة.

وكانت وكالة “رويترز” قد نقلت قبل أسابيع عن تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران ستعزز وتيرة تخصيب اليورانيوم، إذ تستعد لتشغيل مجموعة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة “آي آر 6″، في موقع فوردو تحت الأرض، والتي يمكنها التبديل بسهولة بين مستويات التخصيب.

وأوضح التقرير، أن مفتشي الوكالة تحققوا مطلع الشهر الجاري، من أن إيران استعدت لضخ غاز سادس فلوريد اليورانيوم، وهي المادة التي تخصبها أجهزة الطرد المركزي، في المجموعة الثانية من اثنتين من مجموعات “آي آر 6” في منشأة فوردو، التي تقع في بطن جبل.

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تعتبر السلسلة المؤلفة من 166 جهازا، هي الوحيدة التي تحتوي على ما يسمى “الرؤوس الفرعية المعدلة” التي تسهل عملية التحول إلى التخصيب بدرجات نقاء أخرى.

ويُعد تعزيز تخصيب اليورانيوم في فوردو، أحدث خطوة ضمن خطوات عديدة كانت إيران هددت باتخاذها منذ فترة طويلة، لكنها أحجمت عن تنفيذها إلى أن تبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضي قرارا، ينتقد طهران بدعوى تقاعسها عن تفسير وجود آثار يورانيوم في مواقع لم تعلن عنها.

وردا على هذا القرار، أمرت إيران بإزالة كاميرات الوكالة المثبتة بموجب اتفاق 2015، ومضت قدما في تركيب أجهزة الطرد المركزي “آي آر 6” في محطة تحت الأرض في نطنز، حيث يسمح لها الاتفاق بالتخصيب؛ ولكن فقط باستخدام أجهزة “آي آر 1″، الأقل كفاءة. ولا يسمح الاتفاق بتخصيب اليورانيوم في فوردو.

ومن الجدير بالذكر، أن استمرار إيران بعمليات التخصيب وفق النهج الحالي، قد تؤدي لاقتراب المستوى من نسبة الـ90 بالمئة، وهو الخط الأحمر للمجتمع الدولي، ما يؤدي إلى انهيار الاتفاق حول الملف النووي بالكامل.

قد يهمك: إسرائيل تلوح بضرورة إعادة فرض العقوبات على إيران.. ما علاقة الملف النووي؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.